ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون موقع جملة ولما دخلوا على يوسف كموقع جملة ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم في إيجاز الحذف .
والإيواء : الإرجاع . وتقدم في قوله تعالى أولئك مأواهم النار في سورة يونس .
وأطلق الإيواء هنا مجازا على الإدناء والتقريب كأنه إرجاع إلى مأوى ، وإنما أدناه ليتمكن من الإسرار إليه بقوله إني أنا أخوك .
وجملة قال إني أنا أخوك بدل اشتمال من جملة آوى إليه أخاه ، وكلمه بكلمة مختصرة بليغة إذ أفاده أنه هو أخوه الذي ظنه أكله الذئب . فأكد الخبر بـ ( إن ) وبالجملة الاسمية وبالقصر الذي أفاده ضمير الفصل ، أي ( أنا ) مقصورة على الكون أخاك لا أجنبي عنك ، فهو قصر قلب لاعتقاده أن الذي كلمه لا قرابة بينه وبينه .
وفرع على هذا الخبر فلا تبتئس بما كانوا يعملون ، والابتئاس : مطاوعة الإبئاس ، أي جعل أحد بائسا ، أي صاحب بؤس .
والبؤس : هو الحزن والكدر . وتقدم نظير هذا التركيب في قصة نوح عليه السلام من سورة هود . والضميران في ( كانوا ) و ( يعلمون ) راجعان إلى [ ص: 27 ] إخوتهما بقرينة المقام ، وأراد بذلك ما كان يجده أخوه بنيامين من الحزن لهلاك أخيه الشقيق وفظاظة إخوته وغيرتهم منه .
والنهي عن الابتئاس مقتض الكف عنه ، أي أزل عنك الحزن واعتض عنه بالسرور .
وأفاد فعل الكون في المضي أن المراد ما عملوه فيما مضى . وأفاد صوغ ( يعلمون ) بصيغة المضارع أنه أعمال متكررة من الأذى . وفي هذا تهيئة لنفس أخيه لتلقي حادث الصواع باطمئنان حتى لا يخشى أن يكون بمحل الريبة من يوسف عليه السلام .