ومجيء أهل المدينة إليه ومحاورته معهم كان قبل أن يعلم أنهم ملائكة ولو علم ذلك لما أشفق مما عزم عليه أهل المدينة لما علم بما عزموا عليه بعد مجادلتهم معه ، كما جاء في قوله تعالى قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك في سورة هود ، والواو لا تفيد ترتب معطوفها .
ويجوز جعل الجملة في موضع الحال من ضمير لوط المستتر في فعل قال إنكم قوم منكرون ، أو الهاء في ( إليه ) ، ولا إشكال حينئذ . والمدينة هي سدوم . و يستبشرون يفرحون ويسرون ، وهو مطاوع بشره فاستبشر ، قال تعالى فاستبشروا ببيعكم في سورة براءة ، وصيغ بصيغة المضارع ; لإفادة التجدد مبالغة في الفرح ، وذلك أنهم علموا أن رجالا غرباء حلوا ببيت لوط عليه السلام ففرحوا بذلك ليغتصبوهم كعادتهم السيئة ، وقد تقدمت القصة في سورة هود .
والفضح والفضيحة : شهرة حال شنيعة ، وكانوا يتعيرون بإهانة الضيف ويعد ذلك مذلة لمضيفه ، وقد ذكرهم بالوازع الديني وإن كانوا كفارا استقصاء للدعوة التي جاء بها ، وبالوازع العرفي فقال واتقوا الله ولا تخزون كما في قول عبد بني الحسحاس :
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
والخزي : الذل والإهانة ، وتقدم في قوله تعالى إلا خزي في الحياة الدنيا في أوائل سورة البقرة ، وتقدم في مثل هذه القصة في سورة هود .