وجعلنا بينهم موبقا ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم عطف على جملة وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فيقدر : واذكر يوم يقول نادوا شركائي ، أو على جملة ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ، فالتقدير : ولا أشهدت شركاءهم جميعا ولا تنفعهم شركاؤهم يوم الحشر ، فهو انتقال من إبطال معبودية الشيطان والجن إلى إبطال إلهية جميع الآلهة التي عبدها دهماء المشركين مع بيان ما يعتريهم من الخيبة واليأس يومئذ ، وقد سلك في إبطال إلهيتها طريق المذهب الكلامي ، وهو الاستدلال على انتفاء الماهية بانتفاء لوازمها ، فإنه إذا انتفى نفعها للذين يعبدونها استلزم ذلك انتفاء إلهيتها ، وحصل بذلك تشخيص خيبتهم ويأسهم من النجاة .
[ ص: 345 ] وقرأه الجمهور " يقول " بياء الغيبة ، وضمير الغائب عائد إلى الله تعالى لدلالة المقام عليه ، وقرأ حمزة ( نقول ) بنون العظمة .
واليوم الذي يقع فيه يوم الحشر ، والمعنى : يقول للمشركين ، كما دل عليه قوله الذين زعمتم ، أي : زعمتموهم شركائي ، وقدم وصفهم بوصف الشركاء قبل فعل الزعم ; تهكما بالمخاطبين ، وتوبيخا لهم ، ثم أردف بما يدل على كذبهم فيما ادعوا بفعل الزعم الدال على اعتقاد باطل .
والنداء : طلب الإقبال للنصرة والشفاعة .
والاستجابة : الكلام الدال على سماع النداء ، والأخذ في الإقبال على المنادي بنحو قول : لبيكم .
وأمره إياهم بمناداة شركائهم مستعمل في معناه مع إرادة لازمه وهو إظهار باطلهم بقرينة الزعم ، ولذلك لم يسعهم إلا أن ينادوهم حيث قال فدعوهم لطمعهم ، فإذا نادوهم تبين لهم خيبة طمعهم ، ولذلك عطف فعل الدعاء بالفاء الدالة على التعقيب ، وأتى به في صيغة المضي ; للدلالة على تعجيل وقوعه حينئذ حتى كأنه قد انقضى .
والموبق : مكان الوبوق ، أي الهلاك ، يقال : وبق ، مثل وعد ووجل وورث ، والموبق هنا أريد به جهنم ، أي حين دعوا أصنامهم بأسمائهم كون الله فيما بين مكانهم ومكان أصنامهم فوهات جهنم ، ويجوز أن تكون جملة وجعلنا بينهم موبقا جملة حال ، أي وقد جعلنا بينهم موبقا تمهيدا لما بعده من قوله ورأى المجرمون النار .