[ ص: 318 ] عبد الله بن كثير 
ابن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروزان ، بن هرمز الإمام العلم مقرئ مكة  ، وأحد القراء السبعة أبو معبد الكناني الداري المكي مولى عمرو بن علقمة الكناني . وقيل : يكنى أبا عباد ، وقيل : أبا بكر ، فارسي الأصل . وكان داريا وهو العطار وقد وهم  البخاري  ، فقال : إنه من بني عبد الدار   . 
وقال ابن أبي داود   : هو من قوم  تميم الداري ،  والدار   : بطن من لخم  أبوهم الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لخم من أدد بن سبأ   . وكذا تابعه  الدارقطني  فوهما . 
وقال الأصمعي   : الذي لا يبرح من داره هو الداري ، فلا يطلب معاشا ، وعنه قال : كان ابن كثير  عطارا ، قلت : هذا الحق ، واشتراك الأنساب لا يبطل ذلك . وكان من أبناء فارس  الذين بعثهم كسرى إلى صنعاء اليمن  ، فطردوا عنها الحبشة   . 
قيل : قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي  ، وذلك محتمل ، والمشهور تلاوته على مجاهد  ودرباس مولى ابن عباس   . تلا عليه أبو عمرو بن العلاء  ، ومعروف بن مشكان  ، وإسماعيل بن قسطنطين  وعدة . وقد حدث عن ابن الزبير  ، وأبي المنهال عبد الرحمن بن مطعم  ، وعكرمة  ، ومجاهد  وغيرهم . وهو قليل الحديث . روى عنه أيوب  ،  وابن جريج  ، وإسماعيل بن أمية  ، وزمعة بن صالح  ،  [ ص: 319 ] وعمر بن حبيب المكي  ،  وليث بن أبي سليم  ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم  ،  وجرير بن حازم  ،  وحسين بن واقد  ، وعبد الله بن أبي نجيح  ،  وحماد بن سلمة  وآخرون . 
وثقه  علي بن المديني  وغيره . وكان رجلا مهيبا طويلا أبيض اللحية جسيما أسمر ، أشهل العينين ، تعلوه سكينة ووقار ، وكان فصيحا مفوها واعظا كبير الشأن . يقال : إن ابن عيينة  أدركه ، وسمع منه ، ولم يصح ، إنما شهد جنازته . وقد وثقه  النسائي  أيضا ، وعاش خمسا وسبعين سنة . مات سنة عشرين ومائة قال ابن عيينة   : رأيته يخضب بالصفرة ، ويقص للجماعة . 
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر  ، أنبأنا ابن خليل  ، أنبأنا علي بن قادشاه  ، أنبأنا أبو علي المقرئ  ، أنبأنا أبو نعيم  ، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن  ، حدثنا بشر بن موسى  ، حدثنا خلاد بن يحيى  ، حدثنا سفيان  ، عن  ابن جريج  ، عن عبد الله بن كثير  ، عن ابن الزبير  ، قال : كانت بنو إسرائيل  إذا بلغوا ذا طوى ، نزعوا نعالهم  . عن ابن عيينة  ، قال : كان ابن كثير  يبيع العطر قديما ، وقال شبل بن عباد   : ولد ابن كثير  بمكة  سنة 48 ومات سنة عشرين ومائة . 
قال ابن سعد   : كان ابن كثير  المقرئ ثقة ، له أحاديث صالحة ، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة . 
وقال  البخاري  في " تاريخه " حدثنا  الحميدي  ، عن ابن عيينة  ، سمعت مطرفا  بمكة  في جنازة عبد الله بن كثير  ، وأنا غلام سنة عشرين ، قال : سمعت الحسن  ، ثم قال : وقال علي : قيل  لابن عيينة   : رأيت عبد الله بن كثير  ؟ قال : رأيته سنة اثنتين وعشرين ومائة ، أسمع قصصه وأنا غلام ، كان قاص الجماعة . 
قلت : فهذان قولان  لابن عيينة   . فإما شك ، وإما عنى بأن الذي مات سنة عشرين هو عبد الله بن المطلب السهمي  الذي خرج له مسلم  في الجنائز من طريق  ابن جريج  عنه وهذا أشبه . 
 [ ص: 320 ] وقال  أبو علي الغساني   : حديث السلف يرويه ابن أبي نجيح  ، عن عبد الله بن كثير  ، عن أبي المنهال عبد الرحمن بن مطعم  ، عن ابن عباس  ، ثم قال : فقال أبو الحسن القابسي  وغيره : هو ابن كثير القارئ  ، ثم قال : وهذا ليس بصحيح ، بل هو ابن كثير بن المطلب السهمي   . كذا نسبه الكلاباذي  وهو أخو كثير بن كثير  ، لا شيء له في الصحيح سوى حديث السلم عن صحيح  البخاري  ، وكذا ذكر  الدارقطني  والحاكم وغيرهما عبد الله بن كثير بن المطلب  في رجال " الصحيحين " وذكره  البخاري  في " تاريخه " لكنه وهم في نسبته إلى بني عبد الدار   . 
وقال أبو نعيم  الحافظ : عبد الله بن كثير القارئ الداري مولى بني عبد الدار    . 
قال ابن المديني   : قد روى عن الداري  أيوب   وابن جريج  ، وكان ثقة . حجاج بن منهال  ، عن حماد بن سلمة   : رأيت أبا عمرو بن العلاء  يقرأ على عبد الله بن كثير   . 
قال ابن عيينة   : لم يكن بمكة  أحد أقرأ من حميد بن قيس  ،  وعبد الله بن كثير   . 
وقال جرير بن حازم   : رأيت عبد الله بن كثير  فصيحا بالقرآن  . وذكر الداني  أن ابن كثير  أخذ القراءة عن عبد الله بن السائب   . 
ابن مجاهد   : حدثنا بشر بن موسى  ، حدثنا  الحميدي  ، عن سفيان  ، حدثنا قاسم الرحال  في جنازة عبد الله بن كثير  ، يعني في سنة عشرين أنبأنا عبد الرحمن بن محمد  ، والمسلم بن علان  ، قالا : أنبأنا حنبل  ، أنبأنا  [ ص: 321 ] هبة الله  ، أنبأنا ابن المذهب  ، أنبأنا أبو بكر القطيعي  ، حدثنا عبد الله بن أحمد  ، حدثني أبي ، حدثنا إسماعيل  ، حدثنا ابن أبي نجيح  ، عن عبد الله بن كثير  ، عن أبي المنهال  ، عن ابن عباس   : قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة  ، والناس يسلفون في التمر العام والعامين ، أو قال : عامين وثلاثة ، فقال : من سلف في تمر ، فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم أخرجوه ستتهم . عن رجالهم من حديث ابن أبي نجيح   . فترددنا في ابن كثير  هذا ، هل هو الداري  أو السهمي  ، واختلف العلماء قبلنا فيه ، وفي رجال مسلم   للدارقطني  ذكر السهمي  فقط ، وذكر في رجال  البخاري  عبد الله بن كثير المكي  فقط وكل منهما مكي  ، والذي علم بالتأمل ، أن الداري  رجل كبير شهير ، وأن السهمي  لا يكاد يعرف إلا بحديث واحد في صحيح مسلم  ، وهو معلل في استغفاره -صلى الله عليه وسلم- لأهل البقيع   ، تفرد به ابن وهب  ، عن  ابن جريج  ، عن عبد الله بن كثير بن المطلب  ، عن محمد بن قيس بن مخرمة  ، عن عائشة  في خروجه عليه السلام ليلا ، واستغفاره لهم ، وهو من الموافقات العالية في فوائد الإخميمي  ، ثم قال مسلم  في عقبه : وحدثني من سمع  حجاج بن محمد  ، عن  ابن جريج  ، عن عبد الله  رجل من قريش  ، عن محمد بن قيس  بهذا . 
قال  الدارقطني   : هو عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة   . قلت : المطلب هذا هو ابن الحارث بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم القرشي   . ولعبد الله  إخوة : كثير  ، وجعفر  ، وسعيد  ، وليسوا بالمشهورين . 
 [ ص: 322 ] وقال  النسائي  ، عن يوسف بن مسلم  ، عن حجاج  ، عن  ابن جريج  ، عن  عبد الله بن أبي مليكة  ، عن محمد بن قيس  ، ثم قال  النسائي   : حجاج  في  ابن جريج  عندنا أثبت من ابن وهب   . 
قلت : ما اختلفا فيه ، وإنما ابن مسلم  زاد من عنده إيضاحا بحسب ظنه فقال بعد عبد الله : ابن أبي مليكة   . فهذا ما عندنا من ذكر السهمي  ، ولم نتيقن له رواية حديث سوى هذا . وأما حديث السلف ، فمتجاذب بينه وبين الداري  ، فليلتمس مرجح لأحدهما والله أعلم . 
وأما الكلاباذي  ، فقال في رجال  البخاري   : عبد الله بن كثير بن المطلب القرشي العبدري المكي  القاص حدث عن أبي المنهال عبد الرحمن بن مطعم  ، روى عنه ابن أبي نجيح  في أول السلم ، فهذا كما ترى : جعل ابن كثير بن المطلب  عبدريا ، وإنما هو سهمي ، وجعله القاص ، وإنما القاص الداري القارئ ، وكذا قال  البخاري  في ابن المطلب   : إنه من بني عبد الدار بن قصي   . وما ذكر في تاريخه سواه ، وما ذكر ابن أبي حاتم  سواه ، إلا ابن كثير الطويل الدمشقي   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					