ابن يحيى بن عمار بن العنبس ، الإمام المحدث الواعظ ، شيخ سجستان ، أبو زكريا ، الشيباني النيهي السجستاني ، نزيل هراة .
حدث عن : حامد بن محمد الرفاء ، وعبد الله بن عدي بن حمدويه الصابوني ، وأخيه محمد بن عدي ، ومحمد بن إبراهيم بن جناح ، وعدة .
حدث عنه : أبو نصر الطبسي وأبو محمد عبد الواحد الهروي ، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد ، وآخرون .
وكان متحرقا على المبتدعة والجهمية بحيث يئول به ذلك إلى تجاوز طريقة السلف ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا ، إلا أنه كان له جلالة عجيبة بهراة وأتباع وأنصار . وقد روى أيضا عن والده عمار . وكان فصيحا مفوها ، حسن الموعظة ، رأسا في التفسير ، أكمل [ ص: 482 ] التفسير على المنبر في سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ، ثم افتتح ختمة أخرى فمات وهو يفسر في سورة القيامة ، وعاش تسعين سنة .
قال السلفي في " معجم " بغداد : قال أبو إسماعيل الأنصاري : كان يحيى بن عمار ملكا في زي عالم ، كان له محب متمول يحمل إليه كل عام ألف دينار هروية ، فلما مات يحيى ، وجدوا له أربعين بدرة لم يفك ختمها .
وقال أبو إسماعيل : سمعت يحيى بن عمار يقول : العلوم خمسة : علم هو حياة الدين وهو علم التوحيد ، وعلم هو قوت الدين وهو العظة والذكر ، وعلم هو دواء الدين وهو الفقه ، وعلم هو داء الدين وهو أخبار ما وقع بين السلف ، وعلم هو هلاك الدين وهو الكلام . قلت : وعلم الأوائل .
وكان يحيى بن عمار من كبار المذكرين ، لكن ما أقبح بالعالم الداعي إلى الله الحرص وجمع المال ! وكان قد تحول من سجستان عند جور الولاة ، فعظم بهراة جدا ، وتغالوا فيه ، وتخرج به أبو إسماعيل الأنصاري ، وخلفه من بعده .
أخبرنا الحسن بن علي : أخبرنا عبد الله بن عمر ، أخبرنا عبد الأول بن عيسى ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن محمد الفقيه إملاء ، أخبرنا دعلج ، ( ح ) وبالإسناد إلى عبد الله قال : وحدثنا يحيى بن عمار إملاء ، أخبرنا حامد بن محمد قالا : حدثنا أبو مسلم ، حدثنا أبو عاصم ، عن ، عن ثور بن يزيد خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو ، عن قال : عرباض بن سارية وذكر الحديث . هذا حديث عال ، صالح الإسناد . توفي وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقال قائل : يا رسول الله ، كأن [ ص: 483 ] هذه موعظة مودع ، فماذا تعهد إلينا ؟ قال : أوصيكم بتقوى الله عز وجل ، والسمع والطاعة يحيى بن عمار بهراة ، في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ، وصلى عليه الإمام عمر بن إبراهيم الزاهد وكانت جنازته مشهودة . ورثاه جمال الإسلام الداودي ، فقال :
وسائل ما دهاك اليوم ؟ قلت له أنكرت حالي وأنى وقت إنكار أما ترى الأرض من أقطارها نقصت
وصار أقطارها تبكي لأقطار لموت أفضل أهل العصر قاطبة
عمار دين الهدى يحيى بن عمار