ابن العوام القرشي الأسدي أمير العراقين . أبو عيسى وأبو عبد الله ، لا رواية له .
[ ص: 141 ] كان فارسا شجاعا ، جميلا وسيما ، حارب المختار وقتله ، وكان سفاكا للدماء ، سار لحربه ، وأمه هي عبد الملك بن مروان الرباب بنت أنيف الكلبية ، وكان يسمى -من سخائه- آنية النحل .
وفيه يقول عبيد الله بن قيس الرقيات :
إنما مصعب شهاب من الل ه تجلت عن وجهه الظلماء ملكه ملك عز ليس فيه
جبروت منه ولا كبرياء يتقي الله في الأمور وقد أف
لح من كان همه الاتقاء
وروى عمر بن أبي زائدة ، أن الشعبي قال : ما رأيت أميرا قط على منبر أحسن من مصعب .
قال المدائني : كان يحسد على الجمال .
وروى ابن ، عن أبيه ، قال : اجتمع في الحجر أبي الزناد عبد الله ، ومصعب ، وعروة -بنو الزبير - ، فقال : تمنوا ، فقال وابن عمر ابن الزبير أتمنى الخلافة ، وقال عروة : أتمنى أن يؤخذ عني العلم ، وقال مصعب : أتمنى إمرة العراق ، والجمع بين ، عائشة بنت طلحة . وسكينة بنت الحسين
فقال ابن عمر : أما أنا فأتمنى المغفرة . فنالوا ما تمنوا ، ولعل ابن عمر قد غفر له .
[ ص: 142 ] وكان عبد الملك ودودا لمصعب وصديقا .
قال : بلغ علي بن زيد بن جدعان مصعبا شيء عن عريف الأنصار ، فهم به ، فأتاه أنس فقال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : بالأنصار خيرا ; اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم فألقى استوصوا مصعب نفسه عن السرير وألزق خده بالبساط وقال : أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على العين والرأس ، وتركه أخرجه أحمد .
قال مصعب الزبيري : أهديت لمصعب نخلة من ذهب ، عثاكلها من صنوف الجوهر ، قومت بألفي ألف دينار ، كانت للفرس ، فدفعها إلى عبد الله بن أبي فروة .
قال : كان أبو عاصم النبيل ابن الزبير إذا كتب لأحد بجائزة ألف درهم جعلها مصعب مائة ألف .
وقد سئل سالم : أي ابني الزبير أشجع؟ قال : كلاهما جاء الموت وهو ينظر إليه .
وقيل : تذاكروا الشجعان ، فقال عبد الملك : أشجع العرب من ولي العراقين خمس سنين فأصاب ثلاثة آلاف ألف ، وتزوج بنت الحسين وبنت طلحة وبنت عبد الله بن عامر ، وأمه رباب بنت أنيف الكلبي سيد [ ص: 143 ] ضاحية العرب ، وأعطي الأمان فأبى ، ومشى بسيفه حتى قتل .
قال : رأيت بقصر عبد الملك بن عمير الكوفة رأس الحسين الشهيد ، ثم رأس ابن زياد ، ثم رأس المختار ، ثم رأس مصعب بين يدي عبد الملك .
قتل مصعب يوم نصف جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين . وله أربعون سنة .
وكان مصعب قد سار ليأخذ الشام ، فقصده عبد الملك ، فوقع بينهما ملحمة كبرى بدير الجاثليق بقرب أوانا .
وكان قد كاتب عبد الملك جماعة من الوجوه يمنيهم ويعدهم إمرة العراق وإمرة العجم ، فأجابوه إلا ، فأتى إبراهيم بن الأشتر مصعبا بكتابه وفيه : إن بايعتني وليتك العراق . وقال : قد كتبت إلى أصحابك ، فأطعني واضرب أعناقهم . قال : إذا تغضب عشائرهم . قال : فاسجنهم ، قال : فإني لفي شغل عن ذلك . يرحم الله الأحنف ، إن كان ليحذر غدر العراقيين .
وقيل : قال لهم قيس بن الهيثم : ويحكم ; لا تدخلوا أهل الشام عليكم منازلكم .
وأشار ابن الأشتر بقتل زياد بن عمرو ، ومالك بن مسمع ، فلما التقى الجمعان ، لحقوا بعبد الملك وهرب عتاب بن ورقاء ، وخذلوا مصعبا . فقال ابن قيس الرقيات [ ص: 144 ]
إن الرزية يوم مس كن والمصيبة والفجيعه
بابن الحواري الذي لم يعده يوم الوقيعه
غدرت به مضر العرا ق وأمكنت منه ربيعه
فأصبت وترك يا ربي ع وكنت سامعة مطيعه
يا لهف لو كانت له بالدير يوم الدير شيعه
أولم يخونوا عهده أهل العراق بنو اللكيعه
لوجدتموه حين يح در لا يعرس بالمضيعه
فقيل : أخبر عبد الله بن خازم السلمي أمير خراسان بمسير مصعب إلى عبد الملك ، فقال : أمعه عمر بن عبيد الله التيمي؟ قيل : لا ، ذاك استعمله على فارس . قال : أفمعه المهلب بن أبي صفرة؟ قيل : لا ، ولاه الموصل . قال : أمعه عباد بن حصين؟ قيل : استعمله على البصرة . فقال : وأنا هنا ثم تمثل :
خذيني وجريني ضباع وأبشري بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره