أبو سعيد الأشعري الشامي ، مولى الصحابية أسماء بنت يزيد الأنصارية . كان من كبار علماء التابعين .
حدث عن مولاته أسماء ، وعن أبي هريرة ، وعائشة ، وابن عباس ، وعبد الله بن عمرو ، وأم سلمة ، وأبي سعيد الخدري ، وعدة .
وقرأ القرآن على ابن عباس ، ويرسل عن بلال ، وأبي ذر ، وسلمان ، وطائفة .
حدث عنه قتادة ، ومعاوية بن قرة ، والحكم بن عتيبة ، وأبو بشر جعفر [ ص: 373 ] بن أبي وحشية ، ومقاتل بن حيان ، وداود بن أبي هند ، وأشعث بن عبد الله الحداني ، وأبو بكر الهذلي ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم ، وعبيد الله بن زياد المكي ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، وعبد الحميد بن بهرام ، وخلق سواهم .
أبان بن صمعة قال : قلت لشهر : يا أبا سعيد . . . . وبها كناه مسلم والنسائي .
وعن حنظلة ، عن شهر ، قال : عرضت القرآن على ابن عباس سبع مرات .
وعن ابن أبي نهيك ، قال : قرأت القرآن على ابن عباس ، وابن عمر وجماعة ، فما رأيت أحدا أقرأ من شهر بن حوشب .
رواه البخاري في ترجمة شهر ، ثم قال : سمع من أبي هريرة ، وأبي سعيد ، وأم سلمة ، وجندب بن عبد الله ، وعبد الله بن عمرو .
علي بن عياش : حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، قال : أتى على شهر بن حوشب ثمانون سنة ، ورأيته يعتم بعمامة سوداء ، طرفها بين كتفيه ، وعمامة أخرى قد أوثق بها وسطه سوداء ، ورأيته مخضوبا خضابة سوداء في حمرة .
ووفد على بلال بن مرداس الفزاري بحولايا فأجازه بأربعة آلاف درهم فأخذها .
إسماعيل بن عياش : حدثنا عثمان بن نويرة ، قال : دعي شهر بن [ ص: 374 ] حوشب إلى وليمة وأنا معه ، فدخلنا ، فأصبنا من طعامهم ، فلما سمع شهر المزمار ، وضع أصبعيه في أذنيه وخرج .
روى حرب الكرماني ، عن أحمد بن حنبل : شهر ثقة ، ما أحسن حديثه .
وقال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول : شهر ليس به بأس .
وقال الترمذي : قال محمد - يعني البخاري - : شهر حسن الحديث ، وقوى أمره وقال : إنما تكلم فيه ابن عون ، ثم إنه روى عن رجل عنه .
وقال أحمد العجلي : ثقة . وروى عباس ، عن يحيى بن معين : شهر ثبت .
وقال أبو زرعة وغيره : لا بأس به . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال ابن عدي : لا يحتج به ، ولا يتدين بحديثه . وقال أبو حاتم الرازي : ليس هو بدون أبي الزبير المكي ، ولا يحتج به .
وروى معاوية بن صالح ، وأحمد بن زهير ، عن يحيى بن معين : ثقة .
وروى النضر بن شميل ، عن عبد الله بن عون ، قال : إن شهرا تركوه .
[ ص: 375 ] وقال صالح بن محمد جزرة : قدم شهر على الحجاج ، فحدث بالعراق ولم يوقف منه على كذب ، وكان رجلا يتنسك . وقال : قال أبو حفص الفلاس : كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عن شهر . وكان عبد الرحمن يحدث عنه .
قلت : يعني الاحتجاج وعدمه .
وروى يحيى بن أبي بكير الكرماني ، عن أبيه ، قال : كان شهر بن حوشب على بيت المال ، فأخذ خريطة فيها دراهم فقيل فيه :
لقد باع شهر دينه بخريطة فمن يأمن القراء بعدك يا شهر أخذت بها شيئا طفيفا
وبعته من ابن جرير إن هذا هو الغدر
قلت : إسنادها منقطع ، ولعلها وقعت ، وتاب منها ، أو أخذها متأولا أن له في بيت مال المسلمين حقا ، نسأل الله الصفح .
فأما رواية يحيى القطان ، عن عباد بن منصور ، قال : حججت مع شهر بن حوشب فسرق عيبتي : فما أدري ما أقول .
ومن مليح قول شهر : من ركب مشهورا من الدواب ، ولبس مشهورا من الثياب ، أعرض الله عنه ، وإن كان كريما .
[ ص: 376 ] قلت : من فعله ليعز الدين ، ويرغم المنافقين ، ويتواضع مع ذلك للمؤمنين ، ويحمد رب العالمين ، فحسن . ومن فعله بذخا وتيها وفخرا أذله الله وأعرض عنه ; فإن عوتب ووعظ فكابر وادعى أنه ليس بمختال ولا تياه فأعرض عنه فإنه أحمق ، مغرور بنفسه .
قال أبو بشر الدولابي : شهر لا يشبه حديثه حديث الناس ، كأنه مولع بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قاله أبو إسحاق السعدي .
الطيالسي : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، قال شعبة : فلقيت عبد الله بن عطاء فسألته ، فقال : حدثني زياد بن مخراق ، فقدمت على زياد ، فسألته ، فقال : حدثني رجل من بني ليث ، عن مجاهد ، عن شهر ، عن حديث عقبة ، عن عمر في الوضوء .
وقال معاذ بن معاذ : سألت ابن عون عن حديث هلال بن أبي زينب ، عن شهر ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى تبتدره زوجتاه " ؟ فقال ابن عون : ما يصنع بشهر ، إن شعبة قد ترك شهرا .
وقال علي بن حفص المدائني : سألت شعبة عن عبد الحميد بن بهرام ؟ فقال : صدوق إلا أنه يحدث عن شهر .
وقال أحمد بن حنبل : عبد الحميد بن بهرام ، حديثه مقارب من حديث [ ص: 377 ] شهر ، وكان يحفظها كأنه يقرأ سورة وهي سبعون حديثا .
قال سيار بن حاتم : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن أبي بكر الهذلي ، عن شهر بن حوشب ، قال : لما قتل ابن آدم أخاه ، مكث آدم مائة سنة لا يضحك ، ثم أنشأ يقول : تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم وقل بشاشة الوجه المليح
إسحاق بن المنذر شيخ صدوق ، قال : حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لكل نبي حرم ، وحرمي المدينة " .
ثابت البناني ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ : إنه عمل غير صالح .
الحكم بن عتيبة ، عن شهر ، عن أم سلمة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل مسكر ومفتر .
[ ص: 378 ] ثابت البناني ، عن شهر ، عن أم سلمة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ : إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي .
فهذا ما استنكر من حديث شهر في سعة روايته ، وما ذاك بالمنكر جدا .
يعقوب بن شيبة : شهر ثقة ، طعن فيه بعضهم .
وقال يعقوب بن سفيان : شهر وإن تكلم فيه ابن عون ، فهو ثقة .
قلت : الرجل غير مدفوع عن صدق وعلم ، والاحتجاج به مترجح .
ذكر الاختلاف في تاريخ موته : قال صاحبه عبد الحميد بن بهرام : توفي سنة مائة ، وتبعه على ذلك المدائني والهيثم بن عدي وخليفة وآخرون .
ويروى أنه توفي سنة ثمان وتسعين . ولم يصح .
وأما يحيى بن بكير فقال : مات سنة إحدى عشرة ومائة فالله أعلم .
وقال الواقدي وكاتبه : سنة اثنتي عشرة ويعضده ، أن شعبة يقول : أدركت شهر بن حوشب ، وتركته عمدا ، لم آخذ عنه .
قلت : ومولده في خلافة عثمان رضي الله عنه وطلب العلم بعد الخمسين في أيام معاوية .


