[ ص: 86 ] قال الكافرون إن هذا لسحر مبين
هذه الجملة بدل اشتمال من جملة ( أكان للناس عجبا ) إلخ . ووجه هذا الإبدال أن قولهم هذا ينبئ عن بلوغ التعجب من دعوى الوحي والرسالة من نفوسهم مزيد الإحالة والتكذيب حتى صاروا إلى القول إن هذا لسحر مبين أو إن هذا لسحر مبين فاسم الإشارة راجع إلى ما تضمنته جملة أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا
وقرأه الجمهور ( لسحر ) بكسر السين وسكون الحاء على أن المراد به الحاصل بالمصدر ، أي أن هذا الكلام كلام السحر ، أي أنه كلام يسحر به . فقد كان من طرق السحر في أوهامهم أن يقول الساحر كلاما غير مفهوم للناس يوهمهم أن فيه خصائص وأسماء غير معروفة لغير السحرة ، فالإشارة إلى الوحي .
وقرأه ابن كثير وعاصم وحمزة ( لساحر ) فالإشارة إلى رجل من قوله : إلى رجل منهم وهو النبيء - صلى الله عليه وسلم - وإن وصفهم إياه بالسحر ينبئ بأنهم كذبوا بكونه من عند الله ولم يستطيعوا أن يدعوه هذيانا وباطلا فهرعوا إلى ادعائه سحرا ، وقد كان من عقائدهم الضالة أن من طرائق السحر أن يقول الساحر أقوالا تستنزل عقول المسحورين . وهذا من عجزهم عن الطعن في القرآن بمطاعن في لفظه ومعانيه . والكسائي
والسحر : تخييل ما ليس بكائن كائنا . وقد تقدم عند قوله - تعالى : السحر يعلمون الناس في سورة البقرة .
والمبين : اسم فاعل من أبان الذي هو بمعنى بان ، أي ظهر ، أي سحر واضح ظاهر . وهذا الوصف تلفيق منهم وبهتان لأنه ليس بواضح في ذلك بل هو الحق المبين .