nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102nindex.php?page=treesubj&link=28987_32238_30516قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين جواب عن قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101إنما أنت مفتر فلذلك فصل فعل ( قل ) لوقوعه في المحاورة ، أي قل لهم : لست بمفتر ، ولا القرآن بافتراء ، بل نزله روح القدس من الله ، وفي أمره بأن يقول لهم ذلك شدا لعزمه لكيلا يكون تجاوزهم الحد في البهتان صارفا إياه عن محاورتهم .
فبعد أن أبطل الله دعواهم عليه أنه مفتر بطريقة النقض أمر رسوله أن يبين لهم ماهية القرآن ، وهذه نكتة الالتفات في قوله تعالى من ربك الجاري على خلاف مقتضى ظاهر حكاية المقول المأمور بأن يقوله ; لأن مقتضى الظاهر أن يقول : من ربي ، فوقع الالتفات إلى الخطاب ; تأنيسا للنبي صلى الله عليه وسلم بزيادة توغل الكلام معه في طريقة الخطاب .
واختير اسم الرب لما فيه من معنى العناية والتدبير .
وروح القدس : جبريل ، وتقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وأيدناه بروح القدس في سورة البقرة ، والروح : الملك ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=17فأرسلنا إليها روحنا ، أي ملكا من ملائكتنا .
[ ص: 285 ] والقدس : الطهر ، وهو هنا مراد به معناه الحقيقي والمجازي الذي هو الفضل ، وجلالة القدر .
وإضافة الروح إلى القدس من إضافة الموصوف إلى الصفة ، كقولهم : حاتم الجود ، وزيد الخير ، والمراد : حاتم الجواد ، وزيد الخير ، فالمعنى : الملك المقدس .
والباء في بالحق للملابسة ، وهي ظرف مستقر في موضع الحال من الضمير المنصوب في ( نزله ) مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تنبت بالدهن ، أي ملابسا للحق ، لا شائبة للباطل فيه .
وذكرت علة من علل إنزال القرآن على الوصف المذكور ، أي تبديل آية مكان آية ، بأن في ذلك تثبيتا للذين آمنوا إذ يفهمون محمل كل آية ، ويهتدون بذلك ، وتكون آيات البشرى بشارة لهم ، وآيات الإنذار محمولة على أهل الكفر .
ففي قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102نزله روح القدس من ربك إبطال لقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101إنما أنت مفتر ، وفي قوله تعالى بالحق إيقاظ للناس بأن ينظروا في حكمة اختلاف أغراضه ، وأنها حق .
وفي التعليل بحكمة التثبيت والهدى والبشرى بيان لرسوخ إيمان المؤمنين ، وسداد آرائهم في فهم الكلام السامي ، وأنه تثبيت لقلوبهم بصحة اليقين ، وهدى وبشرى لهم .
وفي تعلق الموصول وصلته بفعل التثبيت إيماء إلى أن حصول ذلك لهم بسبب إيمانهم ؛ فيفيد تعريضا بأن غير المؤمنين تقتصر مداركهم عن إدراك ذلك الحق فيختلط عليهم الفهم ، ويزدادون كفرا ، ويضلون ، ويكون نذارة لهم .
والمراد بالمسلمين الذين آمنوا ، فكان مقتضى الظاهر أن يقال : وهدى وبشرى لهم ، فعدل إلى الإظهار ; لزيادة مدحهم بوصف آخر شريف .
وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هدى وبشرى عطف على الجار والمجرور من قوله ليثبت ، فيكون
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هدى وبشرى مصدرين في محل نصب على المفعول لأجله ; لأن قوله
[ ص: 286 ] ليثبت وإن كان مجرور اللفظ باللام ؛ إذ لا يسوغ نصبه على المفعول لأجله ; لأنه ليس مصدرا صريحا .
وأما
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هدى وبشرى فلما كانا مصدرين كانا حقيقين بالنصب على المفعول لأجله بحيث لو ظهر إعرابهما لكانا منصوبين كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=8لتركبوها وزينة .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102nindex.php?page=treesubj&link=28987_32238_30516قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ فَلِذَلِكَ فُصِلَ فِعْلُ ( قُلْ ) لِوُقُوعِهِ فِي الْمُحَاوَرَةِ ، أَيْ قُلْ لَهُمْ : لَسْتَ بِمُفْتَرٍ ، وَلَا الْقُرْآنُ بِافْتِرَاءٍ ، بَلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنَ اللَّهِ ، وَفِي أَمْرِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ ذَلِكَ شَدًّا لِعَزْمِهِ لِكَيْلَا يَكُونَ تَجَاوُزُهُمُ الْحَدَّ فِي الْبُهْتَانِ صَارِفًا إِيَّاهُ عَنْ مُحَاوَرَتِهِمْ .
فَبَعْدَ أَنْ أَبْطَلَ اللَّهُ دَعْوَاهُمْ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُفْتَرٍ بِطَرِيقَةِ النَّقْضِ أَمَرَ رَسُولَهُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَاهِيَّةَ الْقُرْآنِ ، وَهَذِهِ نُكْتَةُ الِالْتِفَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ رَبِّكَ الْجَارِي عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى ظَاهِرِ حِكَايَةِ الْمَقُولِ الْمَأْمُورِ بِأَنْ يَقُولَهُ ; لِأَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَقُولَ : مِنْ رَبِّي ، فَوَقَعَ الِالْتِفَاتُ إِلَى الْخِطَابِ ; تَأْنِيسًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزِيَادَةِ تَوَغُّلِ الْكَلَامِ مَعَهُ فِي طَرِيقَةِ الْخِطَابِ .
وَاخْتِيرَ اسْمُ الرَّبِّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِنَايَةِ وَالتَّدْبِيرِ .
وَرُوحُ الْقُدُسِ : جِبْرِيلُ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَالرُّوحُ : الْمَلَكُ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=17فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا ، أَيْ مَلَكًا منْ مَلَائِكَتِنَا .
[ ص: 285 ] وَالْقُدُسُ : الطُّهْرُ ، وَهُوَ هَنَا مُرَادٌ بِهِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ وَالْمَجَازِيُّ الَّذِي هُوَ الْفَضْلُ ، وَجَلَالَةُ الْقَدْرِ .
وَإِضَافَةُ الرُّوحِ إِلَى الْقُدْسِ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ ، كَقَوْلِهِمْ : حَاتِمُ الْجُودِ ، وَزَيْدُ الْخَيْرِ ، وَالْمُرَادُ : حَاتِمٌ الْجَوَادُ ، وَزَيْدٌ الْخَيِّرُ ، فَالْمَعْنَى : الْمَلَكُ الْمُقَدَّسُ .
وَالْبَاءُ فِي بِالْحَقِّ لِلْمُلَابَسَةِ ، وَهِيَ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي ( نَزَّلَهُ ) مِثْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ، أَيْ مُلَابِسًا لِلْحَقِّ ، لَا شَائِبَةَ لِلْبَاطِلِ فِيهِ .
وَذُكِرَتْ عِلَّةٌ مِنْ عِلَلِ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ ، أَيْ تَبْدِيلُ آيَةٍ مَكَانَ آيَةٍ ، بِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَثْبِيتًا لِلَّذِينِ آمَنُوا إِذْ يَفْهَمُونَ مَحْمَلَ كُلِّ آيَةٍ ، وَيَهْتَدُونَ بِذَلِكَ ، وَتَكُونُ آيَاتُ الْبُشْرَى بِشَارَةً لَهُمْ ، وَآيَاتُ الْإِنْذَارِ مَحْمُولَةً عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ .
فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ إِبْطَالٌ لِقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى بِالْحَقِّ إِيقَاظٌ لِلنَّاسِ بِأَنْ يَنْظُرُوا فِي حِكْمَةِ اخْتِلَافِ أَغْرَاضِهِ ، وَأَنَّهَا حَقٌّ .
وَفِي التَّعْلِيلِ بِحِكْمَةِ التَّثْبِيتِ وَالْهُدَى وَالْبُشْرَى بَيَانٌ لِرُسُوخِ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَسَدَادِ آرَائِهِمْ فِي فَهْمِ الْكَلَامِ السَّامِي ، وَأَنَّهُ تَثْبِيتٌ لِقُلُوبِهِمْ بِصِحَّةِ الْيَقِينِ ، وَهُدًى وَبُشْرَى لَهُمْ .
وَفِي تَعَلُّقِ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ بِفِعْلِ التَّثْبِيتِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ حُصُولِ ذَلِكَ لَهُمْ بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ ؛ فَيُفِيدُ تَعْرِيضًا بِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ تَقْتَصِرُ مَدَارِكُهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ ذَلِكَ الْحَقِّ فَيَخْتَلِطُ عَلَيْهِمُ الْفَهْمُ ، وَيَزْدَادُونَ كُفْرًا ، وَيَضِلُّونَ ، وَيَكُونُ نِذَارَةً لَهُمْ .
وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا ، فَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ : وَهُدًى وَبُشْرَى لَهُمْ ، فَعَدَلَ إِلَى الْإِظْهَارِ ; لِزِيَادَةِ مَدْحِهِمْ بِوَصْفٍ آخَرَ شَرِيفٍ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هُدًى وَبُشْرَى عَطْفٌ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مِنْ قَوْلِهِ لِيُثَبِّتَ ، فَيَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هُدًى وَبُشْرَى مَصْدَرَيْنِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ
[ ص: 286 ] لِيُثَبِّتَ وَإِنْ كَانَ مَجْرُورَ اللَّفْظِ بِاللَّامِ ؛ إِذْ لَا يَسُوغُ نَصْبُهُ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مَصْدَرًا صَرِيحًا .
وَأَمَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هُدًى وَبُشْرَى فَلَمَّا كَانَا مَصْدَرَيْنِ كَانَا حَقِيقَيْنِ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ بِحَيْثُ لَوْ ظَهَرَ إِعْرَابُهُمَا لَكَانَا مَنْصُوبَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=8لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً .