أخبار الزهري ( ع )
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، الإمام العلم ، حافظ زمانه أبو بكر القرشي الزهري المدني نزيل الشام .
روى عن ابن عمر ، شيئا قليلا ، ويحتمل أن يكون سمع منهما ، وأن يكون رأى وجابر بن عبد الله وغيره ، فإن مولده فيما قاله أبا هريرة دحيم في سنة خمسين . وفيما قاله وأحمد بن صالح خليفة بن خياط : سنة إحدى وخمسين وروى عنبسة : حدثنا ، عن يونس بن يزيد ابن شهاب ، قال : وفدت إلى مروان ، وأنا محتلم ، فهذا مطابق لما قبله ، وأبى ذلك يحيى بن بكير ، وقال : ولد سنة ست وخمسين . حتى قال له يعقوب الفسوي ، فإنهم يقولون : إنه وفد إلى مروان ، فقال : هذا باطل ، إنما خرج إلى ، وقال : لم يكن عبد الملك بن مروان عنبسة موضعا لكتابة الحديث .
قال أحمد العجلي : سمع ابن شهاب من ابن عمر ثلاثة أحاديث ، وقال عبد [ ص: 327 ] الرزاق ، حدثنا معمر ، قال : سمع الزهري من ابن عمر حديثين .
قلت : وروى عن سهل بن سعد ، ، ولقيه وأنس بن مالك بدمشق ، ، والسائب بن يزيد ، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير ، ومحمود بن الربيع ، ومحمود بن لبيد وسنين أبي جميلة وأبي الطفيل عامر ، وعبد الرحمن بن أزهر ، وربيعة بن عباد الديلي ، ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ومالك بن أوس بن الحدثان ، ، وجالسه ثماني سنوات ، وتفقه به ، وسعيد بن المسيب ، وعلقمة بن وقاص وكثير بن العباس ، ، وأبي أمامة بن سهل ، وعلي بن الحسين ، وعروة بن الزبير وأبي إدريس الخولاني ، ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعبد الملك بن مروان ، وسالم بن عبد الله ومحمد بن جبير بن مطعم ، ومحمد بن النعمان بن بشير ، ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعثمان بن إسحاق العامري ، وأبي الأحوص مولى بني ثابت ، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، ، والقاسم بن محمد ، وعامر بن سعد ، وخارجة بن زيد بن ثابت وعبد الله بن كعب بن مالك ، وأبي عمر رجل من بلي له صحبة ، . وأبان بن عثمان
فحديثه عن رافع بن خديج ، مراسيل ، أخرجها وعبادة بن الصامت ، وله عن النسائي في جامع أبي هريرة الترمذي .
قال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، . قال . كتب عبد الملك إلى الحجاج ، اقتد بابن عمر في مناسكك ، قال : فأرسل إليه يوم عرفة ، إذا أردت أن تروح فآذنا ، قال : فجاء هو وسالم وأنا معهما حين زاغت الشمس ، فقال : ما يحبسه ، فلم ينشب أن خرج الحجاج ، فقال : إن أمير المؤمنين ، كتب إلي أن أقتدي بك ، وآخذ عنك . قال : إن أردت السنة ، فأوجز الخطبة والصلاة ، قال الزهري : وكنت يومئذ صائما ، فلقيت من الحر شدة .
قلت : حدث عنه عطاء بن أبي رباح ، وهو أكبر منه ، ، [ ص: 328 ] ومات قبله ببضع وعشرين سنة ، وعمر بن عبد العزيز ، وعمرو بن دينار ، وعمرو بن شعيب ، وقتادة بن دعامة وزيد بن أسلم ، وطائفة من أقرانه ، ، ومنصور بن المعتمر ، وأيوب السختياني ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ، وأبو الزناد ، وصالح بن كيسان ، وعقيل بن خالد ومحمد بن الوليد الزبيدي ، ، ومحمد بن أبي حفصة وبكر بن وائل ، ، وعمرو بن الحارث ، وابن جريج وجعفر بن برقان ، ، وزياد بن سعد وعبد العزيز بن الماجشون ، وأبو أويس ، ، ومعمر بن راشد ، والأوزاعي ، وشعيب بن أبي حمزة ، ومالك بن أنس ، والليث بن سعد وإبراهيم بن سعد ، وسعيد بن عبد العزيز ، ، وفليح بن سليمان ، وابن أبي ذئب ، وابن إسحاق ، وسفيان بن حسين ، وصالح بن أبي الأخضر ، وسليمان بن كثير ، وهشام بن سعد ، وهشيم بن بشير ، وأمم سواهم . وسفيان بن عيينة
قال : له نحو من ألفي حديث . وقال علي بن المديني أبو داود : حديثه ألفان ومائتا حديث ، النصف منها مسند .
أبو صالح ، عن الليث بن سعد ، قال : ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب ، يحدث في الترغيب ، فتقول : لا يحسن إلا هذا ، وإن حدث عن العرب والأنساب ، قلت : لا يحسن إلا هذا ، وإن حدث عن القرآن والسنة ، كان حديثه .
وقال الليث : قدم ابن شهاب على عبد الملك سنة اثنتين وثمانين . الذهلي : حدثنا أبو صالح ، حدثنا العطاف بن خالد ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة ، عن ابن شهاب ، قال : أصاب أهل المدينة حاجة زمان فتنة عبد الملك فعمت ، فقد خيل إلي أنه أصابنا أهل البيت من ذلك ما لم يصب أحدا ، فتذكرت : هل من أحد أخرج إليه ، فقلت : إن الرزق بيد الله ثم خرجت إلى دمشق ، ثم غدوت إلى المسجد ، فاعتمدت إلى أعظم مجلس رأيته ، فجلست إليهم فبينا نحن كذلك إذ أتى رسول عبد الملك فذكر قصة ستأتي بمعناها ، وأن عبد الملك فرض له .
[ ص: 329 ] قال أبو الزناد : كنا نطوف مع الزهري على العلماء ومعه الألواح والصحف ، يكتب كلما سمع .
إبراهيم بن المنذر : حدثنا يحيى بن محمد بن حكم ، حدثنا ابن أبي ذئب ، قال : ضاقت حال ابن شهاب ، ورهقه دين ، فخرج إلى الشام ، فجالس ، قال قبيصة بن ذؤيب ابن شهاب : فبينا نحن معه نسمر فجاءه رسول عبد الملك ، فذهب إليه ، ثم رجع إلينا فقال : من منكم يحفظ قضاء عمر -رضي الله عنه- في أمهات الأولاد ؟ قلت : أنا . قال : قم فأدخلني على ، فإذا هو جالس على نمرقة بيده مخصرة وعليه غلالة ملتحف بسبيبة بين يديه شمعة ، فسلمت ، فقال من أنت ؟ فانتسبت له فقال : إن كان أبوك لنعارا في الفتن قلت : يا أمير المؤمنين عفا الله عما سلف ، قال : اجلس ، فجلست ، قال : تقرأ القرآن ؟ قلت : نعم ، قال : فما تقول في امرأة تركت زوجها وأبويها ؟ . عبد الملك بن مروان
قلت : لزوجها النصف ، ولأمها السدس ، ولأبيها ما بقي ، قال : أصبت الفرض ، وأخطأت اللفظ ، إنما لأمها ثلث ما بقي ، ولأبيها ما بقي . هات حديثك ، قلت : حدثني فذكر قضاء سعيد بن المسيب عمر في أمهات الأولاد . فقال عبد الملك : هكذا حدثني سعيد . قلت : يا أمير المؤمنين اقض ديني ، قال : نعم . قلت : وتفرض لي ، قال : لا والله لا نجمعهما لأحد ، قال : فتجهزت إلى المدينة . وروى نحوا منها سعيد بن عفير ، عن كما مضى . عطاف بن خالد
، عن أبيه ، عن أحمد بن شبيب يونس ، قال ابن شهاب : قدمت دمشق زمان تحرك ابن الأشعث ، وعبد الملك يومئذ مشغول بشأنه . وروى سعيد بن عفير : حدثنا حفص بن عمران ، عن السري بن يحيى ، عن [ ص: 330 ] ابن شهاب ، قال : قدمت الشام : أريد الغزو فأتيت عبد الملك فوجدته في قبة على فرش ، يفوت القائم ، والناس تحته سماطان .
ابن سعد : حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز ، سمعت الزهري ، يقول : نشأت وأنا غلام ، لا مال لي ، ولا أنا في ديوان ، وكنت أتعلم نسب قومي من ، وكان عالما بذلك وهو ابن أخت قومي وحليفهم . فأتاه رجل ، فسأله عن مسألة من الطلاق فعي بها وأشار له إلى عبد الله بن ثعلبة بن صعير . فقلت في نفسي : ألا أراني مع هذا الرجل المسن يذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح رأسه ، ولا يدري ما هذا ؟ ! فانطلقت مع السائل إلى سعيد بن المسيب ، وتركت سعيد بن المسيب ابن ثعلبة ، وجالست عروة ، وعبيد الله ، حتى فقهت ، فرحلت إلى وأبا بكر بن عبد الرحمن الشام ، فدخلت مسجد دمشق في السحر ، وأممت حلقة وجاه المقصورة عظيمة ، فجلست فيها . فنسبني القوم ، فقلت : رجل من قريش ، قالوا : هل لك علم بالحكم في أمهات الأولاد ؟ فأخبرتهم بقول ، فقالوا : هذا مجلس عمر بن الخطاب وهو حاميك ، وقد سأله أمير المؤمنين ، وقد سألنا فلم يجد عندنا في ذلك علما ، فجاء قبيصة بن ذؤيب قبيصة فأخبروه الخبر ، فنسبني فانتسبت ، وسألني عن ونظرائه ، فأخبرته . قال : فقال : أنا أدخلك على أمير المؤمنين ، فصلى الصبح ، ثم انصرف فتبعته ، فدخل على سعيد بن المسيب عبد الملك ، وجلست على الباب ساعة ، حتى ارتفعت الشمس ، ثم خرج الآذن ، فقال : أين هذا المديني القرشي ؟ قلت : ها أناذا ، فدخلت معه على أمير المؤمنين فأجد بين يديه المصحف قد أطبقه ، وأمر به فرفع ، وليس عنده غير قبيصة جالسا ، فسلمت عليه بالخلافة ، فقال : من أنت ؟ قلت : محمد بن مسلم .
وساق آباءه إلى زهرة ، فقال : أوه قوم نعارون في الفتن ، قال : وكان مسلم بن عبيد الله مع ابن الزبير ، ثم قال : ما عندك في أمهات الأولاد ؟ فأخبرته عن سعيد ، فقال : كيف سعيد ، وكيف حاله ؟ فأخبرته ، ثم قلت : وأخبرني ، فسأل [ ص: 331 ] عنه ، ثم حدثته الحديث في أمهات الأولاد عن أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عمر . فالتفت إلى قبيصة فقال : هذا يكتب به إلى الآفاق ، فقلت : لا أجده أخلى منه الساعة ، ولعلي لا أدخل بعدها . فقلت : إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي ، وأن يفرض لي فعل ، قال : إيها الآن انهض لشأنك ، فخرجت والله مؤيسا من كل شيء خرجت له ، وأنا يومئذ مقل مرمل ، ثم خرج قبيصة فأقبل علي لائما لي ، وقال : ما حملك على ما صنعت من غير أمري ؟ قلت : ظننت والله أني لا أعود إليه ، قال : ائتني في المنزل ، فمشيت خلف دابته ، والناس يكلمونه ، حتى دخل منزله فقلما لبث حتى خرج إلي خادم بمائة دينار ، وأمر لي ببغلة وغلام وعشرة أثواب ، ثم غدوت إليه من الغد على البغلة ، ثم أدخلني على أمير المؤمنين ، وقال : إياك أن تكلمه بشيء وأنا أكفيك أمره . قال : فسلمت ، فأومأ إلي أن اجلس ، ثم جعل يسألني عن أنساب قريش ، فلهو كان أعلم بها مني ، وجعلت أتمنى أن يقطع ذلك لتقدمه علي في النسب ، ثم قال لي : قد فرضت لك فرائض أهل بيتك ، ثم أمر قبيصة أن يكتب ذلك في الديوان ، ثم قال : أين تحب أن يكون ديوانك مع أمير المؤمنين هاهنا أم في بلدك ؟
قلت : يا أمير المؤمنين أنا معك . ثم خرج قبيصة ، فقال : إن أمير المؤمنين أمر أن تثبت في صحابته ، وأن يجري عليك رزق الصحابة ، وأن يرفع فريضتك إلى أرفع منها ، فالزم باب أمير المؤمنين ، وكان على عرض الصحابة رجل ، فتخلفت يوما أو يومين ، فجبهني جبها شديدا ، فلم أتخلف بعدها ، قال : وجعل يسألني عبد الملك : من لقيت ؟ فأذكر من لقيت من قريش ، قال : أين أنت عن الأنصار ، فإنك واجد عندهم علما ، أين أنت عن ابن سيدهم ، وسمى رجالا منهم . خارجة بن زيد
قال : فقدمت المدينة فسألتهم ، وسمعت منهم . قال : وتوفي عبد الملك ، فلزمت ابنه الوليد ، ثم سليمان ، ثم عمر بن عبد العزيز ، ثم يزيد ، فاستقضى على قضائه يزيد بن عبد الملك الزهري ، جميعا . قال : ثم لزمت وسليمان بن حبيب المحاربي هشام بن عبد الملك ، وصير هشام الزهري مع أولاده ، يعلمهم ويحج معهم [ ص: 332 ] ابن وهب : حدثني يعقوب بن عبد الرحمن ، قال : رأيته رجلا قصيرا قليل اللحية ، له شعيرات طوال خفيف العارضين ، يعني : الزهري . ، عن معن بن عيسى ابن أخي الزهري ، قال : جمع عمي القرآن في ثمانين ليلة .