من يضلل الله فلا هادي له ونذرهم في طغيانهم يعمهون
هذه الجملة تعليل للإنكار في قوله فبأي حديث بعده يؤمنون ، لإفادة أن ضلالهم أمر قدر الله دوامه فلا طمع لأحد في هديهم ، ولما كان هذا الحكم حاقا على من اتصف بالتكذيب ، وعدم التفكر في حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وعدم النظر في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله ، وفي توقع اقتراب استئصالهم ، كان المحكوم عليهم بعدم الاهتداء فريقا غير معروف للناس وإنما ينفرد الله بعلمه ويطلع عليه رسوله - عليه الصلاة والسلام - ، وينكشف بعض ذلك عند موت بعضهم على الشرك ، وهذه هي المسألة الملقبة بالموافاة عند علماء الكلام .
وعطف جملة ونذرهم في طغيانهم يعمهون على جملة من يضلل الله فلا هادي له للإشارة إلى استمرار ضلالهم وانتفاء هديهم في المستقبل كما وقع في الماضي .
وتفسير نذرهم تقدم عند قوله - تعالى - وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا [ ص: 200 ] في سورة الأنعام وتفسير طغيان و يعمهون تقدم عند قوله في طغيانهم يعمهون في سورة البقرة .
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، : " نذرهم " بالنون وبالرفع ، على أنه عطف جملة على جملة من يضلل الله على طريقة الالتفات من الغيبة إلى التكلم .
وقرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف : بالياء التحتية والجزم ، على أنه عطف على موضع فلا هادي له وهو جواب الشرط .
وقرأ أبو عمرو ، وعاصم ، ويعقوب : بالياء التحتية وبالرفع ، والوجه ظاهر .