[ ص: 367 ] الشبلي
شيخ الطائفة أبو بكر ، الشبلي البغدادي . قيل : اسمه دلف بن جحدر ، وقيل : جعفر بن يونس . وقيل : جعفر بن دلف .
أصله من
الشبلية قرية ، ومولده
بسامراء .
وكان أبوه من كبار حجاب الخلافة ، وولي هو حجابة
أبي أحمد الموفق ثم لما عزل
أبو أحمد من ولاية ، حضر
الشبلي مجلس بعض الصالحين ، فتاب ثم صحب
الجنيد وغيره ، وصار من شأنه ما صار .
وكان فقيها عارفا بمذهب
مالك ، وكتب الحديث عن طائفة ، وقال الشعر ، وله ألفاظ وحكم وحال وتمكن ; لكنه كان يحصل له جفاف دماغ وسكر ، فيقول أشياء يعتذر عنه ، فيها بأو لا تكون قدوة .
[ ص: 368 ] حكى عنه :
محمد بن عبد الله الرازي ،
ومحمد بن الحسن البغدادي ،
ومنصور بن عبد الله الهروي الخالدي ،
وأبو القاسم عبد الله بن محمد الدمشقي ،
وابن جميع الغساني ، وآخرون .
قيل : إنه مرة قال : آه . فقيل له : من أي شيء ؟ قال : من كل شيء .
وقيل : إن
ابن مجاهد قال له : أين في العلم إفساد ما ينفع . قال : قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=33فطفق مسحا بالسوق والأعناق ولكن يا مقرئ أين معك أن المحب لا يعذب حبيبه ؟ فسكت
ابن مجاهد ، قال : قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم ؟
وعنه ، قال : ما قلت : الله ، إلا واستغفرت الله من قولي : الله
قال
أحمد بن عطاء الروذباري : سمعت
الشبلي ، يقول : كتبت الحديث عشرين سنة ، وجالست الفقهاء عشرين سنة . وكان له يوم الجمعة صيحة ، فصاح يوما ، فتشوش الخلق ، فحرد
أبو عمران الأشيب والفقهاء فجاء إليهم
الشبلي ، فقالوا
يا أبا بكر إذا اشتبه عليها دم الحيض بالاستحاضة ما تصنع ؟ فأجاب بثمانية عشر جوابا ، فقام
أبو عمران ، فقبل رأسه .
[ ص: 369 ] وكان -رحمه الله- لهجا بالشعر الغزل والمحبة ، وله ذوق في ذلك ، وله مجاهدات عجيبة انحرف منها مزاجه .
قال
السلمي : سمعت
محمد بن الحسن ، سمعت
الشبلي ، يقول : أعرف من لم يدخل في هذا الشأن حتى أنفق جميع ملكه ، وغرق سبعين قمطرا بخطه ، في دجلة التي ترون ، وحفظ " الموطأ " ، وتلا بكذا وكذا قراءة -يعني : نفسه .
وسئل : ما علامة العارف ؟ قال : صدره مشروح ، وقلبه مجروح ، وجسمه مطروح .
توفي
ببغداد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة عن نيف وثمانين سنة .
[ ص: 367 ] الشِّبْلِيُّ
شَيْخُ الطَّائِفَةِ أَبُو بَكْرٍ ، الشِّبْلِيُّ الْبَغْدَادِيُّ . قِيلَ : اسْمُهُ دُلَفُ بْنُ جَحْدَرٍ ، وَقِيلَ : جَعْفَرُ بْنُ يُونُسَ . وَقِيلَ : جَعْفَرُ بْنُ دُلَفَ .
أَصْلُهُ مِنَ
الشِّبْلِيَّةِ قَرْيَةٌ ، وَمَوْلِدُهُ
بِسَامَرَّاءَ .
وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ حُجَّابِ الْخِلَافَةِ ، وَوَلِيَ هُوَ حِجَابَةَ
أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ ثُمَّ لَمَّا عُزِلَ
أَبُو أَحْمَدَ مِنْ وِلَايَةٍ ، حَضَرَ
الشِّبْلِيُّ مَجْلِسَ بَعْضِ الصَّالِحِينَ ، فَتَابَ ثُمَّ صَحِبَ
الْجُنَيْدَ وَغَيْرَهُ ، وَصَارَ مِنْ شَأْنِهِ مَا صَارَ .
وَكَانَ فَقِيهًا عَارِفًا بِمَذْهَبِ
مَالِكٍ ، وَكَتَبَ الْحَدِيثَ عَنْ طَائِفَةٍ ، وَقَالَ الشِّعْرَ ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ وَحِكَمٌ وَحَالٌ وَتَمَكُّنٌ ; لَكِنَّهُ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ جَفَافُ دِمَاغٍ وَسُكْرٌ ، فَيَقُولُ أَشْيَاءَ يُعْتَذَرُ عَنْهُ ، فِيهَا بَأْوٌ لَا تَكُونُ قُدْوَةً .
[ ص: 368 ] حَكَى عَنْهُ :
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ ،
وَمَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ الْخَالِدِيُّ ،
وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ ،
وَابْنُ جُمَيْعٍ الْغَسَّانِيِّ ، وَآخَرُونَ .
قِيلَ : إِنَّهُ مَرَّةً قَالَ : آهِ . فَقِيلَ لَهُ : مَنْ أَيِّ شَيْءٍ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ شَيْءٍ .
وَقِيلَ : إِنَّ
ابْنَ مُجَاهِدٍ قَالَ لَهُ : أَيْنَ فِي الْعِلْمِ إِفْسَادُ مَا يَنْفَعُ . قَالَ : قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=33فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ وَلَكِنْ يَا مُقْرِئُ أَيْنَ مَعَكَ أَنَّ الْمُحِبَّ لَا يُعَذِّبُ حَبِيبَهُ ؟ فَسَكَتَ
ابْنُ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ ؟
وَعَنْهُ ، قَالَ : مَا قُلْتُ : اللَّهُ ، إِلَّا وَاسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ مِنْ قَوْلِي : اللَّهُ
قَالَ
أَحْمَدُ بْنُ عَطَاءٍ الرُّوذْبَارِيُّ : سَمِعْتُ
الشِّبْلِيَّ ، يَقُولُ : كَتَبْتُ الْحَدِيثَ عِشْرِينَ سَنَةً ، وَجَالَسْتُ الْفُقَهَاءَ عِشْرِينَ سَنَةً . وَكَانَ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَيْحَةٌ ، فَصَاحَ يَوْمًا ، فَتَشَوَّشَ الْخَلْقُ ، فَحَرِدَ
أَبُو عِمْرَانَ الْأَشْيَبُ وَالْفُقَهَاءُ فَجَاءَ إِلَيْهِمُ
الشِّبْلِيُّ ، فَقَالُوا
يَا أَبَا بَكْرٍ إِذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهَا دَمُ الْحَيْضِ بِالِاسْتِحَاضَةِ مَا تَصْنَعُ ؟ فَأَجَابَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ جَوَابًا ، فَقَامَ
أَبُو عِمْرَانَ ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ .
[ ص: 369 ] وَكَانَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لَهِجًا بِالشِّعْرِ الْغَزَلِ وَالْمَحَبَّةِ ، وَلَهُ ذَوْقٌ فِي ذَلِكَ ، وَلَهُ مُجَاهَدَاتٌ عَجِيبَةٌ انْحَرَفَ مِنْهَا مِزَاجُهُ .
قَالَ
السُّلَمِيُّ : سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ، سَمِعْتُ
الشِّبْلِيَّ ، يَقُولُ : أَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الشَّأْنِ حَتَّى أَنْفَقَ جَمِيعَ مُلْكِهِ ، وَغَرَّقَ سَبْعِينَ قِمْطَرًا بِخَطِّهِ ، فِي دِجْلَةَ الَّتِي تَرَوْنَ ، وَحَفِظَ " الْمُوَطَّأَ " ، وَتَلَا بِكَذَا وَكَذَا قِرَاءَةً -يَعْنِي : نَفْسَهُ .
وَسُئِلَ : مَا عَلَامَةُ الْعَارِفِ ؟ قَالَ : صَدْرُهُ مَشْرُوحٌ ، وَقَلْبُهُ مَجْرُوحٌ ، وَجِسْمُهُ مَطْرُوحٌ .
تُوُفِّيَ
بِبَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً .