ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون
جملة مبينة لجملة واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا الآيتين ، والمثال الحال أي ذلك التمثيل مثل للمشركين المكذبين بالقرآن ، تشبيه بليغ . لأن حالة الكلب المشتبه شبيهة بحال المكذبين وليست عينها .
والإشارة بذلك إلى الذي آتيناه آياتنا وهو صاحب القصة ، هو مثل المشركين لأنهم شابهوه في أنهم أوتوا القرآن فكذبوا به ، فكانت حالهم كحال ذلك المكذب ، والأظهر أن تكون الإشارة إلى المثل في قوله كمثل الكلب أي حال الكلب المذكورة كحال المشركين المكذبين في أنهم كانوا يودون معرفة دين إبراهيم ، ويتمنون مساواة أهل الكتاب في العلم والفضل ، فكانوا بذلك في عناء وحيرة في الجاهلية فلما جاءهم رسول منهم بكتاب مبين انتقلوا إلى عناء معاندته كقوله - تعالى - أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم وهذا تأويل ما روي عن أن آية عبادة بن الصامت واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا إلى آخرها نزلت في قريش .
وفرع على ذلك الأمر بقوله فاقصص القصص لعلهم يتفكرون أي اقصص هذه القصة وغيرها ، وهذا تذييل للقصة الممثل بها يشملها وغيرها من القصص التي في القرآن ، فإن في القصص تفكرا وموعظة فيرجى منه تفكرهم وموعظتهم ، لأن للأمثال واستحضار النظائر شأنا عظيما في اهتداء النفوس بها وتقريب الأحوال الخفية إلى النفوس الذاهلة أو المتغافلة ، لما في التنظير بالقصة المخصوصة من تذكر مشاهدة الحالة بالحواس ، بخلاف التذكير المجرد عن التنظير بالشيء المحسوس .