الإمام الحافظ البارع الأوحد الحجة ، أبو عبد الله ; محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن رحيم الشامي الساحلي الصوري ، أحد الأعلام .
ولد فيما ذكره سنة ست أو سنة سبع وسبعين وثلاثمائة .
وسمع محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي ، ومحمد بن عبد الصمد الزرافي ، وأبا عبد الله بن أبي كامل الأطرابلسي ، وعبد الغني بن سعيد المصري ، ومحمد بن جعفر الكلاعي ، وأبا نصر عبد الله بن محمد بن بندار ، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس . وصحب الحافظ عبد الغني ، وتخرج به ، ثم قدم بغداد ، ولحق بها البقايا ، فسمع من أبي الحسن بن مخلد جزء ابن عرفة ، ومن أحمد بن طلحة المنقي ، وأبي علي بن شاذان ، ، وأبي بكر البرقاني وعثمان بن دوست ، وخلق ، فأكثر .
حدث عنه : شيخه الحافظ عبد الغني ، ، وأبو بكر الخطيب والقاضي [ ص: 628 ] أبو عبد الله الدامغاني ، وجعفر بن أحمد السراج ، وأبو القاسم بن بيان الرزاز ، وسعد الله بن صاعد الرحبي ، والمبارك بن عبد الجبار الصيرفي ، وآخرون .
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو سعد بن الطيوري .
قال الخطيب : كان الصوري من أحرص الناس على الحديث ، وأكثرهم كتبا له ، وأحسنهم معرفة به ، لم يقدم علينا أحد أفهم منه لعلم الحديث ، وكان دقيق الخط ، صحيح النقل . حدثني أنه كان يكتب في الوجهة من ثمن الكاغد الخراساني ثمانين سطرا ، وكان مع كثرة طلبه صعب المذهب في الأخذ ; ربما كرر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرات . وكان رحمه الله يسرد الصوم إلا الأعياد ، ولم يزل ببغداد حتى توفي بها . وذكر لي أن شيخه الحافظ عبد الغني كتب عنه أشياء في تصانيفه ، وصرح باسمه في بعضها ; ومرة يقول : حدثني الورد بن علي .
قال الخطيب : كان الصوري صدوقا ، كتب عني ، وكتبت عنه .
وقال : القاضي أبو الوليد الباجي الصوري أحفظ من رأيناه .
وقال غيث بن علي الأرمنازي : رأيت جماعة من أهل العلم يقولون : ما رأينا أحفظ من الصوري .
وقال عبد المحسن الشيحي التاجر : ما رأيت مثل الصوري ! كان كأنه [ ص: 629 ] شعلة نار ، بلسان كالحسام القاطع .
قال أبو طاهر السلفي : كتب الصوري " صحيح " في سبعة أطباق من الورق البغدادي ، ولم يكن له سوى عين واحدة . البخاري
قال : وذكر في كتاب " فرق الفقهاء " له : حدثنا أبو الوليد الباجي أبو عبد الله محمد بن علي الوراق وكان ثقة متقنا أنه شاهد أبا عبد الله الصوري ، وكان فيه حسن خلق ومزاح وضحك ، لم يكن وراء ذلك إلا الخير والدين ، ولكنه كان شيئا جبل عليه ، ولم يكن في ذلك بالخارق للعادة ، فقرأ يوما جزءا على أبي العباس الرازي ، وعن له أمر ضحكه ، وكان بالحضرة جماعة من أهل بلده ، فأنكروا عليه ، وقالوا : هذا لا يصلح ، ولا يليق بعلمك وتقدمك أن تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأنت تضحك . وكثروا عليه ، وقالوا : شيوخ بلدنا لا يرضون بهذا . فقال : ما في بلدكم شيخ إلا يجب أن يقعد بين يدي ، ويقتدي بي ، ودليل ذلك أني قد صرت معكم على غير موعد ، فانظروا إلى أي حديث شئتم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اقرءوا إسناده لأقرأ متنه ، أو اقرءوا متنه حتى أخبركم بإسناده . ثم قال : لزمت الباجي الصوري ثلاثة أعوام ، فما رأيته تعرض لفتوى .
قال أبو الحسين بن الطيوري : كتبت عن عدة ، فما رأيت فيهم أحفظ من الصوري ; كان يكتب بفرد عين ، وكان متفننا يعرف من كل علم ، وقوله حجة ، وعنه أخذ الخطيب علم الحديث . [ ص: 630 ]
قلت : كان من أئمة السنة ، وله شعر رائق .
أخبرنا علي بن أحمد العلوي : أخبرنا علي بن جبارة ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا محمد بن علي الصوري الحافظ ، أخبرنا أبو محمد بن النحاس ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الحراني ، حدثنا هاشم بن مرثد ، حدثنا المعافى ; هو ابن سليمان ، حدثنا موسى بن أعين ، عن عبد الله ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبى هريرة . تجوزوا في الصلاة ، فإن خلفكم الضعيف والكبير وذا الحاجة
هذا حديث صحيح وعبد الله هو بشر الرقي .
أخبرنا محمد بن علي السلمي ، ومحمد بن علي ابن الواسطي قالا : أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، أخبرنا أحمد بن الحسن بن سلامة المنبجي ، أخبرنا علي بن بيان ، أخبرنا محمد بن علي ، أخبرنا ، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر أحمد بن سلمة الهلالي ، حدثنا المقدام بن داود ، حدثنا أبو زرعة ; عبد الأحد بن الليث ، عن عثمان بن الحكم الجذامي ، حدثنا يونس ، عن ابن شهاب ، حدثني عروة ، عن عائشة قالت : . أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح
أنشدنا أبو الحسن الحافظ : أخبرنا جعفر السلفي ، أخبرنا ابن [ ص: 631 ] الطيوري ، أنشدنا الصوري لنفسه :
قل لمن عاند الحديث وأضحى عائبا أهله ومن يدعيه أبعلم تقول هذا أبن لي
أم بجهل فالجهل خلق السفيه أيعاب الذين هم حفظوا الدي
ن من الترهات والتمويه وإلى قولهم وما قد رووه
راجع كل عالم وفقيه
قال الخطيب مات الصوري في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وأربعمائة .