فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون
تفريع على ( وادعوا من استطعتم ) أي فإن لم يستجب لكم من تدعون لهم فأنتم أعجز منهم لأنكم ما تدعونهم إلا حين تشعرون بعجزكم دون معاون فلا جرم يكون عجز هؤلاء موقعا في يأس الداعين من الإتيان بعشر سور .
والاستجابة : الإجابة ، والسين والتاء فيه للتأكيد . وهي مستعملة في المعاونة والمظاهرة على الأمر المستعان فيه ، وهي مجاز مرسل لأن المعاونة تنشأ عن النداء إلى الإعانة غالبا فإذا انتدب المستعان به إلى الإعانة أجاب النداء بحضوره فسميت استجابة .
والعلم : الاعتقاد اليقين ، أي فأيقنوا أن القرآن ما أنزل إلا بعلم الله ، أي ملابسا لعلم الله . أي لأثر العلم ، وهو جعله بهذا النظم للبشر لأن ذلك الجعل أثر لقدرة الله الجارية على وفق علمه . وقد أفادت أنما الحصر ، أي حصر أحوال القرآن في حالة إنزاله من عند الله . ( وأن لا إله إلا هو ) عطف على أنما أنزل لأنهم إذا عجزوا فقد ظهر أن من استنصروهم لا يستطيعون نصرهم . ومن جملة من يستنصرونهم بطلب الإعانة على المعارضة بين الأصنام عن إعانة أتباعهم فدل ذلك على انتفاء الإلهية عنهم .
[ ص: 22 ] والفاء في ( فهل أنتم مسلمون ) للتفريع على ( فاعلموا ) . والاستفهام مستعمل في الحث على الفعل وعدم تأخيره كقوله : ( فهل أنتم منتهون ) أي : عن شرب الخمر وفعل الميسر . والمعنى : فهل تسلمون بعد تحققكم أن هذا القرآن من عند الله .
وجيء بالجملة الاسمية الدالة على دوام الفعل وثباته . ولم يقل فهل تسلمون لأن حالة عدم الاستجابة تكسب اليقين بصحة الإسلام فتقتضي تمكنه من النفوس ، وذلك التمكن تدل عليه الجملة الاسمية .