قال
نفطويه : حدثنا
أبو العباس المنصوري قال : لما قتل
أبو جعفر أبا مسلم قال : رحمك الله
أبا مسلم ، بايعتنا وبايعناك ، وعاهدتنا وعاهدناك ، ووفيت لنا ووفينا لك . وإنا بايعنا على ألا يخرج علينا أحد إلا قتلناه ، فخرجت علينا فقتلناك . وقيل : قال لأولئك : إذا سمعتم تصفيقي فاضربوه ، فضربه
شبيب بن واج ، ثم ضربه القواد ، فدخل
عيسى وكان قد كلم
المنصور فيه . فلما رآه قتيلا ، استرجع .
وقيل : لما قتله ودخل
جعفر بن حنظلة ، فقال : ما تقول في أمر
أبي مسلم ؟ قال : إن كنت أخذت من شعره فاقتله ، فقال : وفقك الله . ها هو في البساط قتيلا ، فقال : يا أمير المؤمنين : عد هذا اليوم أول خلافتك ، وأنشد
المنصور :
[ ص: 70 ] فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر
وقرأت في كتاب : أن
المنصور لم يزل يخدع
أبا مسلم ويتحيل عليه حتى وقع في براثنه بعهود وأيمان .
وكان
أبو مسلم ينظر في الملاحم . ويجد أنه مميت دولة ، ومحيي دولة ، ثم يقتل ببلد
الروم . وكان
المنصور يومئذ
برومية المدائن ، وهي معدودة من مدائن كسرى بينها وبين
بغداد سبعة فراسخ ، قيل : بناها
الإسكندر لما أقام بالمدائن . فلم يخطر ببال
أبي مسلم أن بها مصرعه ، وذهب وهمه إلى
الروم .
وقيل : إن
المنصور كان يقول : فعلت وفعلت ، فقال
أبو مسلم : ما يقال لي هذا بعد بيعتي واجتهادي ، قال : يا ابن الخبيثة ، إنما فعلت ذلك بجدنا وحظنا ، ولو كان مكانك أمة سوداء ، لعملت عملك ، وتفعل كذا ، وتخطب عمتي ، وتدعي أنك عباسي ، لقد ارتقيت مرتقى صعبا .
فأخذ يفرك يده ويقبلها ، ويخضع ،
وأبو جعفر يتنمر .
وعن
مسرور الخادم قال : لما رد
أبو مسلم ، أمره
أبو جعفر أن يركب في خواص أصحابه ، فركب في أربعة آلاف غلام جرد مرد ، عليهم أقبية الديباج والسيوف بمناطق الذهب ، فأمر
المنصور عمومته أن يستقبلوه ، وكان
[ ص: 71 ] قد بقي من عمومته :
صالح ، وسليمان ، وداود ، فلما أن أصحر ، سايره
صالح بجنبه ، فنظر إلى كتائب الغلمان ، ورأى شيئا لم يعهد مثله ، فأنشأ
صالح يقول :
سيأتيك ما أفنى القرون التي مضت وما حل في أكناف عاد وجرهم
ومن كان أقوى منك عزا ومفخرا وأقيد للجيش اللهام العرمرم
فبكى
أبو مسلم ولم يحر جوابا .
قال
أبو حسان الزيادي ، ويعقوب الفسوي ، وغيرهما : قتل في شعبان سنة سبع وثلاثين ومائة .
قلت : وعمره سبعة وثلاثون عاما .
ولما قتل ، خرج
بخراسان سنباذ للطلب بثأر
أبي مسلم ، وكان
سنباذ مجوسيا ، فغلب على
نيسابور والري ، وظفر بخزائن
أبي مسلم ، واستفحل أمره ، فجهز
المنصور لحربه
جمهور بن مرار العجلي في عشرة آلاف فارس ، وكان المصاف بين
الري وهمذان ، فانهزم
سنباذ ، وقتل من عسكره نحو من ستين ألفا ، وعامتهم كانوا من أهل الجبال ، فسبيت ذراريهم ، ثم قتل
سنباذ بأرض
طبرستان .
أنبأتنا
فاطمة بنت علي ، أنبأنا
فرقد بن عبد الله الكناني سنة ثمان وستمائة أنبأنا
أبو طاهر السلفي ، أنبأنا
أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن سليم المعلم ، أنبأنا
أبو علي الحسين بن عبد الله بن محمد بن المرزبان بن منجويه ، أنبأنا
أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ . حدثني
أبو نصر غلام ابن الأنباري ، سمعت
ابن الأنباري ، سمعت
محمد بن يحيى النحوي ، سمعت
مسرورا الخادم يقول : لما استرد
المنصور أبا مسلم من
حلوان ، أمره أن ينصرف في خواص غلمانه ، فانصرف في أربعة آلاف غلام جرد مرد ،
[ ص: 72 ] عليهم أقبية الديباج والسيوف ، ومناطق الذهب ، فأمر
المنصور عمومته أن يستقبلوه . وكان قد بقي من عمومته يومئذ :
صالح ، وسليمان وداود ، فلما أن أصحروا ، سايره
صالح بجنبه ، فنظر إلى كتائب الغلمان فرأى شيئا لم يعهد مثله فأنشأ يقول :
سيأتيك ما أفنى القرون التي مضت وما حل في أكناف عاد وجرهم
ومن كان أقوى منك عزا ومفخرا وأقيد للجيش اللهام العرمرم
فبكى
أبو مسلم ولم يحر جوابا ، ولم ينطق حتى دخل على
المنصور . فأجلسه بين يديه ، وجعل يعاتبه ويقول : تذكر يوم كذا وكذا فعلت كذا وكذا وكتبت إلي بكذا وكذا ثم أنشأ يقول :
زعمت أن الدين لا يقتضى فاقتض بالدين أبا مجرم
واشرب بكأس كنت تسقي بها أمر في الحلق من العلقم
ثم أمر
أهل خراسان فقطعوه إربا إربا .
وبه إلى
منجويه : حدثنا
أبو أحمد بن عبد الله بن عبد الوهاب الأنماطي ، حدثنا
إسماعيل بن علي بن إسماعيل ، حدثنا
حسين بن فهم ، حدثنا
محمد بن سلام ، حدثنا
محمد بن عمارة ، سمعت
أبا مسلم صاحب الدولة يقرأ : ( فلا تسرف في القتل ) بالتاء .
قال
ابن منجويه : حكى لي الثقة عن
أبي أحمد ، أنبأنا الإمام أن
عبد الله بن [ ص: 73 ] منده كتب عنه هذا ،
وحسين بن فهم هو ابن بنت أبي مسلم .
وبه : حدثنا
محمد بن أحمد بن عبد الواحد الطبري إملاء من أصله ، حدثنا
أبو الحسين محمد بن موسى الحافظ ، حدثنا
أحمد بن يحيى بن زكير ، حدثنا
عبد الرحمن بن خالد بن نجيح ، حدثنا أبي ، حدثنا
عبد الله بن منيب الخراساني ، حدثنا أبي عن
أبي مسلم صاحب الدولة ، عن
محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880243من أراد هوان قريش أهانه الله -عز وجل .
وبه أخبرناه
أحمد بن موسى الحافظ ، حدثنا
إبراهيم بن محمد ، حدثني
محمد بن جعفر الرقي بحران ، حدثني
جعفر بن موسى بدمشق ، حدثني
عبد الرحمن بن خالد بهذا . لم يقل :
ابن منيب عن أبيه وهو أشبه . . آخر سيرة
أبي مسلم -والله سبحانه أعلم .
قَالَ
نَفْطَوَيْهِ : حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَنْصُورِيُّ قَالَ : لَمَّا قَتَلَ
أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا مُسْلِمٍ قَالَ : رَحِمَكَ اللَّهُ
أَبَا مُسْلِمٍ ، بَايَعْتَنَا وَبَايَعْنَاكَ ، وَعَاهَدْتَنَا وَعَاهَدْنَاكَ ، وَوَفَّيْتَ لَنَا وَوَفَّيْنَا لَكَ . وَإِنَّا بَايَعْنَا عَلَى أَلَّا يَخْرُجَ عَلَيْنَا أَحَدٌ إِلَّا قَتَلْنَاهُ ، فَخَرَجْتَ عَلَيْنَا فَقَتَلْنَاكَ . وَقِيلَ : قَالَ لِأُولَئِكَ : إِذَا سَمِعْتُمْ تَصْفِيقِي فَاضْرِبُوهُ ، فَضَرَبَهُ
شَبِيبُ بْنُ وَاجٍ ، ثُمَّ ضَرَبَهُ الْقُوَّادُ ، فَدَخَلَ
عِيسَى وَكَانَ قَدْ كَلَّمَ
الْمَنْصُورَ فِيهِ . فَلَمَّا رَآهُ قَتِيلًا ، اسْتَرْجَعَ .
وَقِيلَ : لَمَّا قَتَلَهُ وَدَخَلَ
جَعْفَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ ، فَقَالَ : مَا تَقُولُ فِي أَمْرِ
أَبِي مُسْلِمٍ ؟ قَالَ : إِنْ كُنْتَ أَخَذْتَ مِنْ شَعْرِهِ فَاقْتُلْهُ ، فَقَالَ : وَفَّقَكَ اللَّهُ . هَا هُوَ فِي الْبِسَاطِ قَتِيلًا ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : عُدَّ هَذَا الْيَوْمَ أَوَّلَ خِلَافَتِكَ ، وَأَنْشَدَ
الْمَنْصُورَ :
[ ص: 70 ] فَأَلْقَتَ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ
وَقَرَأْتُ فِي كِتَابٍ : أَنَّ
الْمَنْصُورَ لَمْ يَزَلْ يَخْدَعُ
أَبَا مُسْلِمٍ وَيَتَحَيَّلُ عَلَيْهِ حَتَّى وَقَعَ فِي بَرَاثِنِهِ بِعُهُودٍ وَأَيْمَانٍ .
وَكَانَ
أَبُو مُسْلِمٍ يَنْظُرُ فِي الْمَلَاحِمِ . وَيَجِدُ أَنَّهُ مُمِيتٌ دَوْلَةً ، وَمُحْيِي دَوْلَةً ، ثُمَّ يُقْتَلُ بِبَلَدِ
الرُّومِ . وَكَانَ
الْمَنْصُورُ يَوْمَئِذٍ
بِرُومِيَّةِ الْمَدَائِنِ ، وَهِيَ مَعْدُودَةٌ مِنْ مَدَائِنِ كِسْرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ
بَغْدَادَ سَبْعَةُ فَرَاسِخَ ، قِيلَ : بَنَاهَا
الْإِسْكَنْدَرُ لَمَّا أَقَامَ بِالْمَدَائِنِ . فَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِ
أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّ بِهَا مَصْرَعَهُ ، وَذَهَبَ وَهْمُهُ إِلَى
الرُّومِ .
وَقِيلَ : إِنَّ
الْمَنْصُورَ كَانَ يَقُولُ : فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ ، فَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : مَا يُقَالُ لِي هَذَا بَعْدَ بَيْعَتِي وَاجْتِهَادِي ، قَالَ : يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ ، إِنَّمَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِجَدِّنَا وَحَظِّنَا ، وَلَوْ كَانَ مَكَانُكَ أَمَةً سَوْدَاءَ ، لَعَمِلَتْ عَمَلَكَ ، وَتَفْعَلُ كَذَا ، وَتَخْطُبُ عَمَّتِي ، وَتَدَّعِي أَنَّكَ عَبَّاسِيٌّ ، لَقَدِ ارْتَقَيْتَ مُرْتَقًى صَعْبًا .
فَأَخَذَ يَفْرُكُ يَدَهُ وَيُقَبِّلُهَا ، وَيَخْضَعُ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ يَتَنَمَّرُ .
وَعَنْ
مَسْرُورٍ الْخَادِمِ قَالَ : لَمَّا رَدَّ
أَبُو مُسْلِمٍ ، أَمَرَهُ
أَبُو جَعْفَرٍ أَنْ يَرْكَبَ فِي خَوَاصِّ أَصْحَابِهِ ، فَرَكِبَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ غُلَامٍ جُرْدٍ مُرْدٍ ، عَلَيْهِمْ أَقْبِيَةُ الدِّيبَاجِ وَالسُّيُوفُ بِمَنَاطِقِ الذَّهَبِ ، فَأَمَرَ
الْمَنْصُورُ عُمُومَتَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلُوهُ ، وَكَانَ
[ ص: 71 ] قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُومَتِهِ :
صَالِحٌ ، وَسُلَيْمَانُ ، ودَاوُدُ ، فَلَمَّا أَنْ أَصْحَرَ ، سَايَرَهُ
صَالِحٌ بِجَنْبِهِ ، فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الْغِلْمَانِ ، وَرَأَى شَيْئًا لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ ، فَأَنْشَأَ
صَالِحٌ يَقُولُ :
سَيَأْتِيكَ مَا أَفْنَى الْقُرُونَ الَّتِي مَضَتْ وَمَا حَلَّ فِي أَكْنَافِ عَادٍ وَجُرْهُمٍ
وَمَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْكَ عِزًّا وَمَفْخَرًا وَأَقْيَدَ لِلْجَيْشِ اللُّهَامِ الْعَرَمْرَمِ
فَبَكَى
أَبُو مُسْلِمٍ وَلَمْ يُحْرِ جَوَابًا .
قَالَ
أَبُو حَسَّانَ الزِّيَادِيُّ ، وَيَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ ، وَغَيْرُهُمَا : قُتِلَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ .
قُلْتُ : وَعُمْرُهُ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ عَامًا .
وَلَمَّا قُتِلَ ، خَرَجَ
بِخُرَاسَانَ سُنبَاذُ لِلطَّلَبِ بِثَأْرِ
أَبِي مُسْلِمٍ ، وَكَانَ
سُنبَاذُ مَجُوسِيًّا ، فَغَلَبَ عَلَى
نَيْسَابُورَ وَالرَّيَّ ، وَظَفِرَ بِخَزَائِنِ
أَبِي مُسْلِمٍ ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ ، فَجَهَّزَ
الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ
جُمْهُورَ بْنَ مَرَّارٍ الْعِجْلِيَّ فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ ، وَكَانَ الْمَصَافُّ بَيْنَ
الرَّيِّ وَهَمَذَانَ ، فَانْهَزَمَ
سُنبَاذُ ، وَقُتِلَ مِنْ عَسْكَرِهِ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ أَلْفًا ، وَعَامَّتُهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ ، فَسُبِيَتْ ذَرَارِيهِمْ ، ثُمَّ قُتِلَ
سُنباذُ بِأَرْضِ
طَبَرِسْتَانَ .
أَنْبَأَتْنَا
فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ ، أَنْبَأَنَا
فَرْقَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّمِائَةٍ أَنْبَأَنَا
أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيُّ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمٍ الْمُعَلِّمُ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ بْنِ مَنْجَوَيْهِ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُقْرِئِ . حَدَّثَنِي
أَبُو نَصْرٍ غُلَامُ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ ، سَمِعْتُ
ابْنَ الْأَنْبَارِيَّ ، سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى النَّحْوِيَّ ، سَمِعْتُ
مَسْرُورًا الْخَادِمَ يَقُولُ : لَمَّا اسْتَرَدَّ
الْمَنْصُورُ أَبَا مُسْلِمٍ مِنْ
حُلْوَانَ ، أَمَرَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ فِي خَوَاصِّ غِلْمَانِهِ ، فَانْصَرَفَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ غُلَامٍ جُرْدٍ مُرْدٍ ،
[ ص: 72 ] عَلَيْهِمْ أَقْبِيَةُ الدِّيبَاجِ وَالسُّيُوفُ ، وَمَنَاطِقُ الذَّهَبِ ، فَأَمَرَ
الْمَنْصُورُ عُمُومَتَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلُوهُ . وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُومَتِهِ يَوْمَئِذٍ :
صَالِحٌ ، وَسُلَيْمَانُ ودَاوُدُ ، فَلَمَّا أَنْ أَصْحَرُوا ، سَايَرَهُ
صَالِحٌ بِجَنْبِهِ ، فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الْغِلْمَانِ فَرَأَى شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْ مِثْلَهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ :
سَيَأْتِيكَ مَا أَفْنَى الْقُرُونَ الَّتِي مَضَتْ وَمَا حَلَّ فِي أَكْنَافِ عَادٍ وَجُرْهُمِ
وَمَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْكَ عِزًّا وَمَفْخَرًا وَأَقْيَدَ لِلْجَيْشِ اللُّهَامِ الْعَرَمْرَمِ
فَبَكَى
أَبُو مُسْلِمٍ وَلَمْ يُحْرِ جَوَابًا ، وَلَمْ يَنْطِقْ حَتَّى دَخَلَ عَلَى
الْمَنْصُورِ . فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَجَعَلَ يُعَاتِبُهُ وَيَقُولُ : تَذْكُرُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا وَكَتَبْتَ إِلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ :
زَعَمْتَ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُقْتَضَى فَاقْتَضِ بِالدَّيْنِ أَبَا مُجْرِمِ
وَاشْرَبْ بِكَأْسٍ كُنْتَ تَسْقِي بِهَا أَمَرَّ فِي الْحَلْقِ مِنَ الْعَلْقَمِ
ثُمَّ أَمَرَ
أَهْلَ خُرَاسَانَ فَقَطَّعُوهُ إِرْبًا إِرْبًا .
وَبِهِ إِلَى
مَنْجَوَيْهِ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ ، حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا
حُسَيْنُ بْنُ فَهْمٍ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ ، سَمِعْتُ
أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ الدَّوْلَةِ يَقْرَأُ : ( فَلَا تُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ) بِالتَّاءِ .
قَالَ
ابْنُ مَنْجَوَيْهِ : حَكَى لِي الثِّقَةُ عَنْ
أَبِي أَحْمَدَ ، أَنْبَأَنَا الْإِمَامُ أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ [ ص: 73 ] مَنْدَهْ كَتَبَ عَنْهُ هَذَا ،
وَحُسَيْنُ بْنُ فَهْمٍ هُوَ ابْنُ بِنْتِ أَبِي مُسْلِمٍ .
وَبِهِ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الطَّبَرِيُّ إِمْلَاءً مِنْ أَصْلِهِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ زُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ نَجِيحٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيبٍ الْخُرَاسَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ
أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880243مَنْ أَرَادَ هَوَانَ قُرَيْشٍ أَهَانَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ .
وَبِهِ أَخْبَرَنَاهُ
أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ بِحَرَّانَ ، حَدَّثَنِي
جَعْفَرُ بْنُ مُوسَى بِدِمَشْقَ ، حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ بِهَذَا . لَمْ يَقُلِ :
ابْنُ مُنِيبٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ أَشْبَهُ . . آخِرُ سِيرَةِ
أَبِي مُسْلِمٍ -وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .