[ ص: 246 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63nindex.php?page=treesubj&link=28980_29468_30539ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم
هذه الجملة تتنزل من جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62والله ورسوله أحق أن يرضوه منزلة التعليل ; لأن العاقل لا يرضى لنفسه عملا يئول به إلى مثل هذا العذاب ، فلا يقدم على ذلك إلا من لا يعلم أن من يحادد الله ورسوله يصير إلى هذا المصير السيئ .
والاستفهام مستعمل في الإنكار والتشنيع ; لأن عدم علمهم بذلك محقق بضرورة أنهم كافرون بالرسول ، وبأن رضى الله عند رضاه ولكن لما كان عدم علمهم بذلك غريبا لوجود الدلائل المقتضية أنه مما يحق أن يعلموه ، كان حال عدم العلم به حالا منكرا . وقد كثر استعمال هذا ونحوه في الإعلام بأمر مهم ، كقوله في هذه السورة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وقول
مويال بن جهم المذحجي ، أو
مبشر بن هذيل الفزاري :
ألم تعلمي يا عمرك الله أنني كريم على حين الكرام قليل
فكأنه قيل : فليعلموا أنه من يحادد الله إلخ .
والضمير المنصوب بـ " أنه " ضمير الشأن ، وفسر الضمير بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63من يحادد الله إلى آخرها .
والمعنى : ألم يعلموا شأنا عظيما هو من يحادد الله ورسوله له نار جهنم .
وفك الدالان من ( يحادد ) ولم يدغما لأنه وقع مجزوما فجاز فيه الفك والإدغام ، والفك أشهر وأكثر في القرآن ، وهو لغة
أهل الحجاز ، وقد ورد فيه الإدغام نحو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4ومن يشاق الله في سورة الحشر في قراءة جميع العشرة وهو لغة
تميم .
و ( المحادة ) المعاداة والمخالفة .
والفاء في
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63فأن له نار جهنم لربط جواب شرط ( من ) .
[ ص: 247 ] وأعيدت ( أن ) في الجواب لتوكيد " أن " المذكورة قبل الشرط توكيدا لفظيا ، فإنها لما دخلت على ضمير الشأن وكانت جملة الشرط وجوابه تفسيرا لضمير الشأن ، كان حكم ( أن ) ساريا في الجملتين ، بحيث لو لم تذكر في الجواب لعلم أن فيه معناها ، فلما ذكرت كان ذكرها توكيدا لها ، ولا ضير في الفصل بين التأكيد والمؤكد بجملة الشرط ، والفصل بين فاء الجواب ومدخولها بحرف ، إذ لا مانع من ذلك ، ومن هذا القبيل قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم وقول
الحماسي ، وهو أحد الأعراب :
وإن امرءا دامت مواثيق عهده على مثل هذا إنه لكريم
و جهنم تقدم ذكرها عند قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=206فحسبه جهنم ولبئس المهاد في سورة البقرة .
والإشارة بذلك إلى المذكور من العذاب أو إلى ضمير الشأن باعتبار تفسيره . والمقصود من الإشارة : تمييزه ليتقرر معناه في ذهن السامع .
و الخزي الذل والهوان ، وتقدم عند قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=85فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا في سورة البقرة .
[ ص: 246 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63nindex.php?page=treesubj&link=28980_29468_30539أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ
هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَتَنَزَّلُ مِنْ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ مَنْزِلَةَ التَّعْلِيلِ ; لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ عَمَلًا يَئُولُ بِهِ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْعَذَابِ ، فَلَا يُقْدِمُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَصِيرُ إِلَى هَذَا الْمَصِيرِ السَّيِّئِ .
وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِنْكَارِ وَالتَّشْنِيعِ ; لِأَنَّ عَدَمَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ مُحَقَّقٌ بِضَرُورَةِ أَنَّهُمْ كَافِرُونَ بِالرَّسُولِ ، وَبِأَنَّ رِضَى اللَّهِ عِنْدَ رِضَاهُ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ عَدَمُ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ غَرِيبًا لِوُجُودِ الدَّلَائِلِ الْمُقْتَضِيَةِ أَنَّهُ مِمَّا يَحِقُّ أَنْ يَعْلَمُوهُ ، كَانَ حَالُ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ حَالًا مُنْكَرًا . وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ هَذَا وَنَحْوِهِ فِي الْإِعْلَامِ بِأَمْرٍ مُهِمٍّ ، كَقَوْلِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَقَوْلِ
مَوْيَالِ بْنِ جَهْمٍ الْمَذْحِجِيِّ ، أَوْ
مُبَشِّرِ بْنِ هُذَيْلٍ الْفَزَارِيِّ :
أَلَمْ تَعْلَمِي يَا عَمْرَكِ اللَّهَ أَنَّنِي كَرِيمٌ عَلَى حِينِ الْكِرَامُ قَلِيلُ
فَكَأَنَّهُ قِيلَ : فَلْيَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ إِلَخْ .
وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ بِـ " أَنَّهُ " ضَمِيرُ الشَّأْنِ ، وَفُسِّرَ الضَّمِيرُ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ إِلَى آخِرِهَا .
وَالْمَعْنَى : أَلَمْ يَعْلَمُوا شَأْنًا عَظِيمًا هُوَ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَهُ نَارُ جَهَنَّمَ .
وَفَكُّ الدَّالَانِ مِنْ ( يُحَادِدْ ) وَلَمْ يُدْغَمَا لِأَنَّهُ وَقَعَ مَجْزُومًا فَجَازَ فِيهِ الْفَكُّ وَالْإِدْغَامُ ، وَالْفَكُّ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ فِي الْقُرْآنِ ، وَهُوَ لُغَةُ
أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ الْإِدْغَامُ نَحْوَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ فِي قِرَاءَةِ جَمِيعِ الْعَشَرَةِ وَهُوَ لُغَةُ
تَمِيمٍ .
وَ ( الْمُحَادَّةُ ) الْمُعَادَاةُ وَالْمُخَالَفَةُ .
وَالْفَاءُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ لِرَبْطِ جَوَابِ شَرْطِ ( مَنْ ) .
[ ص: 247 ] وَأُعِيدَتْ ( أَنَّ ) فِي الْجَوَابِ لِتَوْكِيدِ " أَنَّ " الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ الشَّرْطِ تَوْكِيدًا لَفْظِيًّا ، فَإِنَّهَا لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى ضَمِيرِ الشَّأْنِ وَكَانَتْ جُمْلَةُ الشَّرْطِ وَجَوَابُهُ تَفْسِيرًا لِضَمِيرِ الشَّأْنِ ، كَانَ حُكْمُ ( أَنَّ ) سَارِيًا فِي الْجُمْلَتَيْنِ ، بِحَيْثُ لَوْ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْجَوَابِ لَعُلِمَ أَنَّ فِيهِ مَعْنَاهَا ، فَلَمَّا ذُكِرَتْ كَانَ ذِكْرُهَا تَوْكِيدًا لَهَا ، وَلَا ضَيْرَ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ التَّأْكِيدِ وَالْمُؤَكَّدِ بِجُمْلَةِ الشَّرْطِ ، وَالْفَصْلِ بَيْنَ فَاءِ الْجَوَابِ وَمَدْخُولِهَا بِحَرْفٍ ، إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُهُ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَقَوْلُ
الْحَمَاسِيِّ ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَعْرَابِ :
وَإِنَّ امْرَءًا دَامَتْ مَوَاثِيقُ عَهْدِهِ عَلَى مِثْلِ هَذَا إِنَّهُ لَكَرِيمُ
وَ جَهَنَّمُ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=206فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنَ الْعَذَابِ أَوْ إِلَى ضَمِيرِ الشَّأْنِ بِاعْتِبَارِ تَفْسِيرِهِ . وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْإِشَارَةِ : تَمْيِيزُهُ لِيَتَقَرَّرَ مَعْنَاهُ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ .
وَ الْخِزْيُ الذُّلُّ وَالْهَوَانُ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=85فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .