صفوان بن سليم ( ع ) 
الإمام الثقة الحافظ الفقيه أبو عبد الله ، وقيل : أبو الحارث القرشي  [ ص: 365 ] الزهري المدني مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف . 
حدث عن ابن عمر  ، وأنس  ، وأم سعد بنت عمرو الجمحية  ،  وجابر بن عبد الله  وعن حميد  مولاه ،  وعطاء بن يسار  ،  ونافع بن جبير بن مطعم  ،  وطاوس  ،  وسعيد بن المسيب  ، وسعيد بن سلمة الأزرقي  ، وسلمان الأغر  ،  والقاسم بن محمد  ، وأبي بسرة الغفاري   ( تابعي مجهول ) وخلق سواهم . 
وعنه يزيد بن أبي حبيب  ،  وموسى بن عقبة  ،  وابن جريج  ، وابن عجلان  ،  ومالك  ،  والليث  ، وعبد العزيز الدراوردي  ، والسفيانان ، وخلق كثير آخرهم وفاة أبو ضمرة الليثي   . 
قال ابن سعد   : كان ثقة ، كثير الحديث ، عابدا ، وقال ابن المديني   : ثقة . وعن  أحمد بن حنبل  قال : من الثقات ، يستشفى بحديثه ، وينزل القطر من السماء بذكره . وروى عبد الله بن أحمد  ، عن أبيه : ثقة من خيار عباد الله الصالحين . 
وقال أبو حاتم  والعجلي   والنسائي   : ثقة . 
وقال المفضل بن غسان   : كان يقول بالقدر . 
وقال يعقوب بن شيبة   : ثبت ثقة مشهور بالعبادة ، سمعت علي بن عبد الله  يقول : كان صفوان بن سليم  يصلي على السطح في الليلة الباردة لئلا يجيئه النوم  . 
إسحاق بن محمد  ، عن مالك بن أنس  قال : كان صفوان بن سليم  يصلي في الشتاء في السطح ، وفي الصيف في بطن البيت ، يتيقظ بالحر والبرد ، حتى يصبح ، ثم يقول : هذا الجهد من صفوان  وأنت أعلم ، وإنه لترم رجلاه حتى يعود كالسقط من قيام الليل ، ويظهر فيه عروق خضر . 
 [ ص: 366 ] وروى محمد بن يزيد الآدمي  ، عن أنس بن عياض  قال : رأيت صفوان بن سليم  ولو قيل له : غدا القيامة ، ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة . 
وقال يعقوب بن محمد الزهري  ، عن عبد العزيز بن أبي حازم  قال : عادلني صفوان بن سليم  إلى مكة  ، فما وضع جنبه في المحمل حتى رجع  . 
قال ابن عيينة   : حج صفوان  ، فذهبت بمنى  فسألت عنه ، فقيل لي : إذا دخلت مسجد الخيف  فأت المنارة ، فانظر أمامها قليلا شيخا ، إذا رأيته علمت أنه يخشى الله -تعالى- فهو صفوان بن سليم  ، فما سألت عنه أحدا حتى جئت كما قالوا ، فإذا أنا بشيخ كما رأيته علمت أنه يخشى الله ، فجلست إليه ; فقلت : أنت صفوان بن سليم  ؟ قال : نعم  . 
قال : وحج صفوان بن سليم  وليس معه إلا سبعة دنانير فاشترى بها بدنة ، فقيل له في ذلك ، فقال : إني سمعت الله يقول : والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير   . 
محمد بن يعلى الثقفي  ، عن المنكدر بن محمد  قال : كنا مع صفوان بن سليم  في جنازة وفيها أبي وأبو حازم  ، وذكر نفرا من العباد ، فلما صلي عليها ، قال صفوان   : أما هذا ، فقد انقطعت عنه أعماله ، واحتاج إلى دعاء من خلف بعده ، قال : فأبكى والله القوم جميعا  . 
يعقوب بن محمد الزهري  ، عن أبي زهرة مولى بني أمية  ، سمعت صفوان بن سليم  يقول : في الموت راحة للمؤمن من شدائد الدنيا ، وإن كان ذا غصص وكرب ، ثم ذرفت عيناه  . 
قدامة بن محمد الخشرمي  ، عن محمد بن صالح التمار  قال : كان صفوان بن سليم  يأتي البقيع  في الأيام فيمر بي ، فاتبعته ذات يوم ، وقلت : لأنظرن ما  [ ص: 367 ] يصنع ، فقنع رأسه ، وجلس إلى قبر منها ، فلم يزل يبكي حتى رحمته ، وظننت أنه قبر بعض أهله ، ومر بي مرة أخرى ، فاتبعته ، فقعد إلى جنب قبر غيره ، ففعل مثل ذلك . فذكرت ذلك لمحمد بن المنكدر  ، وقلت : إنما ظننت أنه قبر بعض أهله ، فقال محمد   : كلهم أهله وإخوته ، إنما هو رجل يحرك قلبه بذكر الأموات كلما عرضت له قسوة . قال : ثم جعل محمد يمر بي ، فيأتي البقيع  ، فسلمت عليه ذات يوم ، فقال : أما نفعك موعظة صفوان  ؟ فظننت أنه انتفع بما ألقيت إليه منها  . 
قال أبو غسان النهدي   : سمعت سفيان بن عيينة  وأعانه على الحديث أخوه ، قال : حلف صفوان  ألا يضع جنبه بالأرض حتى يلقى الله . فمكث على ذلك أكثر من ثلاثين عاما ، فلما حضرته الوفاة ، واشتد به النزع والعلز وهو جالس ، فقالت ابنته : يا أبة لو وضعت جنبك ، فقال : يا بنية إذا ما وفيت لله بالنذر والحلف ، فمات ، وإنه لجالس . 
قال سفيان   : فأخبرني الحفار  الذي يحفر قبور أهل المدينة   ، قال : حفرت قبر رجل ، فإذا أنا قد وقعت على قبر فوافيت جمجمة ، فإذا السجود قد أثر في عظام الجمجمة ، فقلت لإنسان : قبر من هذا ؟ فقال : أوما تدري ؟ هذا قبر صفوان بن سليم   . 
وروى سهل بن عاصم  ، عن محمد بن منصور  قال : قال صفوان بن سليم   : أعطي الله عهدا أن لا أضع جنبي على فراش حتى ألحق بربي ، فبلغني أن صفوان  عاش بعد ذلك أربعين سنة لم يضع جنبه ، فلما نزل به الموت ، قيل له : رحمك الله ألا تضطجع ؟ قال : ما وفيت لله بالعهد إذا ، فأسند ، فما زال كذلك حتى خرجت نفسه . قال : ويقول أهل المدينة    : إنه بقيت جبهته من كثرة السجود  . 
 [ ص: 368 ] وقال ابن أبي حازم   : دخلت مع أبي على صفوان  وهو في مصلاه ، فما زال به أبي حتى رده إلى فراشه ، فأخبرته مولاته قالت : ساعة خرجتم مات  . وروى كثير بن يحيى  ، عن أبيه قال : قدم سليمان بن عبد الملك  المدينة  ،  وعمر بن عبد العزيز  عامل عليها ، قال : فصلى بالناس بالظهر ، ثم فتح باب المقصورة ، واستند إلى المحراب ، واستقبل الناس بوجهه ، فنظر إلى صفوان بن سليم  ، فقال لعمر   : من هذا ؟ ما رأيت أحسن سمتا منه . قال : صفوان  ، قال : يا غلام كيس فيه خمسمائة دينار فأتاه به ، فقال لخادمه : اذهب بها إلى ذلك القائم ، فأتى حتى جلس إلىصفوان  وهو يصلي ، ثم سلم ، فأقبل عليه ، فقال : ما حاجتك ؟ قال : يقول أمير المؤمنين : استعن بهذه على زمانك وعيالك ، فقال صفوان   : لست الذي أرسلت إليه ، قال : ألست صفوان بن سليم  ؟ قال : بلى . قال : فإليك أرسلت ، قال : اذهب فاستثبت ، فولى الغلام ، وأخذ صفوان  نعليه وخرج ، فلم ير بها حتى خرج سليمان  من المدينة   . 
قال الواقدي  وابن سعد  وخليفة  وابن نمير  وعدة : مات صفوان سنة اثنتين وثلاثين ومائة . 
قال أبو حسان الزيادي   : عاش اثنتين وسبعين سنة . وعن ابن عيينة  قال : آلى صفوان  أن لا يضع جنبه إلى الأرض حتى يلقى الله تعالى  . 
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر  بسفح قاسيون  ، أنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي  إجازة ، أنبأنا هبة الله بن سهل  ، أنبأنا أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري  ، أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه  ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الصمد  ، حدثنا أبو مصعب أحمد بن بكر الزهري  ، أنبأنا مالك  ، عن صفوان بن سليم  ، عن  عطاء بن يسار  عن أبي سعيد  ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال :  [ ص: 369 ] غسل الجمعة واجب على كل محتلم أخرجه مسلم  وأبو داود  ، عن أصحاب مالك  ، ورواه  النسائي  عن  هارون بن عبد الله الحمال  ، عن الحسن بن سوار  ، عن الليث بن سعد  ، عن خالد بن يزيد  ، عن سعيد بن أبي هلال  ، عن أبي بكر بن المنكدر  ، عن عمرو بن سليم الزرقي  ، عن أبي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري  ، عن أبيه -رضي الله عنه- . فاعتبار العدد كأن شيخنا رواه بالإجازة ، عن  النسائي   . ولله المنة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					