[ ص: 231 ] حماد بن أبي سليمان ( 4 ، قرنه م )
العلامة الإمام فقيه العراق ، أبو إسماعيل بن مسلم الكوفي مولى الأشعريين ، أصله من أصبهان .
روى عن أنس بن مالك ، وتفقه بإبراهيم النخعي ، وهو أنبل أصحابه وأفقههم ، وأقيسهم وأبصرهم بالمناظرة والرأي ، وحدث أيضا عن أبي وائل ، ، وزيد بن وهب ، وسعيد بن المسيب وجماعة . وليس هو بالمكثر من الرواية ، لأنه مات قبل أوان الرواية ، وأكبر شيخ له : وعامر الشعبي أنس بن مالك ، فهو في عداد صغار التابعين .
روى عنه تلميذه الإمام أبو حنيفة ، وابنه إسماعيل بن حماد ، ، وهو أكبر منه ، والحكم بن عتيبة ، والأعمش ، وزيد بن أبي أنيسة ومغيرة ، ، وهشام الدستوائي ومحمد بن أبان الجعفي ، وحمزة الزيات ، ، ومسعر بن كدام ، وسفيان الثوري ، وشعبة بن الحجاج ، وحماد بن سلمة ، وخلق . وأبو بكر النهشلي
وكان أحد العلماء الأذكياء ، والكرام الأسخياء ، له ثروة وحشمة وتجمل .
قال : كان محمد بن عبد الله بن نمير أبو سليمان والد حماد مولى -رضي الله عنه . أبي موسى الأشعري
قال : حدثنا الحميدي سفيان قال : رأيت جاء إلى [ ص: 232 ] حماد بن أبي سليمان أبي طلحة الكحال يستنعته من شيء بعينه وهو على فرس ، فرأيته أشهب اللحية .
قال ابن إدريس ، عن ، عن أبي إسحاق الشيباني عبد الملك بن إياس الشيباني : قال : قلت : من نسأل بعدك ؟ قال : لإبراهيم النخعي حمادا ، قال ابن إدريس : فما سمعت الشيباني ذكر حمادا إلا أثنى عليه .
قال ابن عون : رأيت حمادا وقد دخل على إبراهيم ومعه أطراف فجعل يسأل إبراهيم عنها ، فقال له إبراهيم : ما هذا ؟ ألم أنه عن هذا ؟ فقال : إنما هي أطراف . روى منصور ، عن إبراهيم قال : لا بأس بكتابة الأطراف ، وروى شريك عن جامع أبي صخرة قال : رأيت حمادا يكتب عند إبراهيم ، ويقول : إنا لا نريد بذلك دنيا ، وعليه كساء أنبجاني .
قال ابن عيينة : كان معمر يقول : لم أر من هؤلاء أفقه من الزهري وحماد ، وقتادة .
قال ابن عيينة : وكان حماد أبصر بإبراهيم من الحكم .
ابن إدريس : سمعت أبي عن ابن شبرمة قال : ما أحد أمن علي بعلم من حماد .
أبو بكر بن عياش ، عن مغيرة ، قال : أتينا إبراهيم نعوده حين اختفى ، فقال : عليكم بحماد ، فإنه قد سألني عن جميع ما سألني عنه الناس . [ ص: 233 ] : حدثنا يحيى بن معين جرير ، عن مغيرة ، قال : كنا نرى أن بعد إبراهيم الأعمش ، حتى جاء حماد بما جاء به .
وقال شعبة : كان حماد ومغيرة أحفظ من الحكم ، وقال يحيى بن سعيد : حماد أحب إلي من مغيرة .
وقال معمر : كنا نأتي أبا إسحاق فيقول : من أين جئتم ؟ فنقول : من عند حماد ، فيقول : ما قال لكم أخو المرجئة ؟ فكنا إذا دخلنا على حماد ، قال : من أين جئتم ؟ قلنا : من عند أبي إسحاق ، قال : الزموا الشيخ فإنه يوشك أن يطفى . قال : فمات حماد قبله .
قال معمر : قلت لحماد : كنت رأسا ، وكنت إماما في أصحابك ، فخالفتهم فصرت تابعا ، قال : إني أن أكون تابعا في الحق خير من أن أكون رأسا في الباطل .
قلت : يشير معمر إلى أنه تحول مرجئا إرجاء الفقهاء ، وهو أنهم لا يعدون الصلاة والزكاة من الإيمان ، ويقولون : الإيمان إقرار باللسان ، ويقين في القلب ، والنزاع على هذا لفظي -إن شاء الله- ، وإنما غلو الإرجاء من قال : لا يضر مع التوحيد ترك الفرائض ، نسأل الله العافية .
روى حماد بن زيد أن قال : من أمن أن يستثقل ثقل . حماد بن أبي سليمان
قال شعبة : سألت عن عين الأضحية يكون فيها البياض ، فلم يكرهها . وسألته عن الرجل يحلف على الشيء كاذبا وهو يرى أنه صادق ، قال : لا يكفر . وسألته عن التربع في الصلاة ، فقال : لا بأس به . وسألت حماد بن أبي سليمان حمادا عن الرجل يسرق من بيت المال ، فقال : يقطع . [ ص: 234 ] وسألته عن رجل قال : إن فارقت غريمي ، فمالي عليه في المساكين ، قال : ليس بشيء . وسألته عن الصفر بالحديد نسيئة .
قال : قلت مغيرة بن مقسم لإبراهيم : إن حمادا قد جلس يفتي ، قال : وما يمنعه وقد سألني عما لم تسألني عن عشره ؟ .
وقال شعبة : سمعت الحكم يقول : ومن فيهم مثل حماد يعني أهل الكوفة .
قال أبو إسحاق الشيباني : حماد بن أبى سليمان أفقه من الشعبي ، ما رأيت أفقه من حماد ، وقال شعبة : كان حماد صدوق اللسان لا يحفظ الحديث .
وقال : ثقة مرجئ . النسائي
وقال : هو مستقيم في الفقه ، فإذا جاء الأثر شوش . أبو حاتم الرازي
وقال : كان أفقه أصحاب أحمد بن عبد الله العجلي إبراهيم ، وكانت ربما تعتريه موتة وهو يحدث .
وبلغنا أن حمادا كان ذا دنيا متسعة ، وأنه كان يفطر في شهر رمضان خمسمائة إنسان ، وأنه كان يعطيهم بعد العيد لكل واحد مائة درهم .
وحديثه في كتب السنن ، ما أخرج له ، وخرج له البخاري مسلم حديثا واحدا مقرونا بغيره . ولا يلتفت إلى ما رواه أبو بكر بن عياش عن الأعمش ، قال : حدثني حماد -وكان غير ثقة- عن إبراهيم وفي لفظ : وما كنا نثق بحديثه . وقال أبو بكر عن مغيرة : أنه ذكر له عن حماد شيئا ، فقال : كذب .
يوسف بن موسى : حدثنا جرير ، عن مغيرة قال : حج حماد بن أبي [ ص: 235 ] سليمان ، فلما قدم أتيناه نسلم عليه فقال : أبشروا يا أهل الكوفة ، فإني قدمت على أهل الحجاز ، فرأيت عطاء وطاوسا ومجاهدا ، . فصبيانكم بل صبيان صبيانكم أفقه منهم . قال مغيرة : فرأينا أن ذاك بغي منه .
خلف بن خليفة عن أبي هاشم قال : أتيت فقلت : ما هذا الرأي الذي أحدثت لم يكن على عهد حماد بن أبي سليمان ، فقال : لو كان حيا ، لتابعني عليه ، يعني الإرجاء . إبراهيم النخعي
الفريابي وعبيد الله ، عن سفيان ، قال : ما كنا نأتي حماد إلا خفية من أصحابنا .
عبد الرزاق ، عن معمر ، قال : كان يصرع ، وإذا أفاق ، توضأ ، قلت : نعم ; لأنه نوع من الإغماء وهو أخو النوم ، فينقض الوضوء . حماد بن أبي سليمان
وروى جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة قال : كان حماد يصيبه المس ، فإذا أصابه شيء من ذلك ، ثم ذهب عنه ، عاد إلى الموضع الذي كان فيه .
: حدثنا حجاج بن محمد شعبة ، عن منصور قال : حدثنا حماد قبل أن يحدث ما أحدث .
قال في ترجمة العقيلي حماد الفقيه وطولها : حدثنا أحمد بن أصرم ، حدثنا القواريري ، حدثنا حماد بن زيد قال : قدم علينا حماد بن أبي سليمان البصرة ، فخرج وعليه ملحفة حمراء ، فجعل صبيان البصرة يسخرون به ، فقال له رجل : ما تقول في رجل وطئ دجاجة ميتة ، فخرجت من بطنها بيضة ؟ وقال له آخر : ما تقول في رجل طلق امرأته ملء سكرجة ؟ .
وقال : حدثنا أحمد الأبار ، حدثنا عبيد بن هشام ، حدثنا أبو المليح قال : قدم علينا حماد بن أبي سليمان الرقة ، فخرجت لأسمع منه . فإذا عليه [ ص: 236 ] ملحفة معصفرة حمراء ، وقد خضب لحيته بالسواد ، فرجعت ، فلم أسمع منه .
حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا مسلم ، حدثنا حماد بن سلمة قال : كنت أسأل عن أحاديث المسند والناس يسألونه عن رأيه فكنت إذا جئت قال : لا جاء الله بك . حماد بن أبي سليمان
قال أبو داود : سمعت أبا عبد الله أحمد يقول : حماد مقارب الحديث ، ما روى عنه سفيان ، وشعبة ، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط . فقلت لأحمد : أبو معشر أحب إليك أم حماد في إبراهيم ، قال : ما أقربهما .
وقال الأثرم عن أبي عبد الله : أما روايات القدماء عن حماد فمقاربة ، كشعبة وسفيان وهشام ، وأما غيرهم فقد جاءوا عنه بأعاجيب ، قلت له : حجاج ؟ فقال : وحماد بن سلمة حماد على ذاك لا بأس به ، ثم قال أحمد : وقد سقط فيه غير واحد مثل محمد بن جابر وذاك وأشار بيده ، فظننا أنه عنى سلمة الأحمر أو عنى غيره .
قال كاتبه : إنما التخليط فيها من سوء حفظ الراوي عنه .
وقال : يقع في رواية ابن عدي أفراد وغرائب ، وهو لا بأس به ، متماسك في الحديث . مات حماد بن أبي سليمان حماد سنة عشرين ومائة ، أرخه خليفة ، وقيل : سنة تسع عشرة ومائة ، فأفقه أهل الكوفة علي ، وأفقه أصحابهما وابن مسعود علقمة ، وأفقه أصحابه إبراهيم ، وأفقه أصحاب إبراهيم حماد ، وأفقه أصحاب حماد أبو حنيفة ، وأفقه أصحابه أبو يوسف ، وانتشر أصحاب أبي يوسف في الآفاق ، وأفقههم محمد ، وأفقه أصحاب محمد أبو عبد الله الشافعي ، -رحمهم الله تعالى . [ ص: 237 ]
وقال أبو نعيم الكوفي : مات حماد سنة عشرين ومائة ، قلت : مات كهلا -رحمه الله .
أخبرنا علي بن أحمد كتابة ، أنبأنا عمر بن محمد ، أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك ، أنبأنا عبد الله بن محمد ، أنبأنا عبيد الله بن حبابة ، أنبأنا عبد الله بن محمد ، حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا شعبة ، عن حماد ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، محمدا عبده ورسوله وبه إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالتشهد : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن البغوي ، عبد الله ، حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي ، حدثنا عثمان بن عمر ، أنبأنا شعبة ، عن حماد ، سمعت أنس بن مالك يقول : قال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم- : . من كذب علي متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن ، ، ومحمد بن علي وأحمد بن مؤمن ، قالوا : أنبأنا أبو المحاسن محمد بن السيد الأنصاري بالمزة ، أنبأنا أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي ، وهبة الله بن طاوس سنة أربع وثلاثين وخمسمائة قراءة عليهما ، قالا : أنبأنا علي بن محمد بن علي الفقيه ، أنبأنا عبد الرحمن بن عثمان ، حدثنا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن معروف ، حدثنا أبو بكر أحمد بن علي القاضي ، حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا شعبة عن [ ص: 238 ] حماد عن إبراهيم عن أصحاب عبد الله قالوا : الميت يغسل وترا ، ويكفن وترا ، ويجمر وترا .
وبه عن حماد ، سمعت سعيد بن جبير ومجاهدا وإبراهيم يقولون : إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر ، والصوم أفضل يعنون رمضان في السفر . وبه عن حماد : سألت عن الجنب يقرأ القرآن ؟ قال : أوليس هو في جوفه . سعيد بن المسيب
قال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن إسحاق السلولي ، سمعت داود الطائي يقول : كان سخيا على الطعام ، جوادا بالدنانير والدراهم . حماد بن أبي سليمان
قال أيضا عن زكريا بن عدي ، عن الصلت بن بسطام ، عن أبيه قال : كان يزورني ، فيقيم عندي سائر نهاره ، فإذا أراد أن ينصرف قال : انظر الذي تحت الوسادة فمرهم ينتفعون به ، فأجد الدراهم الكثيرة . حماد بن أبي سليمان
وعن الصلت بن بسطام قال : وكان يفطر كل يوم في رمضان خمسين إنسانا ، فإذا كان ليلة الفطر ، كساهم ثوبا ثوبا .
روى عثمان بن زفر التيمي : سمعت محمد بن صبيح يقول : لما قدم أبو الزناد الكوفة على الصدقات ، كلم رجل فيمن يكلم حماد بن أبي سليمان يستعين به في بعض أعماله ، فقال أبا الزناد حماد : كم يؤمل صاحبك من أن يصيب معه ؟ قال : ألف درهم . قال : قد أمرت له بخمسة آلاف درهم ولا يبذل وجهي إليه ، قال : جزاك الله خيرا . أبي الزناد
قال في " صحيحه " قال البخاري حماد : إذا أقر مرة عند [ ص: 239 ] رجم يعني الزاني . وروى له في كتاب الأدب ، وأخرج له الحاكم ، مسلم مقرونا بغيره والباقون .