الخطيب
الإمام الأوحد ، العلامة المفتي ، الحافظ الناقد ، محدث الوقت أبو بكر ، أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي ، صاحب التصانيف ، وخاتمة الحفاظ .
ولد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة .
وكان أبوه أبو الحسن خطيبا بقرية درزيجان وممن تلا القرآن على [ ص: 271 ] أبي حفص الكتاني ، فحض ولده أحمد على السماع والفقه ، فسمع وهو ابن إحدى عشرة سنة ، وارتحل إلى البصرة وهو ابن عشرين سنة ، وإلى نيسابور وهو ابن ثلاث وعشرين سنة ، وإلى الشام وهو كهل ، وإلى مكة ، وغير ذلك . وكتب الكثير ، وتقدم في هذا الشأن ، وبذ الأقران ، وجمع وصنف وصحح ، وعلل وجرح ، وعدل وأرخ وأوضح ، وصار أحفظ أهل عصره على الإطلاق .
سمع أبا عمر بن مهدي الفارسي ، وأحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي ، وأبا الحسين بن المتيم ، وحسين بن الحسن الجواليقي ابن العريف يروي عن ابن مخلد العطار ، وسعد بن محمد الشيباني سمع من أبي علي الحصائري وعبد العزيز بن محمد الستوري حدثه عن إسماعيل الصفار وإبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي وأبا الفرج محمد بن فارس الغوري ، وأبا الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي ، وأبا بكر محمد بن عبد الله بن أبان الهيتي ومحمد بن عمر بن عيسى الحطراني [ ص: 272 ] حدثه عن أحمد بن إبراهيم البلدي ، وأبا نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي ، وأبا القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر ، والحسين بن عمر بن برهان ، وأبا الحسن بن رزقويه ، وأبا الفتح هلال بن محمد الحفار ، وأبا الفتح بن أبي الفوارس ، وأبا العلاء محمد بن الحسن الوراق ، وأبا الحسين بن بشران . وينزل إلى أن يكتب عن عبد الصمد بن المأمون ، وأبي الحسين بن النقور ، بل نزل إلى أن روى عن تلامذته كنصر المقدسي ، ، وابن ماكولا . وهذا شأن كل حافظ يروي عن الكبار والصغار . والحميدي
وسمع بعكبرا من الحسين بن محمد الصائغ حدثه عن نافلة علي بن حرب .
ولحق بالبصرة أبا عمر الهاشمي شيخه في " السنن " ، وعلي بن القاسم الشاهد ، والحسن بن علي السابوري وطائفة .
وسمع بنيسابور القاضي أبا بكر الحيري ، وأبا سعيد الصيرفي ، وأبا القاسم عبد الرحمن السراج ، وعلي بن محمد الطرازي ، والحافظ أبا حازم العبدوي ، وخلقا .
وبأصبهان : أبا الحسن بن عبدكويه ، وأبا عبد الله الجمال ، ومحمد [ ص: 273 ] بن عبد الله بن شهريار ، وأبا نعيم الحافظ .
وبالدينور : أبا نصر الكسار .
وبهمذان : محمد بن عيسى ، وطبقته .
وسمع بالري والكوفة وصور ودمشق ومكة .
وكان قدومه إلى دمشق في سنة خمس وأربعين ، فسمع من محمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي ، وطبقته واستوطنها ، ومنها حج ، وقرأ صحيح على البخاري كريمة في أيام الموسم .
وأعلى ما عنده حديث مالك ، ، بينه وبين كل منهما ثلاثة أنفس . وحماد بن زيد
حدث عنه : أبو بكر البرقاني ; وهو من شيوخه ، وأبو نصر بن ماكولا ، والفقيه نصر ، ، والحميدي وأبو الفضل بن خيرون ، والمبارك بن الطيوري ، وأبو بكر بن الخاضبة ، وأبي النرسي ، وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي ، والمرتضى محمد بن محمد الحسيني ، ومحمد بن مرزوق الزعفراني ، وأبو القاسم النسيب ، وهبة الله بن الأكفاني ، ومحمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي ، وغيث بن علي الأرمنازي ، وأحمد بن أحمد المتوكلي ، وأحمد بن علي بن المجلي ، وهبة الله بن عبد الله الشروطي ، وأبو الحسن بن سعيد ، وطاهر بن سهل الإسفراييني ، وبركات النجاد ، وعبد الكريم بن حمزة ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس المالكي ، وأبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي ، وقاضي المارستان أبو بكر ، وأبو القاسم إسماعيل بن [ ص: 274 ] أحمد بن السمرقندي ، وأبو بكر محمد بن الحسين المزرفي وأبو منصور الشيباني ; راوي " تاريخه " ، وأبو منصور بن خيرون المقرئ ، وبدر بن عبد الله الشيحي ، والزاهد يوسف بن أيوب الهمذاني ، وهبة الله بن علي المجلي ، وأخوه أبو السعود أحمد وأبو الحسين بن أبي يعلى ، وأبو الحسين بن بويه ، وأبو البدر الكرخي ، ومفلح الدومي ، ويحيى بن الطراح ، وأبو الفضل الأرموي ، وعدد يطول ذكرهم .
وكان من كبار الشافعية ، تفقه على أبي الحسن بن المحاملي والقاضي . أبي الطيب الطبري
قال أبو منصور بن خيرون حدثنا الخطيب أنه ولد في جمادى الآخرة سنة 392 وأول ما سمع في المحرم سنة ثلاث وأربعمائة .
قال أحمد بن صالح الجيلي : تفقه الخطيب ، وقرأ بالقراءات ، وارتحل وقرب من رئيس الرؤساء فلما قبض عليه البساسيري استتر الخطيب ، وخرج إلى صور ، وبها عز الدولة ، أحد الأجواد ، فأعطاه مالا كثيرا . عمل نيفا وخمسين مصنفا ، وانتهى إليه الحفظ ، شيعه خلق عظيم ، وتصدق بمائتي دينار ، وأوقف كتبه ، واحترق كثير منها بعده بخمسين سنة . [ ص: 275 ]
وقال الخطيب : استشرت البرقاني في الرحلة إلى أبي محمد بن النحاس بمصر ، أو إلى نيسابور إلى أصحاب الأصم ، فقال : إنك إن خرجت إلى مصر إنما تخرج إلى واحد ، إن فاتك ، ضاعت رحلتك ، وإن خرجت إلى نيسابور ، ففيها جماعة ، إن فاتك واحد أدركت من بقي . فخرجت إلى نيسابور .
قال الخطيب في " تاريخه " : كنت أذاكر أبا بكر البرقاني بالأحاديث ، فيكتبها عني ، ويضمنها جموعه . وحدث عني وأنا أسمع وفي غيبتي ، ولقد حدثني عيسى بن أحمد الهمذاني ، أخبرنا أبو بكر الخوارزمي سنة عشرين وأربعمائة ، حدثنا أحمد بن علي بن ثابت ، حدثنا محمد بن موسى الصيرفي ، حدثنا الأصم . فذكر حديثا .
قال : كان ابن ماكولا أبو بكر آخر الأعيان ممن شاهدناه ، معرفة ، وحفظا ، وإتقانا ، وضبطا لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتفننا في علله وأسانيده ، وعلما بصحيحه وغريبه ، وفرده ومنكره ومطروحه ، ولم يكن للبغداديين -بعد - مثله . سألت أبا أبي الحسن الدارقطني عبد الله الصوري عن الخطيب وأبي نصر السجزي : أيهما أحفظ ؟ ففضل الخطيب تفضيلا بينا . [ ص: 276 ]
قال المؤتمن الساجي : ما أخرجت بغداد بعد أحفظ من الدارقطني أبي بكر الخطيب .
وقال أبو علي البرداني : لعل الخطيب لم ير مثل نفسه .
أنبأني بالقولين المسلم بن محمد ، عن القاسم بن عساكر ، حدثنا أبي ، حدثنا أخي هبة الله ، حدثنا أبو طاهر السلفي ، عنهما .
وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه : أبو بكر الخطيب يشبه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه .
وقال أبو الفتيان الحافظ : كان الخطيب إمام هذه الصنعة ، ما رأيت مثله .
قال أبو القاسم النسيب : سمعت الخطيب يقول : كتب معي أبو بكر البرقاني كتابا إلى يقول فيه : وقد رحل إلى ما عندك أخونا أبي نعيم الحافظ أبو بكر -أيده الله وسلمه- ليقتبس من علومك ، وهو -بحمد الله- ممن له في هذا الشأن سابقة حسنة ، وقدم ثابت ، وقد رحل فيه وفي طلبه ، وحصل له منه ما لم يحصل لكثير من أمثاله ، وسيظهر لك منه عند الاجتماع من ذلك مع [ ص: 277 ] التورع والتحفظ ما يحسن لديك موقعه .
قال عبد العزيز بن أحمد الكتاني : سمع من الخطيب شيخه أبو القاسم عبيد الله الأزهري في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة . وكتب عنه شيخه البرقاني ، وروى عنه . وعلق الفقه عن ، أبي الطيب الطبري وأبي نصر بن الصباغ ، وكان يذهب إلى مذهب ، رحمه الله . أبي الحسن الأشعري
قلت : صدق . فقد صرح الخطيب في أخبار الصفات أنها تمر كما جاءت بلا تأويل .
قال الحافظ أبو سعد السمعاني في " الذيل " : كان الخطيب مهيبا وقورا ، ثقة متحريا ، حجة ، حسن الخط ، كثير الضبط ، فصيحا ، ختم به الحفاظ ، رحل إلى الشام حاجا ، ولقي بصور أبا عبد الله القضاعي ، وقرأ " الصحيح " في خمسة أيام على كريمة المروزية ، ورجع إلى بغداد ، ثم خرج منها بعد فتنة البساسيري لتشويش الوقت إلى الشام ، سنة إحدى وخمسين ، فأقام بها ، وكان يزور بيت المقدس ، ويعود إلى صور ، إلى سنة اثنتين وستين ، فتوجه إلى طرابلس ، ثم منها إلى حلب ، ثم إلى الرحبة ، ثم إلى بغداد ، فدخلها في ذي الحجة . وحدث بحلب وغيرها .
السمعاني : سمعت الخطيب مسعود بن محمد بمرو ، سمعت الفضل بن عمر النسوي يقول : كنت بجامع صور عند أبي بكر الخطيب ، فدخل علوي وفي كمه دنانير ، فقال : هذا الذهب تصرفه في مهماتك . فقطب في [ ص: 278 ] وجهه ، وقال : لا حاجة لي فيه ، فقال : كأنك تستقله ، وأرسله من كمه على سجادة الخطيب . وقال : هذه ثلاثمائة دينار . فقام الخطيب خجلا محمرا وجهه ، وأخذ سجادته ، ورمى الدنانير ، وراح . فما أنى عزه وذل العلوي وهو يلتقط الدنانير من شقوق الحصير .
ابن ناصر : حدثنا أبو زكريا التبريزي اللغوي قال : دخلت دمشق ، فكنت أقرأ على الخطيب بحلقته بالجامع كتب الأدب المسموعة ، وكنت أسكن منارة الجامع ، فصعد إلي ، وقال : أحببت أن أزورك في بيتك . فتحدثنا ساعة . ثم أخرج ورقة ، وقال : الهدية مستحبة ، تشتري بهذا أقلاما . ونهض ، فإذا خمسة دنانير مصرية ، ثم صعد مرة أخرى ، ووضع نحوا من ذلك . وكان إذا قرأ الحديث في جامع دمشق يسمع صوته في آخر الجامع ، وكان يقرأ معربا صحيحا .
قال السمعاني : سمعت من ستة عشر نفسا من أصحابه ، وحدثنا عنه يحيى بن علي الخطيب ، سمع منه بالأنبار ، قرأت بخط أبي ، سمعت أبا محمد بن الآبنوسي ، سمعت الخطيب يقول : كلما ذكرت في التاريخ رجلا اختلفت فيه أقاويل الناس في الجرح والتعديل ، فالتعويل على ما أخرت وختمت به الترجمة .
قال ابن شافع : خرج الخطيب إلى صور ، وقصدها وبها عز الدولة ، الموصوف بالكرم ، فتقرب منه ، فانتفع به ، وأعطاه مالا كثيرا . قال : وانتهى [ ص: 279 ] إليه الحفظ والإتقان ، والقيام بعلوم الحديث .
قال : سمعت الحافظ ابن عساكر الحسين بن محمد يحكي ، عن ابن خيرون أو غيره ، أن الخطيب ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات ، وسأل الله ثلاث حاجات ، أن يحدث ب " تاريخ بغداد " بها ، وأن يملي الحديث بجامع المنصور ، وأن يدفن عند بشر الحافي . فقضيت له الثلاث .
قال غيث بن علي : حدثنا أبو الفرج الإسفراييني قال : كان الخطيب معنا في الحج ، فكان يختم كل يوم ختمة قراءة ترتيل ، ثم يجتمع الناس عليه وهو راكب يقولون : حدثنا ، فيحدثهم . أو كما قال .
قال المؤتمن : سمعت عبد المحسن الشيحي يقول : كنت عديل أبي بكر الخطيب من دمشق إلى بغداد ، فكان له في كل يوم وليلة ختمة .
قال الخطيب في ترجمة إسماعيل بن أحمد النيسابوري الضرير حج وحدث ، ونعم الشيخ كان ، ولما حج ، كان معه حمل كتب ليجاور ، منه : صحيح البخاري ; سمعه من الكشميهني ، فقرأت عليه جميعه في ثلاثة [ ص: 280 ] مجالس ، فكان المجلس الثالث من أول النهار وإلى الليل ، ففرغ طلوع الفجر .
قلت : هذه -والله- القراءة التي لم يسمع قط بأسرع منها .
وفي " تاريخ " محمد بن عبد الملك الهمذاني : توفي الخطيب في كذا ، ومات هذا العلم بوفاته . وقد كان رئيس الرؤساء تقدم إلى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثا حتى يعرضوه عليه ، فما صححه أوردوه ، وما رده لم يذكروه . وأظهر بعض اليهود كتابا ادعى أنه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإسقاط الجزية عن أهل خيبر ، وفيه شهادة الصحابة ، وذكروا أن خط علي -رضي الله عنه - فيه . وحمل الكتاب إلى رئيس الرؤساء ، فعرضه على الخطيب ، فتأمله ، وقال : هذا مزور ، قيل : من أين قلت ؟ قال : فيه شهادة معاوية وهو أسلم عام الفتح ، وفتحت خيبر سنة سبع ، وفيه شهادة ومات يوم سعد بن معاذ بني قريظة قبل خيبر بسنتين . فاستحسن ذلك منه .
قال السمعاني : سمعت يوسف بن أيوب بمرو يقول : حضر الخطيب درس شيخنا أبي إسحاق ، فروى أبو إسحاق حديثا من رواية بحر بن كنيز السقاء ، ثم قال : ما تقول فيه ؟ فقال : إن أذنت لي ذكرت حاله . [ ص: 281 ] فانحرف للخطيب أبو إسحاق ، وقعد كالتلميذ ، وشرع الخطيب يقول ، وشرح أحواله شرحا حسنا ، فأثنى الشيخ عليه ، وقال : هذا دارقطني عصرنا .
قال أبو علي البرداني : حدثنا حافظ وقته أبو بكر الخطيب ، وما رأيت مثله ، ولا أظنه رأى مثل نفسه .
وقال السلفي : سألت شجاعا الذهلي عن الخطيب ، فقال : إمام مصنف حافظ ، لم ندرك مثله .
وعن سعيد المؤدب قال : قلت لأبي بكر الخطيب عند قدومي : أنت الحافظ أبو بكر ؟ قال : انتهى الحفظ إلى . الدارقطني
قال ابن الآبنوسي : كان الحافظ الخطيب يمشي وفي يده جزء يطالعه .
وقال المؤتمن : كان الخطيب يقول : من صنف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس .
محمد بن طاهر : حدثنا مكي بن عبد السلام الرميلي قال : كان سبب خروج الخطيب من دمشق إلى صور ، أنه كان يختلف إليه صبي مليح ، فتكلم [ ص: 282 ] الناس في ذلك ، وكان أمير البلد رافضيا متعصبا ، فبلغته القصة ، فجعل ذلك سببا إلى الفتك به ، فأمر صاحب شرطته أن يأخذ الخطيب بالليل ، فيقتله ، وكان صاحب الشرطة سنيا ، فقصده تلك الليلة في جماعة ، ولم يمكنه أن يخالف الأمير ، فأخذه ، وقال : قد أمرت فيك بكذا وكذا ، ولا أجد لك حيلة إلا أني أعبر بك عند دار الشريف بن أبي الجن فإذا حاذيت الدار ، اقفز وادخل ، فإني لا أطلبك ، وأرجع إلى الأمير ، فأخبره بالقصة . ففعل ذلك ، ودخل دار الشريف ، فأرسل الأمير إلى الشريف أن يبعث به ، فقال : أيها الأمير ! أنت تعرف اعتقادي فيه وفي أمثاله ، وليس في قتله مصلحة ، هذا مشهور بالعراق ، إن قتلته ، قتل به جماعة من الشيعة ، وخربت المشاهد . قال : فما ترى ؟ قال : أرى أن ينزح من بلدك . فأمر بإخراجه ، فراح إلى صور ، وبقي بها مدة .
قال : سعى أبو القاسم بن عساكر بالخطيب حسين بن علي الدمنشي إلى أمير الجيوش ، فقال : هو ناصبي يروي فضائل الصحابة وفضائل العباس في الجامع .
وروى عمن ذكره أن ابن عساكر الخطيب وقع إليه جزء فيه سماع القائم بأمر الله ، فأخذه ، وقصد دار الخلافة ، وطلب الإذن ، في قراءته ، فقال [ ص: 283 ] الخليفة : هذا رجل كبير في الحديث ، وليس له في السماع حاجة ، فلعل له حاجة أراد أن يتوصل إليها بذلك ، فسلوه ما حاجته ؟ فقال : حاجتي أن يؤذن لي أن أملي بجامع المنصور . فأذن له ، فأملى .
قال ابن طاهر : سألت هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي : هل كان الخطيب كتصانيفه في الحفظ ؟ قال : لا ، كنا إذا سألناه عن شيء أجابنا بعد أيام ، وإن ألححنا عليه غضب ، كانت له بادرة وحشة ، ولم يكن حفظه على قدر تصانيفه .
وقال أبو الحسين بن الطيوري : أكثر كتب الخطيب - سوى " تاريخ بغداد " - مستفادة من كتب الصوري كان الصوري ابتدأ بها ، وكانت له أخت بصور ، خلف أخوها عندها اثني عشر عدلا من الكتب ، فحصل الخطيب من كتبه أشياء . وكان الصوري قد قسم أوقاته في نيف وثلاثين شيئا .
قلت : ما الخطيب بمفتقر إلى الصوري ، هو أحفظ وأوسع رحلة وحديثا ومعرفة .