[ ص: 142 ] البسطامي
شيخ الشافعية ومحتشمهم أبو سهل ، محمد بن الإمام جمال الإسلام الموفق هبة الله ابن العلامة المصنف أبي عمر محمد بن الحسين البسطامي ، ثم النيسابوري ، زين أهل الحديث .
انتهت إليه زعامة الشافعية بعد أبيه ، وكان مدرسا رئيسا ، ذكيا وقورا ، قليل الكلام ، مات شابا عن ثلاث وثلاثين سنة .
سمع من النصروبي ، وأبي حسان المزكي .
وكانت داره مجمع العلماء ، واحتف به الفقهاء رعاية لأبوته ، وظهر له القبول ، وشد منه القشيري وظهر له خصوم وحساد ، وحرفوا عنه [ ص: 143 ] السلطان ، ونيل من الأشعرية ، ومنعوا من الوعظ ، وعزلوا من خطابة نيسابور ، وقويت المعتزلة والشيعة ، وآل الأمر إلى توظيف اللعن في الجمع ، ثم تعدى اللعن إلى طوائف ، وهاجت فتنة بخراسان حتى سجن القشيري ، والرئيس الفراتي ، ، وإمام الحرمين وأبو سهل هذا ، وأمر بنفيهم ، فاختفى الجويني ، وفر إلى الحجاز من طريق كرمان ، فتهيأ أبو سهل ، وجمع أعوانا ومقاتلة ، والتقى في البلد هو وأمير البلد ، فانتصر أبو سهل ، وجرح الأمير ، وعظمت المحنة ، وبادر أبو سهل إلى السلطان ، فأخذ وحبس أشهرا ، وصودر وأخذت ضياعه ، ثم أطلق ، فحج ، ثم عظم بعد عند ألب آرسلان وهم بأن يستوزره ، فقصد واغتيل إلى رحمة الله في سنة ست وخمسين وأظهر عليه أهل نيسابور من الجزع ما لا يعبر عنه ، وندبته النوائح مدة ، وأنشدت مراثيه في الأسواق .
وقيل : بل بعثه السلطان رسولا إلى بغداد ، فمات في الطريق ، وخلف دنيا واسعة .