[ ص: 13 ] الأهوازي
قد ذكرته في " التاريخ " ، وفي " طبقات القراء " ، وفي " ميزان الاعتدال " مستوفى ، فلنذكره ملخصا .
كان رأسا في القراءات ، معمرا ، بعيد الصيت ، صاحب حديث ورحلة وإكثار وليس بالمتقن له ، ولا المجود ، بل هو حاطب ليل ، ومع إمامته في القراءات فقد تكلم فيه وفي دعاويه تلك الأسانيد العالية .
وهو الشيخ الإمام ، العلامة ، مقرئ الآفاق أبو علي ، الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز الأهوازي ، نزيل دمشق .
ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة .
وزعم أنه تلا على علي بن الحسين الغضائري . مجهول لا يوثق به ، ادعى أنه قرأ على الأشناني والقاسم المطرز - وذكر أنه تلا [ ص: 14 ] لقالون في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة بالأهواز على محمد بن محمد بن فيروز ، عن الحسن بن الحباب ، وأنه قرأ على شيخ ، عن أبي بكر بن سيف ، وعلى الشنبوذي وأبي حفص الكتاني ، وجماعة ، قبل التسعين وثلاثمائة .
وسمع من نصر بن أحمد المرجي صاحب أبي يعلى ، ومن المعافى الجريري ، والكتاني ، وعدة . ولحق بدمشق عبد الوهاب الكلابي ، وأنه سمع بمصر من أبي مسلم الكاتب ، ويروي العالي والنازل ، وخطه رديء الوضع ، جمع سيرة لمعاوية ، و " مسندا " في بضعة عشر جزءا ، حشاه بالأباطيل السمجة .
تلا عليه الهذلي وغلام الهراس وأحمد بن أبي الأشعث السمرقندي ، وأبو الحسن المصيني ، وعتيق الردائي وأبو الوحش سبيع بن قيراط ، وخلق . [ ص: 15 ]
وحدث عنه : الخطيب ، والكتاني ، والفقيه نصر المقدسي ، وأبو طاهر الحنائي ، وأبو القاسم النسيب ووثقه ، وبالإجازة أبو سعد بن الطيوري .
وألف كتابا طويلا في الصفات فيه كذب ، ومما فيه : حديث عرق الخيل وتلك الفضائح ، فسبه علماء الكلام وغيرهم . وكان ينال من ابن أبي بشر وعلق في ثلبه ، والله يغفر لهما .
قال كان على مذهب ابن عساكر السالمية يقول بالظاهر ، ويتمسك بالأحاديث الضعيفة التي تقوي رأيه . وسمعت أبا الحسن بن قبيس ، عن أبيه ، قال : لما ظهر من أبي علي الإكثار من الروايات في القراءات اتهم ، فسار رشأ بن نظيف وابن الفرات ، وقرءوا ببغداد على الذين روى عنهم الأهوازي ، وجاءوا ، فمضى إليهم أبو علي ، وسألهم أن يروه [ ص: 16 ] الإجازات ، فأخذها ، وغير أسماء من سمى ليستر دعواه ، فعادت عليه بركة القرآن فلم يفتضح ، وعوتب رجل في القراءة عليه ، فقال : أقرأ عليه للعلم ، ولا أصدقه في حرف .
قال عبد العزيز الكتاني : اجتمعت بهبة الله اللالكائي ، فسألني : من بدمشق ؟ فذكرت منهم الأهوازي ، فقال : لو سلم من الروايات في القراءات .
ثم قال الكتاني : وكان مكثرا من الحديث ، وصنف الكثير في القراءات وفي أسانيدها ، له غرائب يذكر أنه أخذها رواية وتلاوة . وممن وهاه ابن خيرون .
وقال الداني : أخذ القراءات عرضا وسماعا من أصحاب ابن شنبود ، . قال : وكان واسع الرواية ، حافظا ضابطا ، أقرأ دهرا وابن مجاهد بدمشق .
قلت : في نفسي أمور من علوه في القراءات .
وقال عقيب حديث كذب : ابن عساكر الأهوازي متهم .
قلت : الحديث أنبأني به ابن أبي الخير ، عن ابن بوش ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن الأهوازي ، حدثنا أحمد بن علي الأطرابلسي ، عن عبد الله بن الحسن القاضي ، عن البغوي ، عن هدبة ، عن حماد بن سلمة ، عن وكيع بن عدس ، عن أبي رزين ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : " رأيت [ ص: 17 ] ربي بمنى على جمل أورق ، عليه جبة " .
وقال في " تبيين كذب المفتري " لا يستبعدن جاهل كذب ابن عساكر الأهوازي فيما أورده من تلك الحكايات ، فقد كان من أكذب الناس فيما يدعي من الروايات في القراءات .
وقال محمد بن طاهر الملحي : كنت عند رشأ بن نظيف في داره على باب الجامع ، فاطلع منها وقال : قد عبر رجل كذاب . فاطلعت فوجدته الأهوازي .
وقال عبد الله بن أحمد بن السمرقندي : قال لنا أبو بكر الخطيب : أبو [ ص: 18 ] علي الأهوازي كذاب في القراءات والحديث جميعا .
قلت : يريد تركيب الإسناد ، وادعاء اللقاء ، أما وضع حروف أو متون فحاشا وكلا ، ما أجوز ذلك عليه ، وهو بحر في القراءات ، تلقى المقرئون تواليفه ونقله للفن بالقبول ، ولم ينتقدوا عليه انتقاد أصحاب الحديث ، كما أحسنوا الظن بالنقاش وبالسامري وطائفة راجوا عليهم .
توفي أبو علي -سامحه الله- في رابع ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة .