[ ص: 529 ] ابن بطة 
الإمام القدوة ، العابد الفقيه المحدث ، شيخ العراق  أبو عبد الله ، عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري الحنبلي ، ابن بطة  ، مصنف كتاب " الإبانة الكبرى " في ثلاث مجلدات . 
روى عن :  أبي القاسم البغوي  ، وابن صاعد  ، وأبي ذر بن الباغندي  ، وأبي بكر بن زياد النيسابوري  ، وإسماعيل الوراق  ، والقاضي المحاملي  ،  ومحمد بن مخلد  ، وأبي طالب أحمد بن نصر الحافظ  ، ومحمد بن أحمد بن ثابت العكبري  ، ورحل في الكهولة فسمع من علي بن أبي العقب  بدمشق  ، ومن أحمد بن عبيد الصفار  بحمص  ، وجماعة . 
حدث عنه : أبو الفتح بن أبي الفوارس  ،  وأبو نعيم الأصبهاني  ، وعبيد الله الأزهري  وعبد العزيز الأزجي  ، وأحمد بن محمد العتيقي  ، وأبو إسحاق البرمكي  ، وأبو محمد الجوهري  ، وأبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي  ، وآخرون ، وآخر من روى عنه بالإجازة علي بن أحمد بن البسري   . 
قال عبد الواحد بن علي العكبري   : لم أر في شيوخ الحديث ولا في غيرهم أحسن هيئة من  ابن بطة  رحمه الله . 
قال الخطيب   : حدثني أبو حامد الدلوي  ، قال : لما رجع  ابن بطة  من  [ ص: 530 ] الرحلة لازم بيته أربعين سنة ، لم ير في سوق ولا رئي مفطرا إلا في عيد ، وكان أمارا بالمعروف ، لم يبلغه خبر منكر إلا غيره . 
وقال أبو محمد الجوهري   : سمعت أخي الحسين  ، يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فقلت : يا رسول الله قد اختلفت علي المذاهب ، فقال : عليك بابن بطة  ، فأصبحت ولبست ثيابي ، ثم أصعدت إلى عكبرا  ، فدخلت وابن بطة  في المسجد ، فلما رآني قال لي : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
قال العتيقي   : توفي  ابن بطة   -وكان مستجاب الدعوة - في المحرم سنة سبع وثمانين وثلاثمائة . 
قال  ابن بطة   : ولدت سنة أربع وثلاثمائة ، وكان لأبي ببغداد  شركاء ، فقال له أحدهم : ابعث بابنك إلى بغداد  ليسمع الحديث ، قال : هو صغير ، قال : أنا أحمله معي ، فحملني معه ، فجئت فإذا ابن منيع  يقرأ عليه الحديث . فقال لي بعضهم : سل الشيخ أن يخرج إليك " معجمه " ، فسألت ابنه ، فقال : نريد دراهم كثيرة ، فقلت : لأمي طاق ملحم آخذه منها وأبيعه ، قال : ثم قرأنا عليه " المعجم " في نفر خاص في نحو عشرة أيام ، وذلك في آخر سنة خمس عشرة وأول سنة ست عشرة ، فأذكره قال : حدثنا إسحاق الطالقاني  سنة أربع وعشرين ومائتين ، فقال المستملي   : خذوا هذا قبل أن يولد كل محدث على وجه الأرض اليوم ، وسمعت المستملي وهو أبو عبد الله بن مهران  ، يقول له : من ذكرت يا ثبت الإسلام . 
قلت :  لابن بطة  مع فضله أوهام وغلط . 
 [ ص: 531 ] أنبأنا المؤمل بن محمد  ، أخبرنا أبو اليمن الكندي  ، أخبرنا الشيباني  ، أخبرنا أبو بكر الخطيب  ، حدثني عبد الواحد بن علي الأسدي  ، قال لي أبو الفتح بن أبي الفوارس   : روى  ابن بطة  ، عن البغوي  ، عن مصعب بن عبد الله  ، عن مالك  ، عن الزهري  ، عن أنس  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : طلب العلم فريضة على كل مسلم  . 
قال الخطيب   : هذا باطل ، والحمل فيه على  ابن بطة   . 
قلت : أفحش العبارة ، وحاشى الرجل من التعمد ، لكنه غلط ودخل عليه إسناد في إسناد . 
وبه قال الخطيب   : أخبرنا العتيقي  ، أخبرنا  ابن بطة  ، حدثنا البغوي  ، حدثنا مصعب  عن مالك  ، عن  هشام بن عروة  بحديث : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا قال الخطيب   : وهو باطل بهذا الإسناد . 
قال الخطيب   : أخبرنا عبد الواحد بن علي  ، قال لي الحسن بن  [ ص: 532 ] شهاب   : سألت  ابن بطة   : أسمعت من البغوي  حديث علي بن الجعد  ؟ قال : لا . قال عبد الواحد   : وكنت قد رأيت في كتب  ابن بطة  نسخة بحديث علي بن الجعد  قد حكها ، وكتب بخطه سماعه فيها ، فذكرت ذلك للحسن بن شهاب  ، فعجب منه . 
قال عبد الواحد   : وروى  ابن بطة  ، عن النجاد  ، عن العطاردي  ، فأنكر علي بن ينال  عليه ، وأساء القول فيه ، حتى همت العامة بابن ينال  ، فاختفى ، ثم تتبع  ابن بطة  ما خرجه كذلك ، وضرب عليه . 
وقال عبيد الله الأزهري   :  ابن بطة  ضعيف ، وعندي عنه " معجم البغوي   " ، ولا أخرج عنه في الصحيح شيئا . 
وقال حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق   : لم يسمع  ابن بطة  الغريب من بن عزيز  ، وقال : ادعى سماعه . 
قال الخطيب   : وروى  ابن بطة  كتب  ابن قتيبة  ، عن ابن أبي مريم الدينوري  ، عنه ، ولا يعرف ابن أبي مريم   . 
وروى  ابن بطة  في " الإبانة " : حدثنا إسماعيل الصفار  ، حدثنا الحسن بن عرفة  ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن حميد  ، عن عبد الله بن الحارث  ، عن ابن مسعود  حديث : " كلم الله موسى  وعليه جبة صوف ونعلان من جلد حمار غير ذكي ، فقال : من ذا العبراني الذي يكلمني من الشجرة ؟ قال : أنا [ ص: 533 ] الله  " . فتفرد  ابن بطة  برفعه ، وبما بعد " غير ذكي " . 
وكذا غلط  ابن بطة  في روايات عن حفص بن عمر الأردبيلي  ، أنبأنا  رجاء بن مرجى  ، فأنكر  الدارقطني  هذا ، وقال : حفص  يصغر عن هذا ، فكتبوا إلى أردبيل  يسألون ابنا لحفص  ، فعاد جوابهم بأن أباه لم ير رجاء  قط فتتبع  ابن بطة  النسخ ، وجعل ذلك عن ابن الراجيان  ، عن الفتح بن شخرف  ، عن رجاء   . 
قلت : فبدون هذا يضعف الشيخ . 
ومر موته في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة . 
وفيها مات القدوة أبو علي أحمد بن محمد بن علي القومساني النهاوندي   -صحب الشبلي   - وأبو القاسم بن الثلاج  ، وعبيد الله بن أبي غالب المصري  ، وعلي بن عبد العزيز بن مردك  ، وصاحب الري  فخر الدولة علي بن ركن الدولة بن بويه  ، وشيخ الحنابلة أبو حفص العكبري  ، وأبو ذر عمار بن محمد التميمي  ، ببخارى  ، وأبو الحسين بن سمعون  ، وحفيد  أبي بكر بن خزيمة  ، وآخرون . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					