يحيى بن وثاب ( 4 )
الإمام القدوة المقرئ ، الفقيه ، شيخ القراء ، الأسدي الكاهلي ، مولاهم ، الكوفي ، أحد الأئمة الأعلام . قد ذكرته في " طبقات القراء " .
قال أبو نعيم الحافظ : اسم أبيه وثاب بزدويه بن ماهويه ، سباه مجاشع بن مسعود السلمي من قاشان ، إذ افتتحها ، وكان وثاب من أبناء أشرافها ، ثم وقع في سهم ابن عباس ، فسماه وثابا ، وتزوج فولد له يحيى ، ثم استأذن ابن عباس في الرجوع إلى قاشان ، فأذن له ، فدخل هو وابنه يحيى الكوفة ، فقال يحيى : يا أبت إني آثرت العلم على المال ، فأذن له في المقام . فأقبل على [ ص: 380 ] القرآن ، وتلا على أصحاب علي ، حتى صار أقرأ أهل زمانه . فأورث وابن مسعود وثاب عقبه ، فحازوا رئاسة الدارين ; لأن يحيى فاق نظراءه في القرآن والآثار ، وفاق خالد بن وثاب وولداه : أزهر ومخلد ، في رئاسة الدنيا والولايات .
واتصلت رئاسة عقبه إلى أيامنا بأصبهان ; ولهم الصيت والذكر في الثروة والتناية ، والحظ الجسيم من الجلالة والنباهة .
قلت : حدث عن ابن عباس ، ، وروى مرسلا عن وابن عمر عائشة ، ، وأبي هريرة . وروى أيضا عن وابن مسعود ابن الزبير ، ومسروق وعلقمة ، وزر ، ، والأسود بن يزيد ، وعبيدة السلماني . وأبي عمرو الشيباني
وقال أبو عمرو الداني : أخذ يحيى بن وثاب القراءة عرضا عن علقمة ، ومسروق ، والأسود ، والشيباني ، والسلمي .
قلت : الثبت أنه قرأ القرآن كله على عبيد بن نضيلة صاحب علقمة ، فتحفظ عليه كل يوم آية .
قال أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، قال : تعلم يحيى بن وثاب من عبيد آية آية ، وكان - والله - قارئا .
قلت : قرأ عليه الأعمش ، ، وطلحة بن مصرف ، وأبو حصين وحمران بن أعين ، وطائفة .
وحدث عنه عاصم ، وأبو العميس عتبة المسعودي ، وأبو إسحاق السبيعي ، وأبو إسحاق الشيباني وقتادة ، ، وحبيب بن أبي ثابت ، وعدة . والأعمش
قال عطاء بن مسلم : كان الأعمش يقول : حدثني يحيى بن وثاب ، [ ص: 381 ] وكنت إذا رأيته قد جثا ، قلت : هذا وقف للحساب ، فيقول : أي رب ، أذنبت كذا ، فعفوت عني ، فلا أعود ، وأذنبت كذا ، فعفوت عني ، فلا أعود .
، عن يحيى بن عيسى الرملي الأعمش ، قال : كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءة ، ربما اشتهيت أن أقبل رأسه من حسن قراءته ، وكان إذا قرأ لا تسمع في المسجد حركة ، كأن ليس في المسجد أحد .
حميد بن عبد الرحمن : حدثنا أبي عن الأعمش ، كان يحيى إذا قضى صلاته مكث مليا تعرف فيه كآبة الصلاة .
قال أحمد العجلي : هو تابعي ثقة ، مقرئ يؤم قومه . وقد أمر الحجاج أن لا يؤم بالكوفة إلا عربي ، واستثنى يحيى بن وثاب . فصلى بهم يوما ، ثم ترك .
قال : كان عبيد الله بن موسى الأعمش يقول : يحيى بن وثاب أقرأ من بال على تراب .
قال : سمعت يحيى بن آدم الحسن بن صالح يقول : قرأ يحيى على علقمة ، وقرأ علقمة على ابن مسعود ، فأي قراءة أفضل من هذه !
قال مخلد بن خداش : سمعت الأعمش يقول : ما رأيت أحدا بال في التراب ، أقرأ من يحيى بن وثاب .
قال الهيثم بن عدي وغيره : مات يحيى بن وثاب سنة ثلاث ومائة .
روى جماعة عن أبي إسحاق ، عن يحيى ، عن ابن عمر حديث : . " من راح إلى الجمعة فليغتسل "
[ ص: 382 ] هذا حسن نظيف الإسناد .