نصر بن عبد الرزاق
ابن شيخ الإسلام عبد القادر بن أبي صالح ، الإمام العالم الأوحد [ ص: 397 ] قاضي القضاة عماد الدين أبو صالح ولد الحافظ الزاهد أبي بكر ، الجيلي ثم البغدادي الأزجي الحنبلي .
ولد في سنة أربع وستين وخمسمائة في ربيع الآخر فأجاز له وهو ابن شهر أبو الفتح محمد بن البطي ، والمبارك بن محمد البادرائي ، وطائفة . وسمع من أبويه ، وعلي بن عساكر البطائحي ، وخديجة بنت النهرواني ، وشهدة الكاتبة ، ومسلم بن ثابت ، وعبد الحق بن يوسف ، وأحمد بن المبارك المرقعاتي ، وعيسى بن أحمد الدوشابي ، ومحمد بن بدر الشيحي ، وفاطمة بنت أبي غالب الماوردي ، وأبي شاكر السقلاطوني ، وتفقه على والده ، وأبي الفتح ابن المني . ودرس ، وأفتى ، وناظر وساد .
حدث عنه ابن الدبيثي ، وابن النجار ، وأبو المظفر ابن النابلسي ، والشمس بن هامل ، وأبو العباس الفاروثي ، والتاج الغرافي ، وأبو بكر محمد بن أحمد الشريشي ، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدباب وأبو الحسن ابن بلبان ، وأبو المعالي الأبرقوهي ، وعدة .
وجمع " الأربعين " لنفسه ، ودرس بمدرسة جده ، وبالمدرسة الشاطئة وتكلم في الوعظ ، وألف في التصوف ، وولي القضاء للظاهر بأمر الله ، وأوائل دولة المستنصر ، ثم عزل .
قال الضياء : هو فقيه كريم النفس خير .
وقال ابن النجار : قرأ الخلاف على أبي محمد بن أبي علي النوقاني [ ص: 398 ] الشافعي ، وبنيت له دكة بجامع القصر للمناظرة ، ووعظ ، وكان له قبول تام ، وأذن له في الدخول على الأمير أبي نصر محمد ابن الناصر في كل جمعة لسماع المسند بإجازته من الناصر والده فأنس به ، فلما استخلف لقب بالظاهر فقلد القضاء أبا صالح سنة اثنتين وعشرين ، فسار السيرة الحسنة ، وسلك الطريقة المستقيمة ، وأقام ناموس الشرع ، ولم يحاب أحدا ، ولا مكن من الصياح بين يديه . وكان يمضي إلى الجمعة ماشيا ، ويكتب الشهود من دواته في المجلس ، فلما استخلف المستنصر أقره أشهرا وعزله . وروى الكثير ، وكان ثقة ، متحريا ، له في المذهب اليد الطولى ، وكان لطيفا متواضعا ، مزاحا كيسا ، وكان مقداما رجلا من الرجال ، سمعته يقول : كنت في دار الوزير القمي وهناك جماعة ، إذ دخل رجل ذو هيئة ، فقاموا له وخدموه ، فقمت وظننته بعض الفقهاء ، فقيل : هذا ابن كرم اليهودي عامل دار الضرب ، فقلت له : تعال إلى هنا ، فجاء ، ووقف ، فقلت : ويلك ، توهمتك فقيها فقمت إكراما لك ، ولست - ويلك - عندي بهذه الصفة ، ثم كررت ذلك عليه ، وهو قائم يقول : الله يحفظك ! الله يبقيك ! ثم قلت له : اخسأ هناك بعيدا عنا ، فذهب .
قال : وحدثني أبو صالح أنه رسم له برزق من الخليفة ، وأنه زار يومئذ قبر ، فقيل لي : دفع رسمك إلى الإمام أحمد ابن توما النصراني ، فامض إليه فخذه ، فقلت : والله لا أمضي ولا أطلبه . فبقي ذلك الذهب عنده إلى أن قتل إلى لعنة الله في السنة الأخرى ، وأخذ الذهب من داره ، فنفذ إلي .
توفي أبو صالح في سادس عشر شوال سنة ثلاث وثلاثين وستمائة [ ص: 399 ] ودفن عند ، فقيل : إنه دفن معه في قبره ، فعل ذلك الرعاع ، فقبض على من فعل ذلك وعوقب وحبس ، ثم نبش أحمد بن حنبل أبو صالح ليلا بعد أيام ودفن رحمه الله وحده .
وقد روى عنه بالإجازة الفخر بن عساكر ، وإبراهيم بن حاتم ، وفاطمة بنت سليمان ، والقاضي الحنبلي ، وسعد الدين ، وعيسى المطعم ، وأبو بكر بن عبد الدائم ، وأبو العباس ابن الشحنة ، وأبو نصر ابن الشيرازي ، وآخرون .
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بقراءتي : أخبركم نصر بن عبد الرزاق ، أخبرتنا فاطمة بنت علي الوقاياتي سنة تسع وستين وخمسمائة ، قالت : أخبرنا أحمد بن المظفر التمار ، أخبرنا أبو القاسم الحرفي أخبرنا حمزة بن محمد الدهقان ، حدثنا محمد بن عيسى بن حيان ، حدثنا شعيب بن حرب ، حدثنا شعبة ، حدثنا محل الضبي ، سمعت عدي بن حاتم يحدثنا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : . اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة