ابن المستنصر صاحب الأندلس ، بايعوه صبيا ، فقام بتشييد الدولة الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر ، فكان من رجال الدهر رأيا وحزما ، ودهاء وشجاعة وإقداما - أعني الحاجب - فعمد أول تغلبه إلى خزائن كتب الحكم ، فأبرز ما فيها بمحضر من العلماء ، وأمر بإفراز ما فيها من تصانيف الأوائل والفلاسفة ، حاشا كتب الطب والحساب ، وأمر بإحراقها فأحرقت ، وطمر بعضها ، ففعل ذلك تحببا إلى العوام ، وتقبيحا لمذهب الحكم .
ولم يزل المؤيد بالله هشام غائبا عن الناس لا يظهر ولا ينفذ أمرا .
وكان ابن أبي عامر ممن طلب العلم والأدب ، ورأس وترقى ، وساعدته المقادير ، واستمال الأمراء والجيش بالأموال ، ودانت لهيبته الرجال ، [ ص: 124 ] وتلقب بالمنصور ، واتخذ الوزراء لنفسه ، وبقي المؤيد معه صورة بلا معنى ؛ لأن المؤيد كان أخرق ، ضعيف الرأي ، وكان للمنصور نكاية عظيمة في الفرنج ، وله مجلس في الأسبوع يجتمع إليه فيه الفضلاء للمناظرة ، فيكرمهم ويحترمهم ويصلهم ، ويجيز الشعراء ، افتتح عدة أماكن ، وملأ الأندلس سبيا وغنائم ، حتى بيعت بنت عظيم من عظماء الروم ذات حسن وجمال بعشرين دينارا ، وكان إذا فرغ من قتال العدو ، نفض ما عليه من غبار المصاف ، ثم يجمعه ويحتفظ به ، فلما احتضر أمر بما اجتمع له من ذلك بأن يذر على كفنه ، وغزا نيفا وخمسين غزوة ، وتوفي مبطونا شهيدا وهو بأقصى الثغر ، بقرب مدينة سالم ، سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة .
وكان أول شيء حاجبا للمؤيد بالله ، فكان يدخل عليه القصر ، ويخرج فيقول : أمر أمير المؤمنين بكذا ، ونهى عن كذا . فلا يخالفه أحد ، ولا يعترض عليه معترض ، وكان يمنع المؤيد من الاجتماع بالناس ، وإذا كان بعد مدة ركبه ، وجعل عليه برنسا ، وألبس جواريه مثله ، فلا يعرف المؤيد من بينهن ، فكان يخرج يتنزه في الزهراء ، ثم يعود إلى القصر على هذه الصفة .
ولما توفي الحاجب بن أبي عامر ، قام في منصبه ابنه الملقب بالمظفر : أبو مروان عبد الملك بن محمد . وجرى على منوال والده ، فكان ذا سعد عظيم ، وكان فيه حياء مفرط يضرب به المثل ، لكنه كان من الشجعان المذكورين ، فدامت الأندلس في أيامه في خير وخصب وعز إلى أن مات في صفر ، سنة تسع وتسعين وثلاثمائة . [ ص: 125 ]
وقام بتدبير دولة المؤيد بالله الناصر عبد الرحمن أخو المظفر المذكور المعروف بشنشول فعتا وتمرد ، وفسق وتهتك ، ولم يزل بالمؤيد بالله حتى خلع نفسه من الخلافة ، وفوضها إلى شنشول هذا مكرها ، في جمادى الآخرة ، سنة تسع وتسعين وثلاثمائة .
ومن قصة شنشول -ويقال : شنجول وهو أصح - أن أباه المنصور غزا غزوة البررت ، وهو مكان مضيق بين جبلين لا يمشيه إلا فارس بعد فارس ، فالتقى الروم هناك ، ثم نزل ، وأمر برفع الخيام وبناء الدور والسور ، واختط قصرا لنفسه ، وكتب إلى ابنه ومولاه واضح بالنيابة على البلاد ، يقول في كتابه : ولما أبصرت بلاد أرغون ، استقصرت رأي الخلفاء في ترك هذه المملكة العظيمة . فلما علمت الروم بعزمه ، رغبوا إليه في أداء القطيعة ، فأبى عليهم إلا أن يهبوه ابنة ملكهم الذي من ذرية هرقل ، فقالوا : إن هذا لعار . فالتقوه في أمم لا تحصى في وسط بلادهم ، وهو في عشرين ألف فارس ، فكان للمسلمين جولة ، فثبت المنصور وولداه ، وكاتبه ابن برد ، والقاضي ابن ذكوان في جماعة ، فأمر أن تضرب خيمة له ، فرآها المسلمون ، فتراجعوا ، فهزم الله الكافرين ، ونزل النصر ، ثم حاصر مدينة لهم ، فلما هم بالظفر ، بذلوا له ابنة الملك ، وكانت في غاية الجمال والعقل ، فلما شيعها أكابر دولتها ، سألوها البر والعناية بهم ، فقالت : الجاه لا يطلب بأفخاذ النساء بل برماح الرجال . فولدت للمنصور شنجول هذا ، وهو لقب لجده لأمه لقب هو به .
ومن مفاخر المنصور : أنه قدم من غزوة ، فتعرضت له امرأة عند [ ص: 126 ] القصر ، فقالت : يا منصور ، يفرح الناس وأبكي ؟ إن ابني أسير في بلاد الروم . فثنى عنانه وأمر الناس بغزو الجهة التي فيها ابنها .
وقد عصاه مرة ولد له ، فهرب ، ولجأ إلى ملك سمورة ، فغزاها المنصور ، وحاصرها ، وحلف ألا يرحل إلا بابنه ، فسلموه إليه ، فأمر بقتله ، فقتل بقرب سمورة .
ومن رجلة المنصور : أنه أحيط به في مدينة فتة ، فرمى بنفسه من أعلى جبلها ، وصار في عسكره ، فبقي مفدع القدمين لا يركب ، إنما يصنع له محمل على بغل يقاد به في سبع غزوات وهو بضعة لحم ، فانظر إلى هذه الهمة العلية ، والشجاعة الزائدة .
وكان موته آخر الصلاح وأول الفساد بالأندلس ، لأن أفعاله كانت حسنة في الحال ، فاسدة في المآل ، فكانت قبله القبائل ، كل قبيلة في مكان ، فإذا كان غزو ، وضعت الخلفاء على كل قبيلة عددا ، فيغزون ، فلما استولى المنصور ، أدخل من صنهاجة ونفزن عشرين ألفا إلى الأندلس ، وشتت العرب عن مواضعها ، وأخملهم ، وأبقى على نفسه لكونه ليس من بيوت الملك ، ثم قتل في بني أمية جماعة ، واحتاط على المؤيد ، ومنعه من الاجتماع بأحد ، وربما أخرجه لهم في يوم العيد للهناء ، فلما مات المنصور وابنه المظفر أبو مروان ، انخرم النظام ، وشرع الفساد ، وهلك الناس ، فقام شنجول وطغى وبغى ، وفعل العظائم ، والمؤيد بالله تحت الاحتجار ، فدس على المؤيد من خوفه وهدده ، وأعلمه أنه عازم على قتله إن لم يوله عهده ، ثم أمر شنجول القضاة والأعلام بالمثول إلى القصر الذي بالزهراء ، [ ص: 127 ] فأخرج لهم المؤيد ، وأخرج كتابا قرئ بينهم بأن المؤيد قد خلع نفسه ، وسلم الأمر إلى الناصر لدين الله عبد الرحمن بن أبي عامر . فشهد من حضر بذلك على المؤيد وأخذ الناصر هذا في التهتك والفسق ، وكان زيهم المكشوفة ، فأمر جنده بحلق الشعر ، ولبس العمائم تشبها ببني زيري فبقوا أوحش ما يكون وأسمجه ، لفوا العمائم بلا صنعة ، وبقوا ضحكة ، ثم سار غازيا ، فجاءه الخبر بأن محمد بن هشام بن عبد الجبار الأموي ابن عم المؤيد بالله قد توثب بقرطبة ، وهدم الزهراء ، وأقام معه القاضي ابن ذكوان ، وأنفق الأموال في الشطار ، فاجتمع له أربعمائة رجل ، وأخذ يرتب أموره في السر ، ثم ركب ، وقصد دار والي قرطبة ، فقطع رأسه ، فخرج إليه الأستاذ جوذر الكبير ، فقال له محمد بن هشام : أين المؤيد بالله ؟ أخرجه . فقال : أذل نفسه ، وأذلنا بضعفه . فخرج يطلب أمانه ، فقال : أنا إنما قمت لأزيل الذل عنك ، فإن خلعت نفسك طائعا ، فلك كل ما تحب . ثم طلب ابن المكوي الفقيه ، وابن ذكوان القاضي والوزراء ، فدخلوا على [ ص: 128 ] المؤيد ، فشهدوا عليه بتفويض الأمر إلى ابن عمه هذا ، وضعف أمر شنجول ، وظفر به محمد ، فذبحه في أثناء هذا العام ، وله بضع وعشرون سنة .
قال ابن أبي الفياض : كان ختان شنشول في سنة ثمانين وثلاثمائة ، فانتهت النفقة يومئذ إلى خمسمائة ألف دينار ، وختنوا معه خمسمائة وسبعة وسبعين صبيا .
وأما محمد بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله عبد الرحمن ، فتلقب بالمهدي ونصب الديوان ، واستخدم ، فلم يبق زاهد ولا جاهل ولا حجام حتى جاءه ، فاجتمع له نحو من خمسين ألفا ، ودانت له الوزراء والصقالبة ، وبايعوه ، فأمر بنهب دور آل المنصور أبي عامر ، وانتهب جميع ما في الزهراء من الأموال والسلاح ، وقلعت الأبواب . فقيل : وصل منها إلى خزانة المهدي هذا خمسة آلاف ألف دينار سوى الفضة ، وصلى بالناس الجمعة بقرطبة ، وقرئ كتابه بلعنة شنشول ، ثم سار إلى حربه ، فكان القاضي ابن ذكوان يحرض على قتاله ، ويقول : هو كافر . وكان شنشول قد استعان بعسكر الفرنج لأن أمه منهم ، وقام معه ابن غومش ، فجاء إلى قرطبة ، فتسحب جنده ، فقال له ابن غومش : ارجع بنا قبل أن تؤخذ . فأبى ، ومال إلى دير شربش جوعان سهران ، فأنزل له راهب دجاجة وخبزا ، فأكل وشرب وسكر ، وجاء لحربه ابن عم المهدي وحاجبه محمد بن المغيرة الأموي ، فقبض عليه ، فظهر منه الجزع ، وقبل قدم ابن المغيرة ، وقال : أنا [ ص: 129 ] في طاعة المهدي . ثم ضربت عنقه ، وطيف برأسه : هذا شنشول المأبون المخذول . فلما استوثق الأمر للمهدي ، أظهر من الخلاعة والفساد أكثر مما عمله شنشول .
قال فقام على الحميدي المهدي ابن عمه هشام بن سليمان بن الناصر لدين الله ، في شوال سنة تسع وتسعين ، وقام معه البربر ، وأسر هشام هذا ، فقتله المهدي .
وقال غيره : زاد المهدي في الغي وأخذ الحرم ، وعمد إلى نصراني يشبه المؤيد بالله ، ففصده حتى مات ، وأخرجه إلى الناس ، وقال : هذا المؤيد . فصلى عليه ، ودفنه وقدم على المهدي رسول فلفل بن سعيد الزناتي صاحب طرابلس داخلا في طاعته ، يلتمس إرسال سكة على اسمه ليعينه على باديس ، فغلب باديس على طرابلس وتملكها ، وكتب إلى ابن عمه حماد ليغري القبائل على المهدي لخذلانه ، قد هم بالغدر بالبربر الذي حوله ، ولوح بذلك ، فهذا سبب خروجهم عليه مع ابن عمه هشام بن سليمان ، فقتلوا أولا وزيريه : محمد بن دري ، وخلف بن طريف ، وأحرقوا السراجين ، وعبروا القنطرة ، ثم تخاذلوا عن هشام حتى قتل ، وتحيز جلهم إلى قلعة رباح ، فهرب معهم سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر ، وهو ابن أخي هشام المقتول ، فبايعوه ، وسموه : المستعين بالله وجمعوا له مالا ، حتى صار له نحو من مائة ألف دينار ، فتوجه بالبربر إلى طليطلة ، فتملكها ، وقتل واليها ، فجزع المهدي ، واعتد للحصار ، وتجرأت عليه [ ص: 130 ] العامة ، ثم بعث عسكرا ، فهزمهم سليمان المستعين ، ثم سار حتى شارف قرطبة ، فبرز لحربه عسكر المهدي ، فناجزهم سليمان ، فكان من غرق منهم في الوادي أكثر ممن قتل ، وكانت وقعة هائلة هلك فيها خلق من الأخيار والأئمة والمؤذنين ، فلما أصبح المهدي بالله ، أخرج للناس الخليفة المؤيد بالله هشام بن الحكم ، الذي كان أظهر لهم موته ، فأجلسه للناس ، وأقبل قاضي الجماعة يقول : هذا أمير المؤمنين ، وإنما محمد بن هشام بن عبد الجبار نائبه . فقال له البربر : يا ابن ذكوان : بالأمس تصلي عليه ، واليوم تحييه ؟ ! ثم خرج أهل قرطبة إلى المستعين ، سليمان فأحسن ملقاهم واختفى واستوثق أمر محمد المهدي المستعين ودخل قصر الإمارة ، ووارى الناس قتلاهم ، فكانوا نحوا من اثني عشر ألفا ، ثم تسحب المهدي إلى طليطلة ، فقاموا معه ، وكتب إلى الفرنج ، ووعدهم بالأموال ، فاجتمع إليه خلق عظيم ، وهو أول مال انتقل من بيت المال بالأندلس إلى الفرنج ، وكانت الثغور كلها باقية على طاعة المهدي ، فقصد قرطبة في جحفل عظيم ، فالتقى الجمعان على عقبة البقر على بريد من قرطبة ، فاقتتلوا أشد قتال ، فانهزم سليمان المستعين ، واستولى المهدي على قرطبة ثانيا ، ثم خرج بعد أيام إلى قتال جماهير البربر ، فالتقاهم بوادي آره ، فهزموه أقبح هزيمة ، وقتل من جنده الفرنج ثلاثة آلاف ، وغرق خلق ، فجاء إلى قرطبة ، ثم وثب عليه العبيد ، فضربت عنقه ، وقطعت أربعته ، وكفى الله شره في ثامن ذي الحجة عام أربعمائة ، وعاش أربعا وثلاثين سنة .
قال أعيد الحميدي المؤيد بالله إلى الخلافة في آخر سنة [ ص: 131 ] أربعمائة ، فحاصرته جيوش البربر مع سليمان المستعين مدة ، واتصل ذلك إلى شوال سنة ثلاث وأربعمائة ، فدخل البربر قرطبة بالسيف ، وقتل المؤيد بالله . وقرأت بخط أبي الوليد بن الحاج : أن طائفة وثبوا على المهدي ، فقتلوه ، وأخرجوا المؤيد بالله ، فطير عنبر رأس المهدي بين يدي المؤيد ، وسكن الناس ، وكتب المؤيد إلى البربر ليدخلوا في الطاعة ، فأبوا ، وصار يركب ويظهر ، فهابه الناس ، وعاثت البربر ، وعملت ما لا يعمله مسلم ، ونازلوا قرطبة سنة اثنتين وأربعمائة ، واشتد القحط والبلاء ، وفني الناس ، ودخل البربر بالسيف في سنة ثلاث ، فقتلوا حتى الولدان ، وهرب الخلق ، وهرب المؤيد بالله إلى المشرق ، فحج ، ولقد تصرف في الدنيا عزيزا وذليلا ، والعزة لله جميعا .
وقال غيره : أما المؤيد ، فانقطع خبره ، ونسي ذكره .
وقال عزيز في " تاريخ القيروان " : إن المؤيد بالله هرب بنفسه من قرطبة ، فلم يزل فارا ومستخفيا حتى حج ، وكان معه كيس جوهر ، فشعر به حرابة مكة ، فأخذوه منه ، فمال إلى ناحية من الحرم ، وأقام يومين لم يطعم طعاما ، فأتى المروة ، فلقيه رجل ، فقال له : تحسن تجبل الطين ؟ قال : نعم . فذهب به ، فلم يحسن الجبل ، وشارط على درهم ورغيف ، فقال : عجل القرص ، فإني جائع . فأتاه به ، فأكله ، وعمل حتى تعب ، وهرب ، وخرج مع الركب إلى الشام في أسوأ حال ، فقدم القدس ، فمشى ، فرأى رجلا يعمل الحصر ، فنظر إليه الرجل ، فقال : من أنت ؟ قال غريب . قال : تحسن هذه الصنعة ؟ قال : لا . قال : فتكون عندي تناولني [ ص: 132 ] الحلفاء وأعطيك أجرة ؟ قال : نعم . فأقام عنده يعاونه ، ويأكل معه ، فتعلم صنعة الحصر ، وأقام بالقدس سنين ، ولم يدر به أحد ، ثم رجع إلى الأندلس في سنة أربع وعشرين وأربعمائة .
قال عزيز : فهذا نص ما رواه مشايخ من أهل الأندلس ، والذي ذكره في كتاب " نقط العروس " أنه قال : أخلوقة لم يسمع بمثلها : ظهر رجل يقال له ابن حزم خلف الحصري بعد اثنتين وعشرين سنة من موت المؤيد بالله هشام ، فبويع له ، وخطب له على منابر الأندلس في أوقات شتى ، وادعي أنه المؤيد بالله هشام ، وسفكت الدماء ، وتصادمت الجيوش في أمره .
قال عزيز : فأقام المدعى أنه هشام نيفا وعشرين سنة والقاضي محمد بن إسماعيل بن عباد كالوزير بين يديه والأمر إليه ، فاستقام بذلك لابن عباد أكثر بلاد الأندلس ، ودفع عنه كلام الحساد إلى أن مات هشام .
قلت : هذه الحكاية شبه خرافة ، ومن بعد سنة ثلاث وأربعمائة انقطع خبر المؤيد بالله ، وانتقل إلى الله ، وأظنه قتل سرا ، فكان له حينئذ خمسون سنة ، وكان ضعيف الرأي ، قليل العقل ، يصدق بما لا يكون ، وله نهمة في جمع البقر البلق وأعطى مرة مالا عظيما لمن جاءه بحافر حمار ، وزعم أنه حافر حمار العزير ، وأتاه آخر بحجر ، فقال : هذا من الصخرة . [ ص: 133 ] وأتاه آخر بشعر قال : هذا من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- . فقيل لهذا السبب : كان المنصور يمنع الناس من الاجتماع به . وقال بعض الناس : بل خنقه المهدي ، وأخرجه ميتا كما ذكرنا ، فالله أعلم ، وبالجملة فالذي جرى على أهل الأندلس من جندها البربر لا يحد ولا يوصف ، عملوا ما يصنعه كفار الترك وأبلغ ، وأحرقوا الزهراء وجامعها وقصورها ، وكانت أحسن مدينة في الدنيا وأطراها ، قال ابن نبيط :
ثلاثة من طبعها الفساد الفأر والبربر والجراد