فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون تفريع على الموعظة وضرب المثل ، وخوطب به فريق من المسلمين كما دل عليه قوله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة إلى آخره .
[ ص: 309 ] ولعل هذا موجه إلى أهل هجرة الحبشة إذ أصبحوا آمنين عند ملك عادل في بلد يجدون فيه رزقا حلالا ، وهو ما يضافون به ، وما يكسبونه بكدهم ، أي إذا علمتم حال القرية الممثل بها أو المعرض بها فاشكروا الله الذي نجاكم من مثل ما أصاب القرية ، فاشكروا الله ولا تكفروه كما كفر بنعمته أهل تلك القرية ، فقوله واشكروا نعمة الله مقابل قوله في المثل فكفرت بأنعم الله إن كنتم لا تعبدون غيره ، كما هو مقتضى الإيمان ، وتعليق ذلك بالشرط للبعث على الامتثال لإظهار صدق إيمانهم ، وإظهار اسم الجلالة في قوله واشكروا نعمة الله مع أن مقتضى الظاهر الإضمار لزيادة التذكير ، ولتكون جملة هذا الأمر مستقلة بدلالتها ، بحيث تصح أن تجري مجرى المثل .
وقيل : هذه الآية نزلت بالمدينة والمعنى واحد وهو قول بعيد .
والأمر في قوله فكلوا للامتنان ، وإدخال حرف التفريع عليه باعتبار أن الأمر بالأكل مقدمة للأمر بالشكر ، وهو المقصود بالتفريع ، والمقصود : فاشكروا نعمة الله ، ولا تكفروها فيحل بكم ما حل بأهل القرية المضروبة مثلا .
والحلال : المأذون فيه شرعا ، والطيب : ما يطيب للناس طعمه وينفعهم قوته .