الطراز
الإمام العلامة المقرئ المجود الحافظ المحدث أبو عبد الله محمد بن [ ص: 259 ] سعيد بن علي بن يوسف الأنصاري الأندلسي الغرناطي المقرئ .
قال ابن الزبير : كان مقرئا جليلا ، ومحدثا حافلا ، ختم به هذا الباب ألبتة . روى عن القاضي أبي القاسم بن سمجون أكثر عنه ، ولازمه ، وعن أبي جعفر بن شراحيل ، ومحمد بن يوسف بن صاحب " الأحكام " ، وعبد المنعم بن الضحاك ، وعلي بن جابر الأنصاري ، وأبي زكريا الأصبهاني ، وعبد الصمد بن أبي رجاء البلوي ، وأبي القاسم الملاحي ، وأبي محمد الكواب ، وسعد الحفار ، وسهل بن مالك بغرناطة ، وأبي جعفر أحمد بن يحيى الحميري ، وعلي بن أحمد الغافقي السقوري بقرطبة ، والحافظ أبي محمد القرطبي بمالقة ولازمه وانتفع به في صناعة الحديث ، وعتيق بن خلف ، وأبي علي الرندي ، وابني حوط الله بها ، وعن أبي الحسين بن زرقون بإشبلية ، وأبي الصبر أيوب الفهري ، وأبي العباس العزفي ولازمه بسبتة . وتلا بالسبع على أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن إدريس الأموي ، وأخذ بفاس عن أبي عبد الله بن الفتوت ، وتلا عليه بالسبع ، ويعيش بن القديم . وأخذ علم الكلام عن أبي العباس بن البقال . وأجاز له ابن نوح ، وابن عون الله ، وأبو محمد الزهري ، وأبو عمر [ ص: 260 ] ابن عات ، وخلق من أهل المشرق .
قال : وكان ضابطا متقنا ، ومفيدا حافلا ، بارع الخط ، حسن الوراقة ، عارفا بالأسانيد والطرق والرجال وطبقاتهم ، مقدما عارفا بالقراءات ، مشاركا في علوم العربية والفقه والأصول ، كاتبا نبيلا ، مجموعا فاضلا متخلقا ، ثقة عدلا ، كتب بخطه كثيرا وأمهات وأوضح كثيرا من كتاب " مشارق الأنوار " لعياض ، وجمع عليه أصولا حافلة وأمهات هائلة من الأغربة وكتب اللغات ، وعكف على ذلك مدة ، وبالغ في البحث والتفتيش ، حتى تخلص الكتاب على أتم وجه ، وبرزت محاسنه ، ثم يبالغ ابن الزبير في مدح هذا الكتاب .
روى عنه أبو عبد الله الطنجالي ، وحميد القرطبي ، والكاتب أبو الحسن بن فرج ، وأبو إسحاق البلفيقي ، اختلفت إليه في مرضه ، وحضرت معه في بعض تصرفاته ، وانتفعت به إلا أنني لم آخذ عنه بقراءة ولا بغير ذلك تفريطا مني .
توفي في ثالث شوال سنة خمس وأربعين وستمائة وكان جنازته من أحفل جنازة شاهدتها ، ووصى أن لا يقرأ على قبره ولا يبنى عليه ، وكان ممن وضع الله له ودا في قلوب عباده ، معظما عند جميع الناس خصوصا في غير بلده ، ولقد كان من أشد الناس غيرة على السنة وأهلها وأبغضهم في أهل الأهواء والبدع .
[ ص: 261 ] قلت : أظنه مات كهلا أو في أول الشيخوخة .
كتب إلينا أبو محمد بن هارون بمروياته فمن ذلك أنه سمع كتاب " الشمائل " من الحافظ الطراز ، وأجاز له مروياته .