الفارابي
شيخ الفلسفة الحكيم أبو نصر ، محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ ، التركي الفارابي المنطقي ، أحد الأذكياء .
[ ص: 417 ] له تصانيف مشهورة ، من ابتغى الهدى منها ، ضل وحار ، منها تخرج ، نسأل الله التوفيق . ابن سينا
وقد أحكم أبو نصر العربية بالعراق ، ولقي متى بن يونس صاحب المنطق ، فأخذ عنه ، وسار إلى حران ، فلزم بها يوحنا بن جيلان النصراني . وسار إلى مصر ، وسكن دمشق .
فقيل : إنه دخل على الملك وهو بزي سيف الدولة بن حمدان الترك . وكان فيما يقال : يعرف سبعين لسانا ، وكان والده من أمراء الأتراك ، فجلس في صدر المجلس ، وأخذ يناظر العلماء في فنون ، فعلا كلامه ، وبان فضله ، وأنصتوا له ، ثم إذا هو أبرع من يضرب بالعود ، فأخرج عودا من خريطة وشده ولعب به ، ففرح كل أهل المجلس ، وضحكوا من الطرب ، ثم غير الضرب ، فنام كل من هناك حتى البواب فيما قيل ، فقام وذهب .
ويقال : إنه هو أول من اخترع القانون .
وكان يحب الوحدة ، ويصنف في المواضع النزهة ، وقل ما يبيض منها .
[ ص: 418 ] وكان يتزهد زهد الفلاسفة ، ولا يحتفل بملبس ولا منزل ، أجرى عليه ابن حمدان في كل يوم أربعة دراهم .
ويقال : إنهم سألوه أنت أعلم أو أرسطو ؟ فقال : لو أدركته لكنت أكبر تلامذته .
ولأبي نصر نظم جيد ، وأدعية مليحة على اصطلاح الحكماء .
ذكره أبو العباس بن أبي أصيبعة ، وسرد أسامي مصنفاته وهي كثيرة ، منها مقالة في إثبات الكيمياء ، وسائر تواليفه في الرياضي والإلهي .
وبدمشق كان موته في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة عن نحو من ثمانين سنة ، وصلى عليه الملك سيف الدولة بن حمدان ، وقبره بباب الصغير .