مطرف بن عبد الله ( ع )
ابن الشخير ، الإمام ، القدوة ، الحجة ، أبو عبد الله الحرشي العامري البصري ، أخو يزيد بن عبد الله .
[ ص: 188 ] حدث عن أبيه -رضي الله عنه- ، وعلي ، وعمار ، وأبي ذر ، وعثمان ، ، وعائشة ، وعثمان بن أبي العاص ومعاوية ، ، وعمران بن حصين ، وغيرهم . وعن وعبد الله بن مغفل المزني أبي مسلم الجذمي ، وحكيم بن قيس بن عاصم المنقري . وأرسل عن أبي بن كعب .
حدث عنه : ، وأخوه الحسن البصري يزيد بن عبد الله ، ، وأبو التياح يزيد بن حميد وثابت البناني ، وسعيد بن أبي هند ، وقتادة ، وغيلان بن جرير ، ومحمد بن واسع ، ، وأبو نضرة العبدي ويزيد الرشك ، ، وحميد بن هلال ، وابن أخيه وسعيد الجريري عبد الله بن هانئ بن عبد الله بن الشخير ، وعبد الكريم بن رشيد ، وأبو نعامة السعدي ، وخلق سواهم .
أنبأنا ابن أبي الخير ، عن اللبان ، أنبأنا الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا يوسف النجيرمي حدثنا الحسن بن المثنى ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن ، عن أبيه قال : مطرف بن عبد الله بن الشخير . أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء
[ ص: 189 ] ذكره ابن سعد فقال روى عن أبي بن كعب وكان ثقة له فضل وورع وعقل وأدب .
وقال العجلي : كان ثقة لم ينج بالبصرة من فتنة ابن الأشعث إلا هو ، ولم ينج منها وابن سيرين بالكوفة إلا خيثمة بن عبد الرحمن ، . وإبراهيم النخعي
قال مهدي بن ميمون : حدثنا غيلان بن جرير ، أنه كان بينه وبين رجل كلام ، فكذب عليه فقال : اللهم إن كان كاذبا فأمته . فخر ميتا مكانه ، قال : فرفع ذلك إلى زياد فقال : قتلت الرجل؟ قال : لا ; ولكنها دعوة وافقت أجلا .
وعن غيلان أن مطرفا كان يلبس المطارف والبرانس ، ويركب الخيل ، ويغشى السلطان ، ولكنه إذا أفضيت إليه ، أفضيت إلى قرة عين .
وكان يقول : عقول الناس على قدر زمانهم .
وروى قتادة عن مطرف بن عبد الله ، قال : فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة ، وخير دينكم الورع .
قال يزيد بن عبد الله بن الشخير : مطرف أكبر مني بعشر سنين ، وأنا أكبر من بعشر سنين . الحسن البصري
قلت : على هذا يقتضي أن مولد مطرف كان عام " بدر " أو عام " أحد " ويمكن أن يكون سمع من عمر وأبي .
[ ص: 190 ] قال ابن سعد : توفي مطرف في أول ولاية الحجاج .
قلت : بل بقي إلى أن خرج بعد الثمانين ، وأما عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث عمرو بن علي ، فأرخا موته في سنة خمس وتسعين . وهذا أشبه . والترمذي
وفي " الحلية " روى أبو الأشهب ، عن رجل ، قال مطرف بن عبد الله : لأن أبيت نائما وأصبح نادما أحب إلي من أبيت أن قائما وأصبح معجبا .
قلت : لا أفلح -والله- من زكى نفسه أو أعجبته .
وعن ثابت البناني ، عن مطرف قال : لأن يسألني الله -تعالى- يوم القيامة ، فيقول : يا مطرف ، ألا فعلت . أحب إلي من أن يقول : لم فعلت؟ .
جرير بن حازم : حدثنا حميد بن هلال قال : قال مطرف بن عبد الله : إنما وجدت العبد ملقى بين ربه وبين الشيطان ، فإن استشلاه ربه واستنقذه نجا ، وإن تركه والشيطان ، وذهب به .
جعفر بن سليمان : حدثنا ثابت قال : قال مطرف : لو أخرج قلبي ، فجعل في يساري وجيء بالخير ، فجعل في يميني ، ما استطعت أن أولج قلبي منه شيئا حتى يكون الله يضعه .
أبو جعفر الرازي : عن قتادة ، عن مطرف قال : إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم ، فاطلبوا نعيما لا موت فيه .
[ ص: 191 ] : عن حماد بن يزيد ، عن داود بن أبي هند مطرف بن عبد الله قال : ليس لأحد أن يصعد فيلقي نفسه من شاهق ، ويقول : قدر لي ربي ; ولكن يحذر ويجتهد ويتقي ، فإن أصابه شيء ، علم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له .
غيلان بن جرير ، عن مطرف قال : لا تقل : فإن الله يقول ، ولكن قل : قال الله تعالى . وقال : إن الرجل ليكذب مرتين ، يقال له : ما هذا؟ فيقول : لا شيء إلا شيء ليس بشيء .
أبو عقيل بشير بن عقبة قال : قلت ليزيد بن الشخير : ما كان مطرف يصنع إذا هاج الناس؟ قال : يلزم قعر بيته ، ولا يقرب لهم جمعة ولا جماعة حتى تنجلي .
وقال أيوب : قال مطرف : لأن آخذ بالثقة في القعود أحب إلي من أن ألتمس فضل الجهاد بالتغرير .
قال غيلان بن جرير : كان مطرف يلبس البرانس والمطارف ، ويركب الخيل ، ويغشى السلطان ، لكن إذا أفضيت إليه ، أفضيت إلى قرة عين .
قال مسلمة بن إبراهيم : حدثنا أبو طلحة بشر بن كثير ، قال : حدثتني [ ص: 192 ] امرأة مطرف أنه تزوجها على ثلاثين ألفا وبغلة وقطيفة وماشطة .
وروى مهدي بن ميمون ، أن غيلان قال : تزوج مطرف امرأة على عشرين ألفا .
قلت : كان مطرف له مال وثروة وبزة جميلة ، ووقع في النفوس . وروى أبو خلدة أن مطرفا كان يخضب بالصفرة .
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر ، أنبأنا ابن خليل ، أنبأنا أبو المكارم اللبان ، أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنبأنا ، حدثنا أبو نعيم الحافظ يوسف بن يعقوب النجيرمي ، حدثنا الحسن بن المثنى ، حدثنا عفان ، حدثنا همام ، سمعت قتادة يقول : حدثنا مطرف قال : كنا نأتي زيد بن صوحان فكان يقول : يا عباد الله ، أكرموا وأجملوا ; فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين : الخوف والطمع .
فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتابا ، فنسقوا كلاما من هذا النحو : إن الله ربنا ، ومحمدا نبينا ، والقرآن إمامنا ، ومن كان معنا كنا وكنا ، ومن خالفنا كانت يدنا عليه وكنا وكنا . قال : فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا ، فيقولون : أقررت يا فلان؟ حتى انتهوا إلي فقالوا : أقررت يا غلام؟ قلت : لا ، قال -يعني زيدا- : لا تعجلوا على الغلام ، ما تقول يا غلام؟ قلت : إن الله قد أخذ علي عهدا في كتابه ، فلن أحدث عهدا سوى العهد الذي أخذه علي .
فرجع القوم من عند آخرهم ما أقر منهم أحد ، وكانوا زهاء ثلاثين نفسا .
قال قتادة : فكان مطرف إذا كانت الفتنة نهى عنها وهرب ، وكان الحسن ينهى عنها ولا يبرح .
قال مطرف : ما أشبه الحسن إلا برجل يحذر الناس السيل ويقوم بسننه .
[ ص: 193 ] وبه ، قال أبو نعيم حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا إسحاق ، أنبأنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن قتادة قال : كان مطرف بن عبد الله وصاحب له سريا في ليلة مظلمة ، فإذا طرف سوط أحدهما عنده ضوء ، فقال : أما إنه لو حدثنا الناس بهذا ، كذبونا . فقال مطرف : المكذب أكذب - يقول : المكذب بنعمة الله أكذب .
وبه ، حدثنا أبو حامد بن جبلة : حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا الحسين بن منصور ، حدثنا حجاج ، عن مهدي بن ميمون ، عن غيلان بن جرير ، قال : أقبل مطرف مع ابن أخ له من البادية -وكان يبدو- فبينا هو يسير سمع في طرف سوطه كالتسبيح فقال له ابن أخيه : لو حدثنا الناس بهذا ، كذبونا . فقال : المكذب أكذب الناس .
وبه ، حدثنا أبو بكر بن مالك ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا محمد بن عبيد بن حساب ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا أبو التياح قال : كان مطرف بن عبد الله يبدو ; فإذا كان ليلة الجمعة ، أدلج على فرسه ، فربما نور له سوطه ، فأدلج ليلة حتى إذا كان عند القبور ، هوم على فرسه ، قال : فرأيت أهل القبور ، صاحب كل قبر جالسا على قبره ، فلما رأوني ، قالوا : هذا مطرف يأتي الجمعة قلت : أتعلمون عندكم يوم الجمعة؟ قالوا : نعم ، نعلم ما تقول الطير فيه . قلت : وما تقول الطير؟ قالوا : تقول : سلام سلام من يوم صالح . إسنادها صحيح .
عبد الله بن جعفر الرقي ، حدثنا الحسن بن عمرو الفزاري ، عن ثابت [ ص: 194 ] البناني ورجل آخر ، أنهما دخلا على مطرف وهو مغمى عليه ، قال : فسطعت معه ثلاثة أنوار : نور من رأسه ، ونور من وسطه ، ونور من رجليه ، فهالنا ذلك ، فأفاق فقلنا : كيف أنت يا أبا عبد الله ؟ قال : صالح . فقيل : لقد رأينا شيئا هالنا . قال : وما هو؟ قلنا : أنوار سطعت منك . قال : وقد رأيتم ذلك؟ قالوا : نعم . قال : تلك تنزيل السجدة ، وهي تسع وعشرون آية ، سطع أولها من رأسي ووسطها من وسطي وآخرها من قدمي ، وقد صورت تشفع لي ، فهذه ثوابية تحرسني .
وعن محمد بن واسع قال : كان مطرف يقول : اللهم ارض عنا ; فإن لم ترض عنا فاعف عنا ; فإن المولى قد يعفو عن عبده وهو عنه غير راض .
وعن مطرف أنه قال لبعض إخوانه : يا أبا فلان إذا كانت لك حاجة فلا تكلمني واكتبها في رقعة ; فإني أكره أن أرى في وجهك ذل السؤال .
روى أبو التياح عن يزيد بن عبد الله أن أخاه أوصى أن لا يؤذن بجنازته أحدا وكان يزيد أخو مطرف من ثقات التابعين ، عاش بعد أخيه أعواما .
ابن أبي عروبة : عن قتادة ، عن مطرف قال : لقيت عليا -رضي الله عنه- فقال لي : يا أبا عبد الله ، ما بطأ بك؟ أحب عثمان ؟ ثم قال : لئن قلت ذاك ، لقد كان أوصلنا للرحم ، وأتقانا للرب .
وقال مهدي بن ميمون : قال مطرف : لقد كاد خوف النار يحول بيني وبين أن أسأل الله الجنة .
[ ص: 195 ] وقال ابن عيينة : قال مطرف بن عبد الله : ما يسرني أني كذبت كذبة وأن لي الدنيا وما فيها .
وقال أبو نعيم : حدثنا عمارة بن زاذان قال : رأيت على مطرف بن الشخير مطرف خز أخذه بأربعة آلاف درهم .
وقال حميد بن هلال : أتت الحرورية مطرف بن عبد الله يدعونه إلى رأيهم ، فقال : يا هؤلاء ، لو كان لي نفسان بايعتكم بإحداهما وأمسكت الأخرى ; فإن كان الذي تقولون هدى أتبعتها الأخرى ، وإن كان ضلالة ، هلكت نفس وبقيت لي نفس ; ولكن هي نفس واحدة لا أغرر بها .
قال قتادة : قال مطرف : لأن أعافى فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر .
قال : كان سليمان بن المغيرة مطرف إذا دخل بيته ، سبحت معه آنية بيته .
وقال سليمان بن حرب : كان مطرف مجاب الدعوة ، قال لرجل : إن كنت كذبت فأرنا به . فمات مكانه .
وقال مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير ، قال : حبس السلطان ابن أخي مطرفا ، فلبس مطرف خلقان ثيابه ، وأخذ عكازا وقال : أستكين لربي; لعله أن يشفعني في ابن أخي .
قال خليفة بن خياط مات مطرف سنة ست وثمانين . وقيل في وفاته غير ذلك كما مضى .