الشاري
الإمام الحافظ المقرئ المحدث الأنبل الأمجد شيخ المغرب أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن يحيى الغافقي الشاري ثم السبتي .
وشارة : بليدة من عمل مرسية وهي محتده ، وسبتة مولده .
[ ص: 276 ] قال تلميذه أبو جعفر بن الزبير : ولد في خامس رمضان سنة إحدى وسبعين وخمسمائة وأخذ عن أبي محمد بن عبيد الله الحجري ولازمه ، فتلا عليه ختمة بالسبع ، وأخذ القراءات أيضا عن أبي بكر يحيى بن محمد الهوزني في ختمات ، والمقرئ محمد بن حسن بن الكماد ، إلا أنه اعتمد على ابن عبيد الله لعلو سنده ، وقرأ عليه " الموطأ " وسمع عليه الكتب الخمسة سوى يسير من آخر كتاب مسلم ، وسمع منه أيضا " مسند أبي بكر البزار الكبير " و " السير " تهذيب ابن هشام . حمل عن أبي عبد الله بن غازي السبتي ، وأبي ذر الخشني ، وأيوب بن عبد الله الفهري ، وعدة . وقرأ على أبيه أشياء ، وتلا عليه بالسبع ، ولازم بفاس الأصولي أبا عبد الله محمد بن علي الفندلاوي الكتاني ، وتفقه عنده في علم الكلام في أصول الفقه وعلى جماعة بفاس ، وسمع بها من عبد الرحيم بن الملجوم ، ولازم في العربية ، ابن خروف وأبا عمرو مرجى المرجيقي ، وأبا الحسن بن عاشر الخزاعي ، وأجاز له أبو القاسم بن حبيش ، وأبو زيد السهيلي ، وأبو عبد الله بن الفخار ، ونجبة بن يحيى ، وعدة . وكان آخر من حدث عن ابن عبيد الله ، وآخر من أسند عنه السبع تلاوة بالأندلس وبالعدوة .
إلى أن قال : وكان ثقة ، متحريا ، ضابطا عارفا بالأسانيد ، والرجال والطرق ، بقية صالحة وذخيرة نافعة ، رحلت إليه فقرأت عليه كثيرا ، وتلوت عليه ، وكان منافرا لأهل البدع والأهواء ، معروفا بذلك ، حسن النية ، من أهل المروءة والفضل التام والدين القيم ، منصفا ، متواضعا ، حسن الظن بالمسلمين ، محبا في الحديث وأهله ، كان يجلس لنا بمالقة نهاره كله إلا القليل ، وكنت أتلو عليه في الليل لاستغراق نهاره ، وكان شديد التيقظ [ ص: 277 ] مع شاخته وهرمه ، ما امتنع قط عمن قصده ولا اعتذر إلا من ضرورة بينة ، وكان قد تحصل عنده من الأعلاق النفيسة وأمهات الدواوين ما لم يكن عند أحد من أبناء عصره وبنى مدرسة بسبتة ، ووقف عليها الكتب ، وشرع في تكميل ذلك على السنن الجاري بالمدارس التي ببلاد المشرق ، فعاق عن ذلك قواطع الفتن الموجبة لإخراجه عن سبتة وتغريبه ، فدخل الأندلس في سنة إحدى وأربعين وستمائة فنزل المرية فبقي إلى سنة ثمان وأربعين ، وأخذ عنه بها عالم كثير ، وأقرأ بها القرآن ، ثم قدم مالقة في صفر سنة ثمان .
وحدث بغرناطة ، وأخذ عنه بمالقة جلة ، كأبي عبد الله الطنجالي ، والأستاذ حميد القرطبي ، وأبي الزهر بن ربيع .
وكذلك عظمه وفخمه أبو عبد الله الأبار وقال : شارك في عدة فنون ، مع الشرف والحشمة والمروءة الظاهرة ، واقتنى من الكتب شيئا كثيرا ، وحصل الأصول العتيقة ، وروى الكثير ، وكان محدث تلك الناحية .
حكى لي أبو القاسم بن عمران الحضرمي عن سبب إخراج الشاري من سبتة ابن خلاص وكبراء أهل سبتة عزموا على تمليك سبتة لصاحب إفريقية يحيى بن عبد الواحد ، فقال لهم الشاري : يا قوم خير إفريقية بعيد عنا وشرها بعيد ، والرأي مداراة ملك مراكش . فما هان على ابن خلاص وكان فيهم مطاعا فهيأ مركبا وأنزل فيه أبا الحسن الشاري وغربه إلى مالقة ، وبقي بسبتة أهله وماله ، وله بسبتة مدرسة مليحة كبيرة .
قال ابن الزبير : توفي أبو الحسن رحمه الله بمالقة في التاسع والعشرين من رمضان سنة تسع وأربعين وستمائة .
[ ص: 278 ] ومن مسموع ابن الزبير كتاب " السنن الكبير " من للنسائي أبي الحسن الشاري بسماعه لجميعه من ابن عبيد الله ، حدثنا أبو جعفر البطروجي ، أخبرنا ابن الطلاع ، أخبرنا ابن مغيث ، أخبرنا محمد بن معاوية بن الأحمر عن . النسائي
قال ابن رشيد : أحيا الشاري بسبتة العلم حيا وميتا ، وحصل الكتب بأغلى الأثمان ، وكان له عظمة في النفوس رحمه الله .
قال ابن رشيد : حدث عنه شيخنا أبو فارس عبد العزيز بن إبراهيم ب " " سماعا عن رجاله منهم : البخاري ابن عبيد الله سماعا سنة تسعين عن شريح قال : ورواه شيخنا أبو فارس عن أبي نصر الشيرازي إجازة عن . أبي الوقت