ابن الجد
الشيخ الإمام ، العلامة ، الحافظ ، الفقيه ، الخطيب الأفوه أبو بكر محمد بن عبد الله بن يحيى بن فرج بن الجد الفهري اللبلي ، ثم الإشبيلي المالكي .
[ ص: 178 ] ولد سنة ست وتسعين وأربعمائة .
وسمع بقرطبة أبا محمد بن عتاب ، وأبا بحر بن العاص ، وأبا الوليد بن رشد في سنة خمس عشرة وخمسمائة . وبإشبيلية أبا بكر بن العربي ، وأبا الحسن شريح بن محمد ، لكنه امتنع من الرواية عنهما . وبحث " " على سيبويه أبي الحسن بن الأخضر ، وأخذ عنه كتب اللغة .
وسمع " صحيح مسلم " من أبي القاسم الهوزني .
حدث عنه : محمد بن عبيد الله الشريشي ، وأبو الحسين محمد بن محمد بن زرقون ، ومحمد بن علي بن الغزال ، وأبو علي الشلوبين ، وأبو الخطاب بن دحية ، ويحيى بن أحمد السكوني اللبلي ، وعدد كثير . وكان كبير الشأن ، انتهت إليه رئاسة الحفظ في الفتيا ، وقدم للشورى من سنة إحدى وعشرين ، وعظم جاهه ، ونال دنيا عريضة ، ولم يكن يدري فن الحديث ، لكنه عالي الإسناد فيه . وكان أحد الفصحاء البلغاء ، امتحن في كائنة لبلة ، وقيد وسجن . وكان فقيه عصره ، تخرج به أئمة .
مات في شوال سنة ست وثمانين وخمسمائة .
قال أبو الربيع بن سالم : ومن أعيان شيوخي الإمام الحافظ الصدر الكبير أبو بكر بن الجد ، فقيه الأندلس ، وحافظها ، وزعيمها غير منازع ، ولا مدافع ، انتهت إليه رئاسة الفقه أزيد من ستين سنة مع الجلالة التي تجاوز مداها ، والخلال التي التزم أهداها ، وكان في غزارة الحفظ ، ومتانة مادة العلم عبرة من العبر ، وآية من الآيات ، سمعت عليه " جامع الترمذي " ، [ ص: 179 ] وأشياء -رحمه الله .
وذكره ابن رشيد ، فقال : بحر الفقه وحبره ، وفقيه الأندلس في وقته ، وحافظ المذهب ، لا يدانيه أحد ، مع الذهن الثاقب وسرعة الجواب ، والبراعة في العربية ، وقد حلف أبو بكر محمد بن علي التجيبي أن ابن الجد أحفظ من ابن القاسم ، وقد أكثر عن أبي الحسن بن الأخضر ، ومع إمامته قل ما صنف .