nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28987خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون استئناف بياني ناشئ عن قوله سبحانه وتعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1عما يشركون ; لأنهم إذا سمعوا ذلك ترقبوا دليل
nindex.php?page=treesubj&link=28678تنزيه الله عن أن يكون له شركاء ; فابتدئ بالدلالة على اختصاصه بالخلق والتقدير ، وذلك دليل على أن ما يخلق لا يوصف بالإلهية كما أنبأ عنه التفرع عقب هذه الأدلة بقوله الآتي
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=17أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون .
وأعقب قوله ( سبحانه ) بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1وتعالى عما يشركون ) ; تحقيقا لنتيجة الدليل ، كما يذكر المطلوب قبل ذكر القياس في صناعة المنطق ، ثم يذكر ذلك المطلوب عقب القياس في صورة النتيجة تحقيقا للوحدانية ; لأن الضلال فيها هو أصل انتقاض عقائد أهل الشرك ; ولأن إشراكهم هو الذي حداهم
[ ص: 101 ] إلى إنكار نبوة من جاء ينهاهم عن الشرك ; فلا جرم كان الاعتناء بإثبات الوحدانية ، وإبطال الشرك مقدما على إثبات صدق الرسول - عليه الصلاة والسلام - المبدأ به في أول السورة بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=2ينزل الملائكة بالروح من أمره .
وعددت دلائل من الخلق كلها متضمنة نعما جمة على الناس إدماجا للامتنان بنعم الله عليهم ، وتعريضا بأن المنعم عليهم الذين عبدوا غيره قد كفروا نعمته عليهم ، إذ شكروا ما لم ينعم عليهم ونسوا من انفرد بالإنعام ، وذلك أعظم الكفران ، كما دل على ذلك عطف (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=17أفمن يخلق كمن لا يخلق .
والاستدلال بخلق السماوات والأرض أكبر من سائر الأدلة وأجمع ; لأنها محوية لهما ، ولأنهما من أعظم الموجودات ; فلذلك ابتدئ بهما ، ولكن ما فيه من إجمال المحويات اقتضى أن يعقب بالاستدلال بأصناف الخلق والمخلوقات ; فثنى بخلق الإنسان وأطواره ، وهو أعجب الموجودات المشاهدة ، ثم بخلق الحيوان وأحواله ; لأنه جمع الأنواع التي تلي الإنسان في إتقان الصنع مع ما في أنواعها من المنن ، ثم بخلق ما به حياة الإنسان والحيوان وهو الماء والنبات ، ثم بخلق أسباب الأزمنة والفصول والمواقيت ، ثم بخلق المعادن الأرضية ، وانتقل إلى الاستدلال بخلق البحار ، ثم بخلق الجبال والأنهار والطرقات وعلامات الاهتداء في السير ، وسيأتي تفصيله .
والباء في قوله ( بالحق ) للملابسة ، وهي متعلقة بـ ( خلق ) إذ الخلق هو الملابس للحق .
والحق : هنا ضد العبث ، فهو هنا بمعنى الحكمة والجد ، ألا ترى إلى قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=38وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=39ما خلقناهما إلا بالحق ، وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=27وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ، والحق والصدق يطلقان وصفين لكمال الشيء في نوعه .
وجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=3تعالى عما يشركون ) معترضة .
[ ص: 102 ] وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وخلف ( تعالى عما تشركون ) بمثناة فوقية .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28987خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ نَاشِئٌ عَنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1عَمَّا يُشْرِكُونَ ; لِأَنَّهُمْ إِذَا سَمِعُوا ذَلِكَ تَرَقَّبُوا دَلِيلَ
nindex.php?page=treesubj&link=28678تَنْزِيهِ اللَّهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ شُرَكَاءُ ; فَابْتُدِئَ بِالدَّلَالَةِ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْخَلْقِ وَالتَّقْدِيرِ ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا يُخْلَقُ لَا يُوصَفُ بِالْإِلَهِيَّةِ كَمَا أَنْبَأَ عَنْهُ التَّفَرُّعُ عَقِبَ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ بِقَوْلِهِ الْآتِي
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=17أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ .
وَأَعْقَبَ قَوْلَهُ ( سُبْحَانَهُ ) بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ; تَحْقِيقًا لِنَتِيجَةِ الدَّلِيلِ ، كَمَا يُذْكَرُ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ ذِكْرِ الْقِيَاسِ فِي صِنَاعَةِ الْمَنْطِقِ ، ثُمَّ يُذْكَرُ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ عَقِبَ الْقِيَاسِ فِي صُورَةِ النَّتِيجَةِ تَحْقِيقًا لِلْوَحْدَانِيَّةِ ; لِأَنَّ الضَّلَالَ فِيهَا هُوَ أَصْلُ انْتِقَاضِ عَقَائِدِ أَهْلِ الشِّرْكِ ; وَلِأَنَّ إِشْرَاكَهُمْ هُوَ الَّذِي حَدَاهُمْ
[ ص: 101 ] إِلَى إِنْكَارِ نُبُوَّةِ مَنْ جَاءَ يَنْهَاهُمْ عَنِ الشِّرْكِ ; فَلَا جَرَمَ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِإِثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ ، وَإِبْطَالِ الشِّرْكِ مُقَدَّمًا عَلَى إِثْبَاتِ صِدْقِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْمُبْدَأُ بِهِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=2يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ .
وَعُدِّدَتْ دَلَائِلُ مِنَ الْخَلْقِ كُلِّهَا مُتَضَمِّنَةً نِعَمًا جَمَّةً عَلَى النَّاسِ إِدْمَاجًا لِلِامْتِنَانِ بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وَتَعْرِيضًا بِأَنَّ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ عَبَدُوا غَيْرَهُ قَدْ كَفَرُوا نِعْمَتَهُ عَلَيْهِمْ ، إِذْ شَكَرُوا مَا لَمْ يُنْعِمْ عَلَيْهِمْ وَنَسُوا مَنِ انْفَرَدَ بِالْإِنْعَامِ ، وَذَلِكَ أَعْظَمُ الْكُفْرَانِ ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ عَطْفُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ) عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=17أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ .
وَالِاسْتِدْلَالُ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ سَائِرِ الْأَدِلَّةِ وَأَجْمَعُ ; لِأَنَّهَا مَحْوِيَّةٌ لَهُمَا ، وَلِأَنَّهُمَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَوْجُودَاتِ ; فَلِذَلِكَ ابْتُدِئَ بِهِمَا ، وَلَكِنْ مَا فِيهِ مِنْ إِجْمَالِ الْمَحْوِيَّاتِ اقْتَضَى أَنْ يُعَقَّبَ بِالِاسْتِدْلَالِ بِأَصْنَافِ الْخَلْقِ وَالْمَخْلُوقَاتِ ; فَثَنَّى بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ وَأَطْوَارِهِ ، وَهُوَ أَعْجَبُ الْمَوْجُودَاتِ الْمُشَاهَدَةِ ، ثُمَّ بِخَلْقِ الْحَيَوَانِ وَأَحْوَالِهِ ; لِأَنَّهُ جَمَعَ الْأَنْوَاعَ الَّتِي تَلِي الْإِنْسَانَ فِي إِتْقَانِ الصُّنْعِ مَعَ مَا فِي أَنْوَاعِهَا مِنَ الْمِنَنِ ، ثُمَّ بِخَلْقِ مَا بِهِ حَيَاةُ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ وَهُوَ الْمَاءُ وَالنَّبَاتُ ، ثُمَّ بِخَلْقِ أَسْبَابِ الْأَزْمِنَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمَوَاقِيتِ ، ثُمَّ بِخَلْقِ الْمَعَادِنِ الْأَرْضِيَّةِ ، وَانْتَقَلَ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِخَلْقِ الْبِحَارِ ، ثُمَّ بِخَلْقِ الْجِبَالِ وَالْأَنْهَارِ وَالطُّرُقَاتِ وَعَلَامَاتِ الِاهْتِدَاءِ فِي السَّيْرِ ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ .
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ ( بِالْحَقِّ ) لِلْمُلَابَسَةِ ، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ( خَلَقَ ) إِذِ الْخَلْقُ هُوَ الْمُلَابِسُ لِلْحَقِّ .
وَالْحَقُّ : هُنَا ضِدُّ الْعَبَثِ ، فَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْحِكْمَةِ وَالْجَدِّ ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=38وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=39مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=27وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ، وَالْحَقُّ وَالصِّدْقُ يُطْلَقَانِ وَصْفَيْنِ لِكَمَالِ الشَّيْءِ فِي نَوْعِهِ .
وَجُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=3تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) مُعْتَرِضَةٌ .
[ ص: 102 ] وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ ( تَعَالَى عَمَّا تُشْرِكُونَ ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ .