nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62nindex.php?page=treesubj&link=28982_31847_31844قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب

هذا جوابهم عن دعوته البليغة الوجيزة الملأى إرشادا وهديا . وهو جواب مليء بالضلال والمكابرة وضعف الحجة .

وافتتاح الكلام بالنداء لقصد التوبيخ أو الملام والتنبيه ، كما تقدم في قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=53قالوا يا هود ما جئتنا ببينة . وقرينة التوبيخ هنا أظهر ، وهي قولهم nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62قد كنت فينا مرجوا قبل هذا فإنه تعريض بخيبة رجائهم فيه فهو تعنيف .

و ( قد ) لتأكيد الخبر .

[ ص: 110 ] وحذف متعلق ( مرجوا ) لدلالة فعل الرجاء على أنه ترقب الخير ، أي مرجوا للخير . أي والآن وقع اليأس من خيرك . وهذا يفهم منه أنهم يعدون ما دعاهم إليه شرا ، وإنما خاطبوه بمثل هذا لأنه بعث فيهم وهو شاب ( كذا قال البغوي في تفسير سورة الأعراف ) أي كنت مرجوا لخصال السيادة وحماية العشيرة ونصرة آلهتهم .

والإشارة في ( قبل هذا ) إلى الكلام الذي خاطبهم به حين بعثه الله إليهم .

وجملة nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا بيان لجملة nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62قد كنت فينا مرجوا باعتبار دلالتها على التعنيف ، واشتمالها على اسم الإشارة الذي تبينه أيضا جملة nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا

والاستفهام : إنكار وتوبيخ .

وعبروا عن أصنامهم بالموصول لما في الصلة من الدلالة على استحقاق تلك الأصنام أن يعبدوها في زعمهم اقتداء بآبائهم لأنهم أسوة لهم ، وذلك مما يزيد الإنكار اتجاها في اعتقادهم .

وجملة nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62وإننا لفي شك معطوفة على جملة nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62يا صالح قد كنت فينا مرجوا ، فبعد أن ذكروا يأسهم من صلاح حاله ذكروا أنهم يشكون في صدق أنه مرسل إليهم وزادوا ذلك تأكيدا بحرف التأكيد . ومن محاسن النكت هنا إثبات نون ( إن ) مع نون ضمير الجمع لأن ذلك زيادة إظهار لحرف التوكيد ، والإظهار ضرب من التحقيق بخلاف ما في سورة إبراهيم من قول الأمم لرسلهم nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=9وإنا لفي شك مما تدعوننا لأن الحكاية فيها عن أمم مختلفة في درجات التكذيب ، ولأن ما في هاته الآية خطاب واحد ، فكان ( تدعونا ) بنون واحدة هي نون المتكلم ومعه غيره فلم يقع في الجملة أكثر من ثلاث نونات بخلاف ما في سورة إبراهيم لأن الحكاية هنالك عن جمع من الرسل في تدعوننا فلو جاء ( إننا ) لاجتمع أربع نونات .

[ ص: 111 ] والمريب : اسم فاعل من أراب إذا أوقع في الريب . يقال : رابه وأرابه بمعنى . ووصف الشك بذلك تأكيد كقولهم : جد جده .

nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62nindex.php?page=treesubj&link=28982_31847_31844قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ

هَذَا جَوَابُهُمْ عَنْ دَعْوَتِهِ الْبَلِيغَةِ الْوَجِيزَةِ الْمَلْأَى إِرْشَادًا وَهَدْيًا . وَهُوَ جَوَابٌ مَلِيءٌ بِالضَّلَالِ وَالْمُكَابَرَةِ وَضَعْفِ الْحُجَّةِ .

وَافْتِتَاحُ الْكَلَامِ بِالنِّدَاءِ لِقَصْدِ التَّوْبِيخِ أَوِ الْمَلَامِ وَالتَّنْبِيهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=53قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ . وَقَرِينَةُ التَّوْبِيخِ هُنَا أَظْهَرُ ، وَهِيَ قَوْلُهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا فَإِنَّهُ تَعْرِيضٌ بِخَيْبَةِ رَجَائِهِمْ فِيهِ فَهُوَ تَعْنِيفٌ .

وَ ( قَدْ ) لِتَأْكِيدِ الْخَبَرِ .

[ ص: 110 ] وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ ( مَرْجُوًّا ) لِدَلَالَةِ فِعْلِ الرَّجَاءِ عَلَى أَنَّهُ تَرَقُّبُ الْخَيْرِ ، أَيْ مَرْجُوًّا لِلْخَيْرِ . أَيْ وَالْآنَ وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ خَيْرِكَ . وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُمْ يَعُدُّونَ مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ شَرًّا ، وَإِنَّمَا خَاطَبُوهُ بِمِثْلِ هَذَا لِأَنَّهُ بُعِثَ فِيهِمْ وَهُوَ شَابٌّ ( كَذَا قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ ) أَيْ كُنْتَ مَرْجُوًّا لِخِصَالِ السِّيَادَةِ وَحِمَايَةِ الْعَشِيرَةِ وَنُصْرَةِ آلِهَتِهِمْ .

وَالْإِشَارَةُ فِي ( قَبْلَ هَذَا ) إِلَى الْكَلَامِ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِهِ حِينَ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ .

وَجُمْلَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا بَيَانٌ لِجُمْلَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى التَّعْنِيفِ ، وَاشْتِمَالِهَا عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ الَّذِي تُبَيِّنُهُ أَيْضًا جُمْلَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا

وَالِاسْتِفْهَامُ : إِنْكَارٌ وَتَوْبِيخٌ .

وَعَبَّرُوا عَنْ أَصْنَامِهِمْ بِالْمَوْصُولِ لِمَا فِي الصِّلَةِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ تِلْكَ الْأَصْنَامِ أَنْ يَعْبُدُوهَا فِي زَعْمِهِمِ اقْتِدَاءً بِآبَائِهِمْ لِأَنَّهُمْ أُسْوَةٌ لَهُمْ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ الْإِنْكَارَ اتِّجَاهًا فِي اعْتِقَادِهِمْ .

وَجُمْلَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا ، فَبَعْدَ أَنْ ذَكَرُوا يَأْسَهُمْ مِنْ صَلَاحِ حَالِهِ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَشُكُّونَ فِي صِدْقِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ إِلَيْهِمْ وَزَادُوا ذَلِكَ تَأْكِيدًا بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ . وَمِنْ مَحَاسِنِ النُّكَتِ هُنَا إِثْبَاتُ نُونِ ( إِنَّ ) مَعَ نُونِ ضَمِيرِ الْجَمْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةُ إِظْهَارٍ لِحَرْفِ التَّوْكِيدِ ، وَالْإِظْهَارُ ضَرْبٌ مِنَ التَّحْقِيقِ بِخِلَافِ مَا فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ قَوْلِ الْأُمَمِ لِرُسُلِهِمْ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=9وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا لِأَنَّ الْحِكَايَةَ فِيهَا عَنْ أُمَمٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي دَرَجَاتِ التَّكْذِيبِ ، وَلِأَنَّ مَا فِي هَاتِهِ الْآيَةِ خِطَابٌ وَاحِدٌ ، فَكَانَ ( تَدْعُونَا ) بِنُونٍ وَاحِدَةٍ هِيَ نُونُ الْمُتَكَلِّمِ وَمَعَهُ غَيْرُهُ فَلَمْ يَقَعْ فِي الْجُمْلَةِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ نُونَاتٍ بِخِلَافِ مَا فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ لِأَنَّ الْحِكَايَةَ هُنَالِكَ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الرُّسُلِ فِي تَدْعُونَنَا فَلَوْ جَاءَ ( إِنَّنَا ) لَاجْتَمَعَ أَرْبَعُ نُونَاتٍ .

[ ص: 111 ] وَالْمُرِيبُ : اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ أَرَابَ إِذَا أُوقِعَ فِي الرَّيْبِ . يُقَالُ : رَابَهُ وَأَرَابَهُ بِمَعْنًى . وَوَصْفُ الشَّكِّ بِذَلِكَ تَأْكِيدٌ كَقَوْلِهِمْ : جَدَّ جَدُّهُ .