nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=28980_30563_30565وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين
هذا عطف غرض على غرض قصد به الانتقال إلى تقسيم فرق المتخلفين عن الجهاد من المنافقين وغيرهم وأنواع معاذيرهم ومراتبها في القبول . دعا إليه الإغلاظ
[ ص: 288 ] في تقريع المتخلفين عن الجهاد نفاقا وتخذيلا للمسلمين ، ابتداء من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ثم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42لو كان عرضا قريبا وكل ذلك مقصود به المنافقون .
ولأجل كون هذه الآية غرضا جديدا ابتدئت بذكر نزول سورة داعية إلى الإيمان والجهاد . والمراد بها هذه السورة ، أي سورة ( براءة ) ، وإطلاق اسم السورة عليها في أثنائها قبل إكمالها مجاز متسع فيه كإطلاق الكتاب على القرآن في أثناء نزوله في نحو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب لا ريب فيه وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=92وهذا كتاب أنزلناه مبارك فهذا الوصف وصف مقدر شبيه بالحال المقدرة .
وابتدئ بذكر المتخلفين من المنافقين بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86استأذنك أولوا الطول منهم
والسورة طائفة معينة من آيات القرآن لها مبدأ ونهاية وقد مضى الكلام عليها آنفا وقبيل هذا .
ولما كانت السورة ألفاظا وأقوالا صح بيانها ببعض ما حوته وهو الأمر بالإيمان والجهاد فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86أن آمنوا بالله تفسير للسورة و ( أن ) فيه تفسيرية كالتي في قوله - تعالى - حكاية عن عيسى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ويجوز تفسير الشيء ببعضه شبه بدل البعض من الكل .
وليس المراد لفظ آمنوا وما عطف عليه بل ما يراد ، فهما مثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله الآيات ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=44لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم
و ( الطول ) السعة في المال قال - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات وقد تقدم . والاقتصار على الطول يدل على أن أولي الطول مراد بهم من له قدرة على الجهاد بصحة البدن . فبوجود الطول انتفى عذرهم إذ من لم يكن قادرا ببدنه لا ينظر إلى كونه ذا طول كما يدل عليه قوله بعد
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج [ ص: 289 ] والمراد بأولي الطول أمثال
عبد الله بن أبي ابن سلول ، ومعتب بن قشير ، والجد بن قيس .
وعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين على ( استأذنك ) لما بينهما من المغايرة في الجملة بزيادة في المعطوف لأن الاستئذان مجمل ، وقولهم المحكي فيه بيان ما استأذنوا فيه وهو القعود . وفي نظمه إيذان بتلفيق معذرتهم وأن الحقيقة هي رغبتهم في القعود ولذلك حكي قولهم بأن ابتدئ بـ ( ذرنا ) المقتضي الرغبة في تركهم بالمدينة . وبأن يكونوا تبعا للقاعدين الذين فيهم العجز والضعفاء والجبناء ، لما تؤذن به كلمة ( مع ) من الإلحاق والتبعية .
وقد تقدم أن ( ذر ) أمر من فعل ممات وهو ( وذر ) استغنوا عنه بمرادفه وهو ( ترك ) في قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا في سورة الأنعام .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=28980_30563_30565وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ
هَذَا عَطْفُ غَرَضٍ عَلَى غَرَضٍ قُصِدَ بِهِ الِانْتِقَالُ إِلَى تَقْسِيمِ فِرَقِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الْجِهَادِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْرِهِمْ وَأَنْوَاعِ مَعَاذِيرِهِمْ وَمَرَاتِبِهَا فِي الْقَبُولِ . دَعَا إِلَيْهِ الْإِغْلَاظُ
[ ص: 288 ] فِي تَقْرِيعِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الْجِهَادِ نِفَاقًا وَتَخْذِيلًا لِلْمُسْلِمِينَ ، ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَكُلُّ ذَلِكَ مَقْصُودٌ بِهِ الْمُنَافِقُونَ .
وَلِأَجْلِ كَوْنِ هَذِهِ الْآيَةِ غَرَضًا جَدِيدًا ابْتُدِئَتْ بِذِكْرِ نُزُولِ سُورَةٍ دَاعِيَةٍ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ . وَالْمُرَادُ بِهَا هَذِهِ السُّورَةُ ، أَيْ سُورَةُ ( بَرَاءَةٌ ) ، وَإِطْلَاقُ اسْمِ السُّورَةِ عَلَيْهَا فِي أَثْنَائِهَا قَبْلَ إِكْمَالِهَا مَجَازٌ مُتَّسَعٌ فِيهِ كَإِطْلَاقِ الْكِتَابِ عَلَى الْقُرْآنِ فِي أَثْنَاءِ نُزُولِهِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=92وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَهَذَا الْوَصْفُ وَصْفٌ مُقَدَّرٌ شَبِيهٌ بِالْحَالِ الْمُقَدَّرَةِ .
وَابْتُدِئَ بِذِكْرِ الْمُتَخَلِّفِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّولِ مِنْهُمْ
وَالسُّورَةُ طَائِفَةٌ مُعَيَّنَةٌ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ لَهَا مَبْدَأٌ وَنِهَايَةٌ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَيْهَا آنِفًا وَقُبَيْلَ هَذَا .
وَلَمَّا كَانَتِ السُّورَةُ أَلْفَاظًا وَأَقْوَالًا صَحَّ بَيَانُهَا بِبَعْضِ مَا حَوَتْهُ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ تَفْسِيرٌ لِلسُّورَةِ وَ ( أَنْ ) فِيهِ تَفْسِيرِيَّةٌ كَالَّتِي فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - حِكَايَةً عَنْ عِيسَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَيَجُوزُ تَفْسِيرُ الشَّيْءِ بِبَعْضِهِ شَبَهُ بَدَلِ الْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ .
وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَفْظُ آمَنُوا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بَلْ مَا يُرَادُ ، فَهُمَا مِثْلُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْآيَاتِ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=44لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ
وَ ( الطَّولِ ) السِّعَةُ فِي الْمَالِ قَالَ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الطَّوْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُولِي الطَّوْلِ مُرَادٌ بِهِمْ مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْجِهَادِ بِصِحَّةِ الْبَدَنِ . فَبِوُجُودِ الطَّوْلِ انْتَفَى عُذْرُهُمْ إِذْ مَنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا بِبَدَنِهِ لَا يَنْظُرُ إِلَى كَوْنِهِ ذَا طَوْلٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ [ ص: 289 ] وَالْمُرَادُ بِأُولِي الطَّولِ أَمْثَالُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ ، وَمُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ ، وَالْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ .
وَعَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ عَلَى ( اسْتَأْذَنَكَ ) لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُغَايَرَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِزِيَادَةٍ فِي الْمَعْطُوفِ لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ مُجْمَلٌ ، وَقَوْلُهُمُ الْمَحْكِيُّ فِيهِ بَيَانُ مَا اسْتَأْذَنُوا فِيهِ وَهُوَ الْقُعُودُ . وَفِي نَظْمِهِ إِيذَانٌ بِتَلْفِيقِ مَعْذِرَتِهِمْ وَأَنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ رَغْبَتُهُمْ فِي الْقُعُودِ وَلِذَلِكَ حُكِيَ قَوْلُهُمْ بِأَنِ ابْتُدِئَ بِـ ( ذَرْنَا ) الْمُقْتَضِي الرَّغْبَةَ فِي تَرْكِهِمْ بِالْمَدِينَةِ . وَبِأَنْ يَكُونُوا تَبَعًا لِلْقَاعِدِينَ الَّذِينَ فِيهِمُ الْعُجَّزُ وَالضُّعَفَاءُ وَالْجُبَنَاءُ ، لِمَا تُؤْذِنُ بِهِ كَلِمَةُ ( مَعَ ) مِنَ الْإِلْحَاقِ وَالتَّبَعِيَّةِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ( ذَرْ ) أَمْرٌ مِنْ فِعْلٍ مُمَاتٍ وَهُوَ ( وَذَرَ ) اسْتَغْنَوْا عَنْهُ بِمُرَادِفِهِ وَهُوَ ( تَرَكَ ) فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .