واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين عطف على فسيحوا داخل في حكم التفريع ; لأنه لما أنبأهم بالأمان في أربعة الأشهر عقبه بالتخويف من بأس الله احتراسا من تطرق الغرور ، وتهديدا بأن لا [ ص: 107 ] يطمئنوا من أن يسلط الله المسلمين عليهم في غير الأشهر الحرم ، وإن قبعوا في ديارهم .
وافتتاح الكلام بـ واعلموا للتنبيه على أنه مما يحق وعيه ، والتدبر فيه ، كقوله : واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه في سورة الأنفال ، وقد تقدم التنبيه عليه .
والمعجز اسم فاعل من أعجز فلانا إذا جعله عاجزا عن عمل ما ، فلذلك كان بمعنى الغالب والفائت ، الخارج عن قدرة أحد ، فالمعنى : أنكم غير خارجين عن قدرة الله ، ولكنه أمنكم وإذا شاء أوقعكم في الخوف والبأس .
وعطف قوله : وأن الله مخزي الكافرين على قوله : أنكم غير معجزي الله فهو داخل في عمل واعلموا فمقصود منه وعيه والعلم به كما تقدم آنفا .
وكان ذكر الكافرين إخراجا على خلاف مقتضى الظاهر : لأن مقتضى الظاهر أن يقول : وإن الله مخزيكم ، ووجه تخريجه على الإظهار الدلالة على سببية الكفر في الخزي .
والإخزاء : الإذلال . والخزي بكسر الخاء الذل والهوان ، أي مقدر للكافرين الإذلال : بالقتل ، والأسر ، وعذاب الآخرة ، ما داموا متلبسين بوصف الكفر .