عطف على جملة فهم في ريبهم يترددون لأن معنى المعطوف عليها : أنهم لم يريدوا الخروج إلى الغزو ، وهذا استدلال على عدم إرادتهم الخروج إذ لو أرادوه لأعدوا له عدته . وهذا تكذيب لزعمهم أنهم تهيئوا للغزو ثم عرضت لهم الأعذار فاستأذنوا في القعود لأن عدم إعدادهم العدة للجهاد دل على انتفاء إرادتهم الخروج إلى الغزو .
و " العدة " بضم العين : ما يحتاج إليه من الأشياء ، كالسلاح للمحارب ، والزاد للمسافر ، مشتقة من الإعداد وهو التهيئة .
والخروج تقدم آنفا .
والاستدراك في قوله : ولكن كره الله انبعاثهم استدراك على ما دل عليه شرط لو من فرض إرادتهم الخروج تأكيدا لانتفاء وقوعه بإثبات ضده ، وعبر عن ضد [ ص: 215 ] الخروج بتثبيط الله إياهم لأنه في السبب الإلهي ضد الخروج فعبر به عن مسببه ، واستعمال الاستدراك كذلك بعد لو استعمال معروف في كلامهم كقول أبي بن سلمى الضبي :
فلو طار ذو حافر قبلها لطارت ولكنه لم يطر
وقول الغطمش الضبي :
أخلاي لو غير الحمام أصابكم عتبت ولكن ما على الموت معتب
إلا أن استدراك ضد الشرط في الآية كان بذكر ما يساوي الضد : وهو تثبيط الله إياهم ، توفيرا لفائدة الاستدراك ببيان سبب الأمر المستدرك ، وجعل هذا السبب مفرعا على علته : وهي أن الله كره انبعاثهم ، فصيغ الاستدراك بذكر علته اهتماما بها ، وتنبيها على أن عدم إرادتهم الخروج كان حرمانا من الله إياهم ، وعناية بالمسلمين فجاء الكلام بنسج بديع وحصل التأكيد مع فوائد زائدة .
وكراهة الله انبعاثهم مفسرة في الآية بعدها بقوله : لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا
والانبعاث مطاوع ، بعثه إذا أرسله .
والتثبيط إزالة العزم . وتثبيط الله إياهم : أن خلق فيهم الكسل وضعف العزيمة على الغزو .
والقعود مستعمل في ترك الغزو تشبيها للترك بالجلوس .
و ( القول ) الذي في " وقيل اقعدوا " قول أمر التكوين : أي كون فيهم القعود عن الغزو .
وزيادة قوله : " مع القاعدين " مذمة لهم : لأن القاعدين هم الذين شأنهم القعود عن الغزو ، وهم الضعفاء من صبيان ونساء كالعمي والزمنى .