[ ص: 73 ] ابن غانية
الأمير المجاهد أبو زكريا يحيى بن علي ابن غانية البربري ، أخو الأمير محمد .
وجه بهما أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين إلى الأندلس على ولاية بعض مدنها فكان يحيى من حسنات الزمان ، قد حصل الفقه والسنة ، وفيه دين وورع ، وكان ممن يضرب بشجاعته المثل ، حتى قيل : كان يعد بخمسمائة فارس ، فأصلح الله على يديه أشياء ودفع به مكاره .
ولي بلنسية ، ثم قرطبة ، وغزا عدة غزوات ، وسبى ، وغنم . وأكبر غزواته نوبة مدينة سالم لقي فيها جيشا ضخما ، فهزمهم ، ونازل المدينة ، وأقام على قبر المنصور محمد بن أبي عامر سبعة أيام ، رجع سالما غانما ، وبقي إلى آخر دولة المرابطين ، ولم يعقب ، فاضطرب أمر أخيه محمد ، وبقي يجول في الأندلس ، ودعوة المصامدة تنتشر . ثم إنه قصد دانية ، وعدى منها إلى جزيرة ميورقة ، فتملكها ، وأخذ الجزيرتين اللتين حولها : منورقة ويابسة . ويقال : إن ابن تاشفين أبعده إليها على طريق الاعتقال ، وميورقة هذه طيبة خصبة ، نحو ثلاثين فرسخا ، عديمة الهوام والوحوش ، [ ص: 74 ] فأقام محمد ابن غانية بها ، وأقام الدعوة لبني العباس على قاعدة المرابطين إلى أن مات فخلفه ابنه إسحاق ، وكثر الداخلون إليه ، وأقبل على الغزو في البحر ، وكثرت أمواله من الغنائم ، وبقي يهادي الموحدين ، ويحمل إليهم ، ويداريهم إلى أن توفي سنة تسع وسبعين وخمسمائة ، استشهد في بلاد الفرنج من طعنة في عنقه ، وخلف ثمانية بنين فولي المملكة بعده بعهد منه ابنه الأمير علي بن إسحاق ابن غانية .