القزويني
الإمام القدوة ، العارف ، شيخ العراق ، أبو الحسن ، علي بن عمر بن محمد ، ابن القزويني البغدادي الحربي الزاهد .
سمع
أبا عمر بن حيويه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12746وأبا حفص بن الزيات ،
وأبا بكر بن شاذان ،
والقاضي أبا الحسن الجراحي ،
وأبا الفتح القواس وطبقتهم ، وأملى عدة مجالس .
حدث عنه :
الخطيب ،
وابن خيرون ،
وأبو الوليد الباجي ،
وأبو علي أحمد بن محمد البرداني ، وأبو
سعد أحمد بن محمد بن شاكر الطرسوسي ،
وجعفر بن أحمد السراج ،
والحسن بن محمد الباقرحي ،
وأبو العز محمد بن [ ص: 610 ] المختار ،
وأحمد بن محمد بن بغراج ،
وهبة الله بن أحمد الرحبي ،
وأبو منصور أحمد بن محمد الصيرفي ،
وعلي بن عبد الواحد الدينوري ، وخلق سواهم .
قال
الخطيب كتبنا عنه ، وكان أحد الزهاد ، ومن عباد الله الصالحين ، يقرئ القرآن ، ويروي الحديث ، ولا يخرج من بيته إلا للصلاة رحمة الله عليه ، قال لي : ولدت سنة ستين وثلاثمائة ، ومات في شعبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة ، وغلقت جميع
بغداد يوم دفنه ، لم أر جمعا على جنازة أعظم منه .
قال
أبو نصر هبة الله بن المجلي : حدثني
أبو بكر محمد بن أحمد بن طلحة بن المنقي قال : حضرت والدي الوفاة ، فأوصى إلي بما أفعله ، وقال : تمضي إلى
القزويني ، وتقول له : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، وقال لي : اقرأ على
القزويني مني السلام ، وقل له : بالعلامة أنك كنت بالموقف في هذه السنة ، فلما مات ، جئت إليه ، فقال لي ابتداء : مات أبوك ؟ قلت : نعم . قال : رحمه الله ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصدق أبوك . وأقسم علي أن لا أحدث به في حياته .
أخبرنا
الحسن بن علي ، أخبرنا
جعفر بن علي ، أخبرنا
السلفي قال : سألت
شجاعا الذهلي عن
أبي الحسن القزويني ، فقال : كان علم الزهاد والصالحين ، وإمام الأتقياء الورعين ، له كرامات ظاهرة معروفة يتداولها الناس ، لم يزل يقرئ ويحدث إلى أن مات .
وقال
أبو صالح المؤذن في " معجمه " :
أبو الحسن القزويني الشافعي [ ص: 611 ] المشار إليه في زمانه
ببغداد في الزهد والورع وكثرة القراءة ، ومعرفة الفقه والحديث ، تلا على
أبي حفص الكتاني ، وقرأ القراءات ، ولم يكن يعطي من يقرأ عليه إسنادا بها .
وقال
هبة الله بن المجلي في كتاب " مناقب
القزويني " : كان يعني : كلمة إجماع في الخير ، وممن جمعت له القلوب ، فحدثني
أحمد بن محمد الأمين قال : كتبت عنه مجالس أملاها في مسجده وكان أي جزء وقع بيده ، خرج منه عن شيخ واحد جميع المجلس ، ويقول : حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفى . وكان أكثر أصوله بخطه . وسمعت
عبد الله بن سبعون القيرواني يقول :
القزويني ثقة ثبت ، ما رأيت أعقل منه . وقيل : إن
أبا الحسن علق تعليقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14270أبي القاسم الداركي ، وله تعليق في النحو عن
ابن جني ، سمعت
أبا العباس المؤدب وغيره يقولان : إن
القزويني سمع الشاة تذكر الله تعالى . وحدثني
هبة الله بن أحمد الكاتب أنه زار
قبر ابن القزويني ، ففتح ختمة هناك ، وتفاءل للشيخ ، فطلع أول ذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين .
وروي عن أقضى القضاة
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي قال : صليت خلف
أبي الحسن القزويني ، فرأيت عليه قميصا نقيا مطرزا ، فقلت في نفسي : أين الطرز من الزهد ؟ فلما سلم ، قال : سبحان الله ! الطرز لا ينقض حكم الزهد .
وذكر
محمد بن حسين القزاز قال : كان
ببغداد زاهد خشن العيش ، وكان يبلغه أن
ابن القزويني يأكل الطيب ، ويلبس الرقيق ، فقال : سبحان
[ ص: 612 ] الله ! رجل مجمع على زهده وهذا حاله ! أشتهي أن أراه . فجاء إلى الحربية ، فرآه ، فقال الشيخ : سبحان الله ! رجل يومأ إليه بالزهد ، يعارض الله في أفعاله ، وما هنا محرم ولا منكر . فشهق ذلك الرجل ، وبكى .
وقال
أبو نصر بن الصباغ الفقيه : حضرت عند
ابن القزويني ، فدخل عليه
أبو بكر بن الرحبي ، فقال : أيها الشيخ ، أي شيء أمرتني نفسي أخالفها ؟ قال : إن كنت مريدا ، فنعم ، وإن كنت عارفا ، فلا . فانصرفت ، وأنا مفكر ، وكأنني لم أصوبه ، فرأيت ليلتي كأن من يقول لي وقد هالني أمر : هذا بسبب
ابن القزويني . وحدثني
أبو القاسم عبد السميع الهاشمي ، عن
عبد العزيز الصحراوي الزاهد قال : كنت أقرأ على
القزويني ، فجاء رجل مغطى الوجه ، فوثب الشيخ إليه ، وصافحه ، وجلس بين يديه ساعة ، فسألت صاحبي : من هذا ؟ قال : تعرفه ؟ هذا أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر بالله .
وحدثنا
أحمد بن محمد الأمين قال : رأيت
الملك أبا كاليجار قائما يشير إليه
أبو الحسن بالجلوس ، فلا يفعل .
وحدثني
علي بن محمد الطراح الوكيل قال : رأيت
الملك أبا طاهر بن بويه قائما بين يدي الشيخ
أبي الحسن يومئ بالجلوس ، فيأبى .
ثم سرد له
ابن المجلي كرامات منها شهوده
عرفة وهو
ببغداد ، ومنها ذهابه إلى
مكة ، فطاف ، ورجع من ليلته .
أخبرنا
أبو علي ابن الخلال ، أخبرنا
جعفر الهمذاني ، أخبرنا
السلفي :
[ ص: 613 ] سمعت
جعفرا السراج يقول : رأيت على
أبي الحسن القزويني ثوبا رقيقا ، فخطر لي : كيف مثله في زهده يلبس هذا ؟ فنظر في الحال إلي ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده وحضرت عنده يوما للسماع إلى أن وصلت الشمس إلينا ، وتأذينا بحرها ، فقلت في نفسي : لو تحول الشيخ إلى الظل . فقال في الحال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81قل نار جهنم أشد حرا .
ومات مع
القزويني في سنة 442
أبو الحسين أحمد بن علي التوزي ، وشيخ العربية
أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني صاحب
ابن جني ،
والواعظ أبو طاهر محمد بن علي بن محمد العلاف وأبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن فاذويه .
الْقَزْوِينِيُّ
الْإِمَامُ الْقُدْوَةُ ، الْعَارِفُ ، شَيْخُ الْعِرَاقِ ، أَبُو الْحَسَنِ ، عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ ، ابْنُ الْقَزْوِينِيِّ الْبَغْدَادِيُّ الْحَرْبِيُّ الزَّاهِدُ .
سَمِعَ
أَبَا عُمَرَ بْنَ حَيُّوَيْهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12746وَأَبَا حَفْصِ بْنَ الزَّيَّاتِ ،
وَأَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ ،
وَالْقَاضِيَ أَبَا الْحَسَنِ الْجَرَّاحِيَّ ،
وَأَبَا الْفَتْحِ الْقَوَّاسَ وَطَبَقَتَهُمْ ، وَأَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِسَ .
حَدَّثَ عَنْهُ :
الْخَطِيبُ ،
وَابْنُ خَيْرُونَ ،
وَأَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ ،
وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرَدَانِيُّ ، وَأَبُو
سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ الطَّرَسُوسِيُّ ،
وَجَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ ،
وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاقَرْحِيُّ ،
وَأَبُو الْعِزِّ مُحَمَّدُ بْنُ [ ص: 610 ] الْمُخْتَارِ ،
وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَغْرَاجٍ ،
وَهِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الرِّحْبِيُّ ،
وَأَبُو مَنْصُورٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ ،
وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّينَوَرِيُّ ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ .
قَالَ
الْخَطِيبُ كَتَبْنَا عَنْهُ ، وَكَانَ أَحَدَ الزُّهَّادِ ، وَمِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، يُقْرِئُ الْقُرْآنَ ، وَيَرْوِي الْحَدِيثَ ، وَلَا يَخْرُجُ مَنْ بَيْتِهِ إِلَّا لِلصَّلَاةِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، قَالَ لِي : وُلِدْتُ سَنَةَ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ، وَغُلِّقَتْ جَمِيعُ
بَغْدَادَ يَوْمَ دَفْنِهِ ، لَمْ أَرَ جَمْعًا عَلَى جِنَازَةٍ أَعْظَمَ مِنْهُ .
قَالَ
أَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْمُجْلِيِّ : حَدَّثَنِي
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ الْمُنَقِّي قَالَ : حَضَرَتْ وَالِدِي الْوَفَاةُ ، فَأَوْصَى إِلَيَّ بِمَا أَفْعَلُهُ ، وَقَالَ : تَمْضِي إِلَى
الْقَزْوِينِيِّ ، وَتَقُولُ لَهُ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ ، وَقَالَ لِي : اقْرَأْ عَلَى
الْقَزْوِينِيِّ مِنِّي السَّلَامَ ، وَقُلْ لَهُ : بِالْعَلَامَةِ أَنَّكَ كُنْتَ بِالْمَوْقِفِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، فَلَمَّا مَاتَ ، جِئْتُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لِي ابْتِدَاءً : مَاتَ أَبُوكَ ؟ قُلْتُ : نَعِمَ . قَالَ : رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَصَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَدَقَ أَبُوكَ . وَأَقْسَمَ عَلَيَّ أَنْ لَا أُحَدِّثَ بِهِ فِي حَيَاتِهِ .
أَخْبَرَنَا
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا
السِّلَفِيُّ قَالَ : سَأَلْتُ
شُجَاعًا الذُّهْلِيَّ عَنْ
أَبِي الْحَسَنِ الْقَزْوِينِيِّ ، فَقَالَ : كَانَ عَلَمَ الزُّهَّادِ وَالصَّالِحِينَ ، وَإِمَامَ الْأَتْقِيَاءِ الْوَرِعِينَ ، لَهُ كَرَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ مَعْرُوفَةٌ يَتَدَاوَلُهَا النَّاسُ ، لَمْ يَزَلْ يُقْرِئُ وَيُحَدِّثُ إِلَى أَنْ مَاتَ .
وَقَالَ
أَبُو صَالِحٍ الْمُؤَذِّنُ فِي " مُعْجَمِهِ " :
أَبُو الْحَسَنِ الْقَزْوِينِيُّ الشَّافِعِيُّ [ ص: 611 ] الْمُشَارُ إِلَيْهِ فِي زَمَانِهِ
بِبَغْدَادَ فِي الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَكَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ ، وَمَعْرِفَةِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ ، تَلَا عَلَى
أَبِي حَفْصٍ الْكَتَّانِيِّ ، وَقَرَأَ الْقِرَاءَاتِ ، وَلَمْ يَكُنْ يُعْطِي مَنْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ إِسْنَادًا بِهَا .
وَقَالَ
هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْمُجْلِيِّ فِي كِتَابِ " مَنَاقِبِ
الْقَزْوِينِيِّ " : كَانَ يَعْنِي : كَلِمَةَ إِجْمَاعٍ فِي الْخَيْرِ ، وَمِمَّنْ جُمِعَتْ لَهُ الْقُلُوبُ ، فَحَدَّثَنِي
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَمِينُ قَالَ : كَتَبْتُ عَنْهُ مَجَالِسَ أَمَلَاهَا فِي مَسْجِدِهِ وَكَانَ أَيُّ جُزْءٍ وَقَعَ بِيَدِهِ ، خَرَجَ مِنْهُ عَنْ شَيْخٍ وَاحِدٍ جَمِيعُ الْمَجْلِسِ ، وَيَقُولُ : حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُنْفَى . وَكَانَ أَكْثَرُ أُصُولِهِ بِخَطِّهِ . وَسَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَبْعُونَ الْقَيْرَوَانِيَّ يَقُولُ :
الْقَزْوِينِيُّ ثِقَةٌ ثَبَتٌ ، مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنْهُ . وَقِيلَ : إِنَّ
أَبَا الْحَسَنِ عَلَّقَ تَعْلِيقَةً عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14270أَبِي الْقَاسِمِ الدَّارَكِيِّ ، وَلَهُ تَعْلِيقٌ فِي النَّحْوِ عَنِ
ابْنِ جِنِّيٍّ ، سَمِعْتُ
أَبَا الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبَ وَغَيْرَهُ يَقُولَانِ : إِنَّ
الْقَزْوِينِيَّ سَمِعَ الشَّاةَ تَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى . وَحَدَّثَنِي
هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ أَنَّهُ زَارَ
قَبْرَ ابْنِ الْقَزْوِينِيِّ ، فَفَتَحَ خَتْمَةً هُنَاكَ ، وَتَفَاءَلَ لِلشَّيْخِ ، فَطَلَعَ أَوَّلُ ذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ .
وَرُوِيَ عَنْ أَقَضَى الْقُضَاةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ : صَلَّيْتُ خَلْفَ
أَبِي الْحَسَنِ الْقَزْوِينِيِّ ، فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قَمِيصًا نَقِيًّا مُطَرَّزًا ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : أَيْنَ الطَّرْزُ مِنَ الزُّهْدِ ؟ فَلَمَّا سَلَّمَ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! الطَّرْزُ لَا يَنْقُضُ حُكْمَ الزُّهْدِ .
وَذَكَرَ
مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْقَزَّازُ قَالَ : كَانَ
بِبَغْدَادَ زَاهِدٌ خَشِنُ الْعَيْشِ ، وَكَانَ يَبْلُغُهُ أَنِ
ابْنَ الْقَزْوِينِيِّ يَأْكُلُ الطَّيِّبَ ، وَيَلْبَسُ الرَّقِيقَ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ
[ ص: 612 ] اللَّهِ ! رَجُلٌ مُجْمَعٌ عَلَى زُهْدِهِ وَهَذَا حَالُهُ ! أَشْتَهِي أَنْ أَرَاهُ . فَجَاءَ إِلَى الْحَرْبِيَّةِ ، فَرَآهُ ، فَقَالَ الشَّيْخُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! رَجُلٌ يُومَأُ إِلَيْهِ بِالزُّهْدِ ، يُعَارِضُ اللَّهَ فِي أَفْعَالِهِ ، وَمَا هُنَا مُحَرَّمٌ وَلَا مُنْكَرٌ . فَشَهَقَ ذَلِكَ الرَّجُلُ ، وَبِكَى .
وَقَالَ
أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ الْفَقِيهُ : حَضَرْتُ عِنْدَ
ابْنِ الْقَزْوِينِيِّ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ
أَبُو بَكْرِ بْنُ الرِّحْبِيِّ ، فَقَالَ : أَيُّهَا الشَّيْخُ ، أَيُّ شَيْءٍ أَمَرَتْنِي نَفْسِي أُخَالِفُهَا ؟ قَالَ : إِنْ كُنْتَ مُرِيدًا ، فَنَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَارِفًا ، فَلَا . فَانْصَرَفْتُ ، وَأَنَا مُفَكِّرٌ ، وَكَأَنَّنِي لَمْ أُصَوِّبْهُ ، فَرَأَيْتُ لَيْلَتِي كَأَنَّ مَنْ يَقُولُ لِي وَقَدْ هَالَنِي أَمْرٌ : هَذَا بِسَبَبِ
ابْنِ الْقَزْوِينِيِّ . وَحَدَّثَنِي
أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ السَّمِيعِ الْهَاشِمِيُّ ، عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ الصَّحْرَاوِيِّ الزَّاهِدِ قَالَ : كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى
الْقَزْوِينِيِّ ، فَجَاءَ رِجُلٌ مُغَطَّى الْوَجْهِ ، فَوَثَبَ الشَّيْخُ إِلَيْهِ ، وَصَافَحَهُ ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاعَةً ، فَسَأَلْتُ صَاحِبِي : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : تَعْرِفُهُ ؟ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=14934الْقَادِرُ بِاللَّهِ .
وَحَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَمِينُ قَالَ : رَأَيْتُ
الْمَلِكَ أَبَا كَالَيْجَارَ قَائِمًا يُشِيرُ إِلَيْهِ
أَبُو الْحَسَنِ بِالْجُلُوسِ ، فَلَا يَفْعَلُ .
وَحَدَّثَنِي
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطِّرَاحُ الْوَكِيلُ قَالَ : رَأَيْتُ
الْمَلِكَ أَبَا طَاهِرِ بْنَ بُوَيْهِ قَائِمًا بَيْنَ يَدَيِ الشَّيْخِ
أَبِي الْحَسَنِ يُومِئُ بِالْجُلُوسِ ، فَيَأْبَى .
ثُمَّ سَرَدَ لَهُ
ابْنُ الْمُجْلِيِّ كَرَامَاتٍ مِنْهَا شُهُودُهُ
عَرَفَةَ وَهُوَ
بِبَغْدَادَ ، وَمِنْهَا ذَهَابُهُ إِلَى
مَكَّةَ ، فَطَافَ ، وَرَجَعَ مِنْ لَيْلَتِهِ .
أَخْبَرَنَا
أَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الْخَلَّالِ ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ الْهَمَذَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا
السِّلَفِيُّ :
[ ص: 613 ] سَمِعْتُ
جَعْفَرًا السَّرَّاجَ يَقُولُ : رَأَيْتُ عَلَى
أَبِي الْحَسَنِ الْقَزْوِينِيِّ ثَوْبًا رَقِيقًا ، فَخَطَرَ لِي : كَيْفَ مِثْلُهُ فِي زُهْدِهِ يَلْبَسُ هَذَا ؟ فَنَظَرَ فِي الْحَالِ إِلَيَّ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَحَضَرْتُ عِنْدَهُ يَوْمًا لِلسَّمَاعِ إِلَى أَنْ وَصَلَتِ الشَّمْسُ إِلَيْنَا ، وَتَأَذَّيْنَا بِحَرِّهَا ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَوْ تَحَوَّلَ الشَّيْخُ إِلَى الظِّلِّ . فَقَالَ فِي الْحَالِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا .
وَمَاتَ مَعَ
الْقَزْوِينِيِّ فِي سَنَةِ 442
أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّوَّزِيُّ ، وَشَيْخُ الْعَرَبِيَّةِ
أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ الثَّمَانِينِيُّ صَاحِبُ
ابْنِ جِنِّيٍّ ،
وَالْوَاعِظُ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَّافُ وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَاذُوَيْهِ .