فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب ولقد استهزئ برسل من قبلك عطف على جملة ولو أن قرءانا سيرت به الجبال إلخ ; لأن تلك المثل الثلاثة التي فرضت أريد بها أمور سألها المشركون النبيء صلى الله عليه وسلم استهزاء وتعجيزا لا لترقب حصولها .
وجاءت عقب الجملتين لما فيها من المناسبة لهما من جهة المثل التي في الأولى ومن جهة الغاية التي في الثانية .
[ ص: 148 ] وقد استهزأ قوم نوح به عليه السلام وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه ، واستهزأت عاد بهود عليه السلام فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين ، واستهزأت ثمود بصالح عليه السلام قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة ، واستهزءوا بشعيب عليه السلام قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ، واستهزأ فرعون بموسى عليه السلام أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين .
والاستهزاء : مبالغة في الهزء مثل الاستسخار في السخرية .
والإملاء : الإمهال والترك مدة . ومنه واهجرني مليا وقد تقدم في قوله تعالى والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم في سورة الأعراف .
والاستفهام في فكيف كان عقاب للتعجيب .
و عقاب أصله عقابي مثل ما تقدم آنفا في قوله وإليه متاب والكلام تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، ووعيد للمشركين .