[ ص: 456 ] السمعاني
الإمام الحافظ الكبير الأوحد الثقة ، محدث خراسان ، أبو سعد عبد الكريم بن الإمام الحافظ الناقد أبي بكر محمد بن العلامة مفتي خراسان أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار ، التميمي السمعاني الخراساني المروزي ، صاحب المصنفات الكثيرة .
ولد بمرو في شعبان سنة ست وخمسمائة .
وحضره أبوه في الرابعة على مسند زمانه عبد الغفار بن محمد الشيروي ، وعبيد بن محمد القشيري ، وسهل بن إبراهيم السبعي ، وطائفة .
وسمع باعتناء أبيه من أبي منصور محمد بن علي بن الكراعي ، [ ص: 457 ] والمحدث محمد بن عبد الواحد الدقاق .
وتوفي الوالد وأبو سعد صغير ، فكفله عمه وأهله ، وحبب إليه الحديث ، ولازم الطلب من الحداثة .
ورحل إلى نيسابور على رأس الثلاثين وخمسمائة ، فأكثر عن أبي عبد الله الفراوي ، وأبي المظفر بن القشيري ، وهبة الله بن سهل السيدي ، وإسماعيل بن أبي بكر القارئ ، وفاطمة بنت زعبل ، وزاهر بن طاهر ، وأخيه وجيه ، وطبقتهم .
وتوجه إلى أصبهان ، فسمع الحسين بن عبد الملك الخلال ، وسعيد بن أبي الرجاء ، وأم المجتبى فاطمة ، والموجودين ، وأكثر عن الحافظ إسماعيل بن محمد التيمي .
وبادر إلى بغداد ، فأكثر عن القاضي أبي بكر الأنصاري ، وإسماعيل بن السمرقندي ، وأبي منصور الشيباني ، وعبد الوهاب الأنماطي ، وأبي سعد الزوزني ، وخلق كثير .
ثم حج ، وقدم دمشق ، فسمع بها من أبي الفتح نصر الله بن محمد المصيصي ، والقاضي أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي ، والموجودين .
ولا يوصف كثرة البلاد والمشايخ الذين أخذ عنهم .
وقد ألف كتاب " التحبير في معجمه الكبير " ، يكون ثلاث مجلدات .
[ ص: 458 ] فسمع بآمل طبرستان من أبي نصر الفضل بن أحمد بن الفضل بن أحمد البصري وطبقته .
وبأبيورد من عبد الملك بن علي الزهري .
وبإسفرايين من طلحة بن الحسين بن محمد بن الحسين القاضي حدثه عن جده .
وبالأنبار من يحيى بن علي بن محمد بن الأخضر حدثه عن الخطيب الحافظ .
وببخارى من عثمان بن علي البيكندي وعدة .
وببروجرد من القاضي أبي المظفر شبيب بن الحسين ، وأبي تمام إبراهيم بن أحمد حدثاه عن يوسف بن محمد الهمذاني .
وببسطام من المحسن بن النعمان المعلم حدثه عن طاهر الشحامي .
وبالبصرة من طلحة بن علي الشاهد ، روى له عن جعفر العباداني .
وببغشور من صالح بن أحمد بن مدوسة المقرئ وغيره من " جامع " الترمذي .
وببلخ من القاضي عمر بن علي المحمودي صاحب الوخشي .
وبترمذ من أسعد بن علي .
وبجرجان من أبي عامر سعد بن علي العصاري ، وجماعة عن عبد الله بن عبد الواسع الجرجاني .
وبحلب من الرئيس أبي الحسن علي بن عبد الله الأنطاكي .
[ ص: 459 ] وبحماة من كامل بن علي بن سالم السنبسي عن أبيه .
وبحمص من قاضيها أبي البيان محمد بن عبد الرزاق التنوخي .
وبخرتنك عند قبر البخاري من أبي شجاع عمر بن محمد البسطامي .
وبخسروجرد من عبد الحميد بن محمد بن أحمد الخواري صاحب . البيهقي
وبخوار الري من محمد بن عبد الواحد بن محمد المغازلي ، عن أبي منصور بن شكرويه .
وبالرحبة من الحافظ أبي سعد أحمد بن محمد بن البغدادي .
وبالري من القاضي أبي محمد الحسن بن محمد الحنفي ، حدثه عن محمد بن إسماعيل بن كثير إملاء ، حدثنا ابن الصلت المجبر .
وبساوة من أبي حاتم محمد بن عبد الرحمن الرازي .
وبسرخس من أبي نصر محمد بن محمود الشجاعي وآخر ، قالا : أخبرنا عبد الله بن العباسي العبدوسي ، حدثنا أحمد بن أبي إسحاق الحجاجي ، حدثنا الحافظ أبو العباس الدغولي .
وبسمرقند من الخطيب أبي المعالي محمد بن نصر بن منصور المديني ، حدثه عن السيد أبي المعالي محمد بن محمد بن زيد الحافظ .
وبسمنان من أحمد بن محمد بن العالم المضري عن أبي الحسن بن الأخرم .
وبسنجار من القاضي أبي منصور المظفر بن القاسم الشهرزوري ، سمع أبا نصر الزينبي .
[ ص: 460 ] وبهمذان وهراة والحرمين والكوفة وطوس والكرخ ونسا وواسط والموصل ونهاوند والطالقان وبوشنج والمدائن ، وبقاع يطول ذكرها بحيث إنه زار القدس والخليل وهما بأيدي الفرنج ، تحيل ، وخاطر في ذلك ، وما تهيأ ذلك للسلفي ولا . لابن عساكر
ذكره أبو القاسم الحافظ في " تاريخ دمشق " ، فقال : الفقيه الشافعي الحافظ الواعظ الخطيب . . . إلى أن قال : سمع ببلاد كثيرة ، اجتمعت به أبو سعد السمعاني بنيسابور وبغداد ودمشق ، وعاد إلى خراسان ، ودخل هراة وبلخ وما وراء النهر ، وهو الآن شيخ خراسان غير مدافع ، عن صدق ومعرفة وكثرة رواية وتصانيف ، سمع ببلاد كثيرة ، وحصل النسخ الكثيرة ، وكتب عني ، وكتبت عنه ، وكان متصونا عفيفا حسن الأخلاق . ثم قال : حدثنا أبو سعد بدمشق ، أخبرنا عبد الغفار الشيروي . . فذكر من جزء ابن عيينة حديث : ورواه معه ابنه يا رسول الله ، متى الساعة ؟ أبو محمد القاسم . ثم ذكر وفاته .
حدث أيضا عن أبي سعد : ولداه أبو المظفر عبد الرحيم ومحمد ، ، وأبو روح عبد المعز بن محمد الهروي وأبو الضوء شهاب الشذياني ، والافتخار أبو هاشم عبد المطلب الحلبي الحنفي ، وعبد الوهاب بن سكينة ، وأبو الفتح محمد بن محمد الصائغ ، وعبد العزيز بن منينا ، وآخرون .
قال ابن النجار : نقلت أسماء تصانيفه من خطه : " الذيل " على " تاريخ " الخطيب أربعمائة طاقة ، " تاريخ مرو " خمسمائة طاقة ، " معجم [ ص: 461 ] البلدان " خمسون طاقة ، " معجم شيوخه " ثمانون طاقة ، " أدب الطلب " مائة وخمسون طاقة ، " الإسفار عن الأسفار " خمس وعشرون طاقة ، " الإملاء والاستملاء " خمس عشرة طاقة ، " تحفة المسافر " مائة وخمسون طاقة ، " الهدية " خمس وعشرون طاقة ، " عز العزلة " سبعون طاقة ، " الأدب واستعمال الحسب " خمس طاقات ، " المناسك " ستون طاقة ، " الدعوات " أربعون طاقة ، " الدعوات النبوية " خمس عشرة طاقة ، " دخول الحمام " خمس عشرة طاقة ، " صلاة التسبيح " عشر طاقات ، " تحفة العيد " ثلاثون طاقة " التحايا " ست طاقات ، " فضل الديك " خمس طاقات ، " الرسائل والوسائل " خمس عشرة طاقة ، " صوم الأيام البيض " خمس عشرة طاقة ، " سلوة الأحباب " خمس طاقات ، " فرط الغرام إلى ساكني الشام " خمس عشرة طاقة ، " مقام العلماء بين يدي الأمراء " إحدى عشرة طاقة ، " المساواة والمصافحة " ثلاث عشرة طاقة ، " ذكرى حبيب رحل وبشرى مشيب نزل " عشرون طاقة ، " التحبير في المعجم الكبير " ثلاثمائة طاقة ، " الأمالي " له مائتا طاقة ، خمسمائة مجلس ، " فوائد الموائد " مائة طاقة ، " فضل الهر " ثلاث طاقات ، " ركوب البحر " سبع طاقات ، " الهريسة " ثلاث طاقات ، " وفيات المتأخرين " خمس عشرة طاقة ، كتاب " الأنساب " ثلاثمائة وخمسون طاقة ، " الأمالي " ستون طاقة ، " بخار [ ص: 462 ] بخور " عشرون طاقة ، " تقديم الجفان إلى الضيفان " سبعون طاقة ، " صلاة الضحى " عشر طاقات ، " الصدق في الصداقة " ، " الربح في التجارة " ، " رفع الارتياب عن كتابة الكتاب " أربع طاقات ، " النزوع إلى الأوطان " خمس وثلاثون طاقة ، " تخفيف الصلاة " في طاقتين ، " لفتة المشتاق إلى ساكني البخاري العراق " أربع طاقات ، " من كنيته أبو سعد " ثلاثون طاقة ، " فضل الشام " في طاقتين ، " فضل يس " في طاقتين .
قلت : وانتخب على غير واحد من مشايخه ، وخرج لولده أبي المظفر " معجما " في مجلد كبير .
وكان ظريف الشمائل ، حلو المذاكرة ، سريع الفهم ، قوي الكتابة سريعها ، درس وأفتى ووعظ ، وساد أهل بيته ، وكانوا يلقبونه بلقب والده تاج الإسلام ، وكان أبوه يلقب أيضا معين الدين .
قال ابن النجار : سمعت من يذكر أن عدد شيوخ أبي سعد سبعة آلاف شيخ . قال : وهذا شيء لم يبلغه أحد ، وكان مليح التصانيف ، كثير النشوار والأناشيد ، لطيف المزاج ، ظريفا ، حافظا ، واسع الرحلة ، ثقة صدوقا دينا ، سمع منه مشايخه وأقرانه .
قلت : حكى أبو سعد في " الذيل " أن شيخه قاضي المارستان رأى [ ص: 463 ] معه جزءا قد سمعه من شيخ الكوفة عمر بن إبراهيم الزيدي . قال : فأخذه ، ونسخه ، وسمعه مني .
قلت : رأيت ذلك الجزء بخط القاضي أبي بكر .
والطاقة يخال إلي أنها الطلحية .
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة عليه ، أخبرنا عبد المعز بن محمد في كتابه ، أخبرنا عبد الكريم بن محمد الحافظ ، أخبرنا عبد الغفار بن محمد حضورا ، أخبرنا أبو بكر الحيري ، أخبرنا محمد بن يعقوب الأصم ، حدثنا زكريا بن يحيى ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أنس ، قال : متفق عليه . قال رجل : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال : وما أعددت لها ؟ فلم يذكر كبيرا إلا أنه يحب الله ورسوله ، قال : فأنت مع من أحببت
وقد مر أن الحافظ أبا القاسم وابنه المحدث بهاء الدين روياه عن أبي سعد ، وقد سمعناه من جماعة سمعوه من جماعة قالوا : أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا مكي بن علان . وسمعناه من عائشة بنت عيسى ، عن جدها الفقيه أبي محمد ، عن أبي زرعة ، عن محمد بن أحمد الكامخي قالا : أخبرنا القاضي أبو بكر الحيري . . فذكره .
مات الحافظ أبو سعد في مستهل ربيع الأول سنة اثنتين وستين [ ص: 464 ] وخمسمائة بمرو له ست وخمسون سنة .
ومات معه في السنة مسند وقته عبد الجليل بن أبي سعد المعدل بهراة ، ومحدث ما وراء النهر الإمام أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي ثم البلخي ، ومسند بغداد أبو المعالي محمد بن محمد بن الحيان اللحاس ومسند أصبهان بل الدنيا الرئيس مسعود بن الحسن بن الرئيس أبي عبد الله الثقفي عن مائة عام ، ومسند العراق أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن هلال الدقاق في عشر المائة ، وعالم سجستان أبو عروبة عبد الهادي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مأمون ، وعالم دمشق جمال الأئمة علي بن الحسن بن الماسح ، وخطيب دمشق أبو البركات الخضر بن شبل بن عبد الحارثي وآخرون .
قال السمعاني : كنت أنسخ بجامع بروجرد ، فدخل شيخ رث الهيئة ، ثم قال : أيش تكتب ؟ فكرهت جوابه ، وقلت : الحديث . فقال : كأنك طالب حديث ؟ قلت : بلى . قال : من أين أنت ؟ قلت : من مرو . قال : عمن يروي من أهلها ؟ قلت : عن البخاري عبدان وصدقة بن الفضل . فقال : ما اسم وعلي بن حجر عبدان ؟ فقلت : عبد الله بن عثمان . فقال : ولم قيل له : عبدان ؟ فتوقفت ، فتبسم ، ونظرت إليه بعين أخرى ، وقلت : [ ص: 465 ] يذكر الشيخ . فقال : كنيته أبو عبد الرحمن ، فاجتمع في اسمه وفي كنيته العبدان ، فقيل : عبدان . فقلت : عمن ؟ قال : سمعت ابن طاهر يقوله . وإذا هو الحافظ أبو الفضل محمد بن هبة الله بن العلاء البروجردي ، فروى لنا عن أبي محمد الدوني وطائفة .