أبو الوليد الفقيه 
الإمام الأوحد الحافظ المفتي ، شيخ خراسان  أبو الوليد حسان بن محمد بن أحمد بن هارون النيسابوري الشافعي العابد . 
 [ ص: 493 ] ولد بعد السبعين ومائتين . 
وسمع من : أبي عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي  ، وابن خزيمة  وعدة ببلده ،  والحسن بن سفيان  بنسا  ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي  ببغداد  ، وهذه الطبقة . وتفقه بأبي العباس بن سريج  ، وهو صاحب وجه في المذهب . 
ومن أغرب ما أتى به أنه قال : من كرر الفاتحة مرتين بطلت صلاته ، وهذا خلاف نص الإمام . 
وقال : الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم ، والتزم أنه هو المذهب لصحة الأحاديث فيه . وهذا فيه نظر ; لأن الإمام ما ضعف الأحاديث ، بل ادعى نسخها . 
 [ ص: 494 ] حدث عنه :  الحاكم  ، وابن منده  ، وأبو طاهر بن محمش  ، والقاضي أحمد بن الحسن الحيري  ، وأبو الفضل أحمد بن محمد السهلي الصفار  ، وعدة . 
قال  الحاكم   : صنف أبو الوليد   " المستخرج على صحيح مسلم   " ، وصنف " الأحكام " على مذهب الشافعي . 
قال أبو سعد الأديب   : سألت أبا علي الثقفي  ، فقلت : من نسأل بعدك ؟ قال : أبا الوليد   . 
قال  الحاكم   : سمعت الأستاذ أبا الوليد  يقول : قال لي أبي : أي شيء تجمع ؟ قلت : أخرج على كتاب  البخاري  ، فقال : عليك بكتاب مسلم   ; فإنه أكثر بركة ، فإن  البخاري  كان ينسب إلى اللفظ . 
قال محمد بن الذهلي   : ومسلم  أيضا نسب إلى اللفظ ، ألا تراه كيف قام من مجلس الذهلي  على رأس الملأ لما قال : ألا من كان يقول بقول  محمد بن إسماعيل  ، فلا يقربنا ؟ فهذه مسألة مشكلة ، وقد كان  أحمد بن حنبل  وغيره لا يرون الخوض في هذه المسألة ، مع أن  البخاري   -رحمه الله- ما صرح بذلك ، ولا قال : ألفاظنا بالقرآن مخلوقة ; بل قال : أفعالنا مخلوقة ، والمقروء الملفوظ هو كلام الله تعالى ، وليس بمخلوق ، فالسكوت عن توسع العبارات أسلم للإنسان . 
 [ ص: 495 ] ولقد كان أبو الوليد  هذا من أركان الدين . ولما توفي رثاه أبو طاهر بن محمش  الفقيه ، أحد تلامذته بقصيدة ستين بيتا . 
قال  الحاكم   : أرانا أبو الوليد  نقش خاتمه " الله ثقة حسان بن محمد   " ، وقال : أرانا عبد الملك بن محمد بن عدي  نقش خاتمه " الله ثقة عبد الملك بن محمد   " وقال : أرانا الربيع  نقش خاتمه " الله ثقة الربيع بن سليمان   " ، وقال : كان نقش خاتم  الشافعي   " الله ثقة محمد بن إدريس   " . هذا إسناد ثابت . 
مات أبو الوليد  في شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وثلاثمائة عن اثنتين وسبعين سنة . 
قال  الحاكم   : هو أبو الوليد القرشي الأموي الشافعي  ، إمام أهل الحديث بخراسان  ، وأزهد من رأيت من العلماء وأعبدهم . تفقه ببغداد  على ابن سريج   . 
قلت : مات معه عالم أصبهان  القاضي أبو أحمد العسال  ، وحافظ خراسان  أبو علي الحسين بن علي بن زيد النيسابوري  ، ومسند العصر بمصر  أبو الفوارس أحمد بن محمد السندي الصابوني  ، ومسند بغداد  أحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي العطشي  ، وأبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الخراساني  ، ومسند دمشق  أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح سنان المخزومي  ، وشيخ القراء أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم  ، والمعمر  [ ص: 496 ] أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمرويه بن علم الصفار  ، وأبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي  ببغداد   . 
أخبرنا أحمد بن هبة الله  ، أنبأنا القاسم بن عبد الله الصفار  ، أخبرتنا عائشة بنت أحمد  ، أخبرنا الحسن بن علي البستي  ، أخبرنا يحيى بن إبراهيم المزكي  ، حدثنا الزاهد إمام عصره أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه  ، حدثنا  أبو عبد الله البوشنجي  ، حدثنا يحيى بن بكير  ، حدثني الليث  ، عن ابن الهاد  ، عن ابن شهاب  ، عن عروة  ، عن عائشة  ، قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو في صلاته : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم الحديث . 
				
						
						
