السخاوي
الشيخ الإمام العلامة شيخ القراء والأدباء علم الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد بن عطاس الهمداني ، المصري ، السخاوي ، الشافعي ، نزيل دمشق .
ولد سنة ثمان وخمسين أو سنة تسع .
وقدم الثغر في سنة اثنتين وسبعين ، وسمع من أبي طاهر السلفي ، ومن أبي الطاهر بن عوف ، وبمصر من أبي الجيوش عساكر بن علي ، وأبي القاسم البوصيري ، وإسماعيل بن ياسين ، وبدمشق من ابن طبرزذ ، [ ص: 123 ] والكندي ، وحنبل ، وتلا بالسبع على الشاطبي ، وأبي الجود ، والكندي ، والشهاب الغزنوي .
وأقرأ الناس دهرا ، وما أسند القراءات عن الغزنوي والكندي ، وكانا أعلى إسنادا من الآخرين ، امتنع من ذلك لأنه تلا عليهما ب " المبهج " ولم يكن بأخرة يرى الإقراء به ولا بما زاد على السبع ، فقيل : إنه اجتنب ذلك لمنام رآه .
وكان إماما في العربية ، بصيرا باللغة ، فقيها ، مفتيا ، عالما بالقراءات وعللها ، مجودا لها ، بارعا في التفسير . صنف وأقرأ وأفاد ، وروى الكثير وبعد صيته ، وتكاثر عليه القراء ، تلا عليه شمس الدين أبو الفتح الأنصاري ، وشهاب الدين أبو شامة ، ورشيد الدين بن أبي الدر ، وزين الدين الزواوي ، وتقي الدين يعقوب الجرائدي ، والشيخ حسن الصقلي ، وجمال الدين الفاضلي ، ورضي الدين جعفر بن دنوقا ، وشمس الدين محمد بن الدمياطي ، ونظام الدين محمد بن عبد الكريم التبريزي ، والشهاب بن مزهر ، وعدة .
وحدث عنه الشيخ زين الدين الفارقي ، والجمال بن كثير ، والرشيد بن المعلم ، ومحمد بن قايماز الدقيقي ، والخطيب شرف الدين الفزاري ، وإبراهيم بن المخرمي ، وأبو علي بن الخلال ، وإبراهيم بن النصير ، وإسماعيل بن مكتوم ، والزين إبراهيم بن الشيرازي ، وآخرون .
وكان مع سعة علومه وفضائله دينا ، حسن الأخلاق ، محببا إلى الناس ، وافر الحرمة ، مطرحا للتكلف ، ليس له شغل إلا العلم ونشره .
[ ص: 124 ] شرح " الشاطبية " في مجلدين ، و " الرائية " في مجلد ، وله كتاب " جمال القراء " ، وكتاب " منير الدياجي في الآداب " ، وبلغ في التفسير إلى الكهف ، وذلك في أربع مجلدات ، وشرح " المفصل " في أربع مجلدات ، وله النظم والنثر .
وكان يترخص في إقراء اثنين فأكثر كل واحد في سورة ، وفي هذا خلاف السنة ، لأننا أمرنا بالإنصات إلى قارئ لنفهم ونعقل ونتدبر .
وقد وفد على السلطان صلاح الدين بظاهر عكا في سنة ست وثمانين زمن المحاصرة فامتدحه بقصيدة طويلة ، واتفق أنه امتدح أيضا الرشيد الفارقي ، وبين الممدوحين في الموت أزيد من مائة عام .
قال الإمام أبو شامة وفي ثاني عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة توفي شيخنا علم الدين علامة زمانه وشيخ أوانه بمنزله بالتربة الصالحية ، وكان على جنازته هيبة وجلالة وإخبات ، ومنه استفدت علوما جمة كالقراءات ، والتفسير ، وفنون العربية .
قلت : كان يقرئ بالتربة وله حلقة بالجامع .