[ ص: 633 ] قرواش
ابن مقلد بن المسيب بن رافع ، الأمير ، صاحب الموصل ، أبو المنيع ، معتمد الدولة ابن صاحب الموصل حسام الدولة أبي حسان العقيلي .
تملك بعد موت أبيه في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، فطالت أيامه ، واتسع ملكه ; فكان له الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات .
وقد خطب في بلاده للحاكم العبيدي ، ثم ترك ، وأعاد الخطبة العباسية ، فغضب الحاكم ، وجهز جيشا لحربه ، وأتوا ، ونهبوا داره بالموصل ، وأخذوا له مائتي ألف دينار ، فاستنجد بدبيس الأسدي ، فانتصر .
وكان أديبا شاعرا جوادا ممدحا ، نهابا وهابا ، فيه جاهلية وطبع الأعراب ، يقال : إنه جمع بين أختين ، فلاموه ، فقال : حدثوني ما الذي نعمل بالشرع حتى تذكروا هذا ؟ وقال مرة : ما في عنقي غير دم خمسة ستة من العرب ، فأما الحاضرة ، فما يعبأ الله بهم .
ثم إنه وقع بينه وبين ابن أخيه بركة ، فظفر به بركة ، وحبسه ، [ ص: 634 ] وتملك ، وتلقب زعيم الدولة ، في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة ، فلم تطل دولة بركة ، ومات في آخر سنة ثلاث ، فقام بعده الملك أبو المعالي قريش بن بدران بن مقلد ، فأخرج عمه ، وذبحه صبرا في رجب سنة أربع وأربعين . وقيل : بل مات موتا .
وتمكن قريش ، ونهض مع البساسيري ، ونهب دار الخلافة ، وكان هلاكه بالطاعون في سنة ثلاث وخمسين كهلا ، فتملك بعده ابنه شرف الدولة مسلم بن قريش ، فعظم سلطانه ، واستولى على الجزيرة وحلب ، وحاصر دمشق ، وكاد أن يأخذها ، وأخذ الإتاوة من بلاد الروم ، وخرج عليه أهل حران سنة ست وسبعين ، فظفر بهم ، وقتل قاضيها ، وكان محببا إلى الرعية مهيبا ، وكان يصرف جميع الجزية إلى الطالبين ، وأنشأ سور الموصل .