[ ص: 257 ] ابن فضلان
شيخ الشافعية أبو القاسم يحيى الواثق بن علي بن الفضل بن هبة الله بن بركة ، البغدادي .
قال له ابن هبيرة : لا يحسن أن تكتب بخطك إلى الخليفة : الواثق ، لأنه لقب خليفة . قال : فكتبت يحيى .
مولده سنة سبع عشرة وخمسمائة .
سمع أبا غالب بن البناء ، وإسماعيل بن السمرقندي ، ومن أبي الفضل الأرموي .
روى عنه : ابن خليل في معجمه ، فسماه واثقا ، وابن الدبيثي ، وجماعة .
[ ص: 258 ] وكان بارعا في الخلاف والنظر ، بصيرا بالقواعد ، ذكيا ، يقظا ، لبيبا ، عذب العبارة ، وجيها ، معظما ، كثير التلامذة ، ارتحل إلى ابن يحيى صاحب مرتين ، ووقع في السفر ، فانكسرت ذراعه ، وصارت كفخذه ، ثم أدته الضرورة إلى قطعها من المرفق ، وعمل محضرا بأنها لم تقطع في ريبة . فلما ناظر الغزالي المجير مرة ، وكان كثيرا ما ينقطع في يد المجير ، فقال : يسافر أحدهم في قطع الطريق ، ويدعي أنه كان يشتغل ، فأخرج ابن فضلان المحضر ، وأخذ يشنع على المجير بالفلسفة .
وكان ابن فضلان ظريف المناظرة ، ذا نغمات موزونة ، يشير بيده بوزن مطرب أنيق ، يقف على أواخر الكلم خوفا من اللحن ؛ قاله الموفق عبد اللطيف ، ثم قال : وكان يداعبني كثيرا ، ثم رمي بالفالج في أواخر عمره -رحمه الله .
قلت : وتفقه ببغداد على أبي منصور الرزاز ، وتخرج به أئمة ، وسمع بخراسان من أبي الأسعد القشيري ، وعمر بن أحمد بن الصفار .
درس بمدرسة دار الذهب ، وقد تلا بالروايات على محمد ابن العالمة ، وكان على دروسه إخبات وجلالة .
مات في شعبان سنة خمس وتسعين وخمسمائة .