nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28995_29382_30457_30723إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم
استئناف ابتدائي فإن هذه الآيات العشر إلى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=21والله سميع عليم نزلت في زمن بعيد عن زمن نزول الآيات التي من أول هذه السورة كما ستعرفه .
nindex.php?page=treesubj&link=28910والإفك : اسم يدل على كذب لا شبهة فيه فهو بهتان يفجأ الناس . وهو مشتق من الأفك بفتح الهمزة وهو قلب الشيء ، ومنه سمي أهل
سدوم وعمورة وأدمة وصبوييم قرى قوم
لوط أصحاب المؤتفكة ; لأن قراهم ائتفكت ، أي : قلبت وخسف بها فصار أعلاها أسفلها فكان الإخبار عن الشيء بخلاف حالته الواقعية قلبا له عن حقيقته فسمي إفكا . وتقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=117فإذا هي تلقف ما يأفكون في سورة الأعراف .
و ( جاءوا بالإفك ) معناه : قصدوا واهتموا . وأصله : أن الذي يخبر بخبر غريب يقال له : جاء بخبر كذا ، ولأن شأن الأخبار الغريبة أن تكون مع الوافدين من
[ ص: 170 ] أسفار أو المبتعدين عن الحي قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6إن جاءكم فاسق بنبإ ; فشبه الخبر بقدوم المسافر أو الوافد على وجه المكنية وجعل المجيء ترشيحا وعدي بباء المصاحبة تكميلا للترشح .
nindex.php?page=treesubj&link=29382_30569_30723والإفك : حديث اختلقه المنافقون وراج عند المنافقين ونفر من سذج المسلمين إما لمجرد اتباع النعيق ، وإما لإحداث الفتنة بين المسلمين . وحاصل هذا الخبر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342222أن النبيء صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزوة بني المصطلق من خزاعة ، وتسمى غزوة المريسيع ولم تبق بينه وبين المدينة إلا مرحلة ، آذن بالرحيل آخر الليل . فلما علمت عائشة بذلك خرجت من هودجها وابتعدت عن الجيش لقضاء شأنها كما هو شأن النساء قبل الترحل فلما فرغت أقبلت إلى رحلها فافتقدت عقدا من جزع ظفار كان في صدرها فرجعت على طريقها تلتمسه فحبسها طلبه وكان ليل . فلما وجدته رجعت إلى حيث وضع رحلها فلم تجد الجيش ولا رحلها ، وذلك أن الرجال الموكلين بالترحل قصدوا الهودج فاحتملوه وهم يحسبون أن عائشة فيه وكانت خفيفة قليلة اللحم فرفعوا الهودج وساروا فلما لم تجد أحدا اضطجعت في مكانها رجاء أن يفتقدوها فيرجعوا إليها فنامت وكان nindex.php?page=showalam&ids=4262صفوان بن المعطل ( بكسر الطاء ) السلمي ( بضم السين وفتح اللام نسبة إلى بني سليم وكان مستوطنا المدينة من مهاجرة العرب ) قد أوكل إليه النبيء صلى الله عليه وسلم حراسة ساقة الجيش ، فلما علم بابتعاد الجيش وأمن عليه من غدر العدو ركب راحلته ليلتحق بالجيش فلما بلغ الموضع الذي كان به الجيش بصر بسواد إنسان فإذا هي عائشة وكان قد رآها قبل الحجاب فاسترجع ، واستيقظت عائشة بصوت استرجاعه ونزل عن ناقته وأدناها منها وأناخها فركبتها عائشة وأخذ يقودها حتى لحق بالجيش في نحر الظهيرة وكان عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين في الجيش فقال : والله ما نجت منه ولا نجا منها . فراج قوله على nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=7927ومسطح بن أثاثة بكسر ميم مسطح وفتح طائه وضم همزة أثاثة وحمنة بنت جحش أخت nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب أم المؤمنين [ ص: 171 ] حملتها الغيرة لأختها ضرة عايشة وساعدهم في حديثهم طائفة من المنافقين أصحاب عبد الله بن أبي .
فالإفك : علم بالغلبة على ما في هذه القصة من الاختلاق .
والعصبة : الجماعة من عشرة إلى أربعين كذا قال جمهور أهل اللغة . وقيل : العصبة : الجماعة من الثلاثة إلى العشرة . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقيل في مصحف
حفصة ( عصبة أربعة منكم ) . وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه ، ويقال : عصابة . وقد تقدم في أول سورة
يوسف .
و ( عصبة ) بدل من ضمير ( جاءوا ) .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11لا تحسبوه شرا لكم خبر ( إن ) والمعنى : لا تحسبوا إفكهم شرا لكم; لأن الضمير المنصوب من ( تحسبوه ) لما عاد إلى الإفك وكان الإفك متعلقا بفعل ( جاءوا ) صار الضمير في قوة المعرف بلام العهد . فالتقدير : لا تحسبوا الإفك المذكور شرا لكم . ويجوز أن يكون خبر ( إن ) قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم وتكون جملة ( لا تحسبوه ) معترضة .
ويجوز جعل ( عصبة ) خبر ( إن ) ويكون الكلام مستعملا في التعجيب من فعلهم مع أنهم عصبة من القوم أشد نكرا ، كما قال
طرفة :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
وذكر ( عصبة ) تحقير لهم ولقولهم ، أي لا يعبأ بقولهم في جانب تزكية جميع الأمة لمن رموهما بالإفك . ووصف العصبة بكونهم ( منكم ) يدل على أنهم من المسلمين ، وفي ذلك تعريض بهم بأنهم حادوا عن خلق الإسلام حيث تصدوا لأذى المسلمين .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لإزالة ما حصل في نفوس المؤمنين من الأسف من اجتراء عصبة على هذا البهتان الذي اشتملت عليه القصة فضمير ( تحسبوه ) عائد إلى الإفك .
[ ص: 172 ] والشر المحسوب : أنه أحدث في نفر معصية الكذب والقذف والمؤمنون يودون أن تكون جماعتهم خالصة من النقائص ( فإنهم أهل المدينة الفاضلة ) . فلما حدث فيهم الاضطراب حسبوه شرا نزل بهم .
ومعنى نفي أن يكون ذلك شرا لهم ; لأنه يضيرهم بأكثر من ذلك الأسف الزائل وهو دون الشر ; لأنه آيل إلى توبة المؤمنين منهم فيتمحض إثمه للمنافقين وهم جماعة أخرى لا يضر ضلالهم المسلمين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر ابن العربي : حقيقة الخير ما زاد نفعه على ضره وحقيقة الشر ما زاد ضره على نفعه ، وإن خيرا لا شر فيه هو الجنة ، وشرا لا خير فيه هو جهنم . فنبه الله
عائشة ومن ماثلها ممن ناله هم من هذا الحديث أنه ما أصابهم منه شر بل هو خير على ما وضع الله الشر والخير عليه في هذه الدنيا من المقابلة بين الضر والنفع ، ورجحان النفع في جانب الخير ورجحان الضر في جانب الشر اهـ . وتقدم ذكر الخير عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76أينما يوجهه لا يأت بخير في سورة النحل .
وبعد إزالة خاطر أن يكون ذلك شرا للمؤمنين أثبت أنه خير لهم فأتى بالإضراب لإبطال أن يحسبوه شرا ، وإثبات أنه خير لهم ; لأن فيه منافع كثيرة; إذ يميز به المؤمنون الخلص من المنافقين ، وتشرع لهم بسببه أحكام تردع أهل الفسق عن فسقهم ، وتتبين منه براءة فضلائهم ، ويزداد المنافقون غيظا ويصبحون محقرين مذمومين ، ولا يفرحون بظنهم حزن المسلمين ، فإنهم لما اختلقوا هذا الخبر ما أرادوا إلا أذى المسلمين ، وتجيء منه معجزات بنزول هذه الآيات بالإنباء بالغيب . قال في الكشاف : . . . وفوائد دينية وآداب لا تخفى على متأملها اهـ .
وعدل أن يعطف ( خيرا ) على ( شرا ) بحرف ( بل ) فيقال : بل خيرا لكم ، إيثارا للجملة الاسمية الدالة على الثبات والدوام .
[ ص: 173 ] والإثم : الذنب ، وتقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قل فيهما إثم كبير في سورة البقرة وعند قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=120وذروا ظاهر الإثم وباطنه في سورة الأنعام .
وتولي الأمر : مباشرة عمله والتهمم به .
( والكبر ) بكسر الكاف في قراءة الجمهور ، ويجوز ضم الكاف . وقرأ به
يعقوب وحده ، ومعناه : أشد الشيء ومعظمه ، فهما لغتان عند جمهور أيمة اللغة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج : المكسور بمعنى الإثم ، والمضموم : معظم الشيء .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11والذي تولى كبره هو
عبد الله بن أبي ابن سلول وهو منافق وليس من المسلمين .
وضمير ( منهم ) عائد إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11الذين جاءوا بالإفك . وقيل : الذي تولى كبره
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت لما وقع في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ( عن
مسروق قال : دخل
حسان على
عائشة فأنشد عندها أبياتا منها :
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فقالت له
عائشة : لكن أنت لست كذلك . قال
مسروق : فقلت : تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم فقالت : أي عذاب أشد من العمى .
والوعيد بأن له عذابا عظيما يقتضي أنه
عبد الله بن أبي ابن سلول . وفيه إنباء بأنه يموت على الكفر فيعذب العذاب العظيم في الآخرة وهو عذاب الدرك الأسفل من النار ، وأما بقية العصبة فلهم من الإثم بمقدار ذنبهم . وفيه إيماء بأن الله يتوب عليهم إن تابوا كما هو الشأن في هذا الدين .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28995_29382_30457_30723إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسِبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الْعَشْرَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=21وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ نَزَلَتْ فِي زَمَنٍ بَعِيدٍ عَنْ زَمَنِ نُزُولِ الْآيَاتِ الَّتِي مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28910وَالْإِفْكُ : اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى كَذِبٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ فَهُوَ بُهْتَانٌ يَفْجَأُ النَّاسَ . وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَفْكِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ قَلْبُ الشَّيْءِ ، وَمِنْهُ سُمِّيَ أَهْلُ
سَدُومَ وَعَمُّورَةَ وَأُدَمَةَ وَصَبُويِيمَ قُرَى قَوْمِ
لُوطٍ أَصْحَابَ الْمُؤْتَفِكَةِ ; لِأَنَّ قُرَاهُمُ ائْتَفَكَتْ ، أَيْ : قُلِبَتْ وَخُسِفَ بِهَا فَصَارَ أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا فَكَانَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ حَالَتِهِ الْوَاقِعِيَّةِ قَلْبًا لَهُ عَنْ حَقِيقَتِهِ فَسُمِّيَ إِفْكًا . وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=117فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ .
وَ ( جَاءُوا بِالْإِفْكِ ) مَعْنَاهُ : قَصَدُوا وَاهْتَمُّوا . وَأَصْلُهُ : أَنَّ الَّذِي يُخْبِرُ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ يُقَالُ لَهُ : جَاءَ بِخَبَرٍ كَذَا ، وَلِأَنَّ شَأْنَ الْأَخْبَارِ الْغَرِيبَةِ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْوَافِدِينَ مِنْ
[ ص: 170 ] أَسْفَارٍ أَوِ الْمُبْتَعِدِينَ عَنِ الْحَيِّ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ; فَشَبَّهَ الْخَبَرَ بِقُدُومِ الْمُسَافِرِ أَوِ الْوَافِدِ عَلَى وَجْهِ الْمَكْنِيَّةِ وَجَعَلَ الْمَجِيءَ تَرْشِيحًا وَعُدِّيَ بِبَاءِ الْمُصَاحَبَةِ تَكْمِيلًا لِلتَّرَشُّحِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29382_30569_30723وَالْإِفْكُ : حَدِيثٌ اخْتَلَقَهُ الْمُنَافِقُونَ وَرَاجَ عِنْدَ الْمُنَافِقِينَ وَنَفَرٍ مِنْ سُذَّجِ الْمُسْلِمِينَ إِمَّا لِمُجَرَّدِ اتِّبَاعِ النَّعِيقِ ، وَإِمَّا لِإِحْدَاثِ الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ . وَحَاصِلُ هَذَا الْخَبَرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342222أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَتُسَمَّى غَزْوَةَ الْمُرَيْسِيعِ وَلَمْ تَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا مَرْحَلَةٌ ، آذَنَ بِالرَّحِيلِ آخِرَ اللَّيْلِ . فَلَمَّا عَلِمَتْ عَائِشَةُ بِذَلِكَ خَرَجَتْ مِنْ هَوْدَجِهَا وَابْتَعَدَتْ عَنِ الْجَيْشِ لِقَضَاءِ شَأْنِهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ النِّسَاءِ قَبْلَ التَّرَحُّلِ فَلَمَّا فَرَغَتْ أَقْبَلَتْ إِلَى رَحْلِهَا فَافْتَقَدَتْ عِقْدًا مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ كَانَ فِي صَدْرِهَا فَرَجَعَتْ عَلَى طَرِيقِهَا تَلْتَمِسُهُ فَحَبَسَهَا طَلَبُهُ وَكَانَ لَيْلٌ . فَلَمَّا وَجَدَتْهُ رَجَعَتْ إِلَى حَيْثُ وُضِعَ رَحْلُهَا فَلَمْ تَجِدِ الْجَيْشَ وَلَا رَحْلَهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ الرِّجَالَ الْمُوَكَّلِينَ بِالتَّرَحُّلِ قَصَدُوا الْهَوْدَجَ فَاحْتَمَلُوهُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّ عَائِشَةَ فِيهِ وَكَانَتْ خَفِيفَةً قَلِيلَةَ اللَّحْمِ فَرَفَعُوا الْهَوْدَجَ وَسَارُوا فَلَمَّا لَمْ تَجِدْ أَحَدًا اضْطَجَعَتْ فِي مَكَانِهَا رَجَاءَ أَنْ يَفْتَقِدُوهَا فَيَرْجِعُوا إِلَيْهَا فَنَامَتْ وَكَانَ nindex.php?page=showalam&ids=4262صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطِّلِ ( بِكَسْرِ الطَّاءِ ) السُّلَمِيُّ ( بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ نِسْبَةً إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ وَكَانَ مُسْتَوْطِنًا الْمَدِينَةَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْعَرَبِ ) قَدْ أَوْكَلَ إِلَيْهِ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِرَاسَةَ سَاقَةِ الْجَيْشِ ، فَلَمَّا عَلِمَ بِابْتِعَادِ الْجَيْشِ وَأَمِنَ عَلَيْهِ مِنْ غَدْرِ الْعَدُوِّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ لِيَلْتَحِقَ بِالْجَيْشِ فَلَمَّا بَلَغَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ بِهِ الْجَيْشُ بَصُرَ بِسَوَادِ إِنْسَانٍ فَإِذَا هِيَ عَائِشَةُ وَكَانَ قَدْ رَآهَا قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَرْجَعَ ، وَاسْتَيْقَظَتْ عَائِشَةُ بِصَوْتِ اسْتِرْجَاعِهِ وَنَزَلَ عَنْ نَاقَتِهِ وَأَدْنَاهَا مِنْهَا وَأَنَاخَهَا فَرَكِبَتْهَا عَائِشَةُ وَأَخَذَ يَقُودُهَا حَتَّى لَحِقَ بِالْجَيْشِ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ رَأْسَ الْمُنَافِقِينَ فِي الْجَيْشِ فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا نَجَتْ مِنْهُ وَلَا نَجَا مِنْهَا . فَرَاجَ قَوْلُهُ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=144حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ nindex.php?page=showalam&ids=7927وَمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ بِكَسْرِ مِيمِ مِسْطَحٍ وَفَتْحِ طَائِهِ وَضَمِّ هَمْزَةِ أُثَاثَةَ وَحِمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ أُخْتِ nindex.php?page=showalam&ids=15953زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ [ ص: 171 ] حَمَلَتْهَا الْغَيْرَةُ لِأُخْتِهَا ضَرَّةِ عَايِشَةَ وَسَاعَدَهُمْ فِي حَدِيثِهِمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ .
فَالْإِفْكُ : عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الِاخْتِلَاقِ .
وَالْعُصْبَةُ : الْجَمَاعَةُ مِنْ عَشَرَةٍ إِلَى أَرْبَعِينَ كَذَا قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ . وَقِيلَ : الْعُصْبَةُ : الْجَمَاعَةُ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقِيلَ فِي مُصْحَفِ
حَفْصَةَ ( عُصْبَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنْكُمْ ) . وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ ، وَيُقَالُ : عِصَابَةٌ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ
يُوسُفَ .
وَ ( عُصْبَةٌ ) بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ ( جَاءُوا ) .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ خَبَرُ ( إِنَّ ) وَالْمَعْنَى : لَا تَحْسَبُوا إِفْكَهُمْ شَرًّا لَكُمْ; لِأَنَّ الضَّمِيرَ الْمَنْصُوبَ مِنْ ( تَحْسَبُوهُ ) لَمَّا عَادَ إِلَى الْإِفْكِ وَكَانَ الْإِفْكُ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلِ ( جَاءُوا ) صَارَ الضَّمِيرُ فِي قُوَّةِ الْمُعَرَّفِ بِلَامِ الْعَهْدِ . فَالتَّقْدِيرُ : لَا تَحْسَبُوا الْإِفْكَ الْمَذْكُورَ شَرًّا لَكُمْ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ ( إِنَّ ) قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَتَكُونَ جُمْلَةُ ( لَا تَحْسَبُوهُ ) مُعْتَرِضَةً .
وَيَجُوزُ جَعْلُ ( عُصْبَةٌ ) خَبَرَ ( إِنَّ ) وَيَكُونُ الْكَلَامُ مُسْتَعْمَلًا فِي التَّعْجِيبِ مِنْ فِعْلِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ مِنَ الْقَوْمِ أَشَدُّ نُكْرًا ، كَمَا قَالَ
طَرَفَةُ :
وَظُلْمُ ذَوِي الْقُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً عَلَى الْمَرْءِ مِنْ وَقْعِ الْحُسَامِ الْمُهَنَّدِ
وَذِكْرُ ( عُصْبَةٌ ) تَحْقِيرٌ لَهُمْ وَلِقَوْلِهِمْ ، أَيْ لَا يُعْبَأُ بِقَوْلِهِمْ فِي جَانِبِ تَزْكِيَةِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ لِمَنْ رَمَوْهُمَا بِالْإِفْكِ . وَوَصْفُ الْعُصْبَةِ بِكَوْنِهِمْ ( مِنْكُمْ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَفِي ذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِهِمْ بِأَنَّهُمْ حَادُوا عَنْ خُلُقِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ تَصَدَّوْا لِأَذَى الْمُسْلِمِينَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِإِزَالَةِ مَا حَصَلَ فِي نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْأَسَفِ مِنِ اجْتِرَاءِ عُصْبَةٍ عَلَى هَذَا الْبُهْتَانِ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةُ فَضَمِيرُ ( تَحْسَبُوهُ ) عَائِدٌ إِلَى الْإِفْكِ .
[ ص: 172 ] وَالشَّرُّ الْمَحْسُوبُ : أَنَّهُ أَحْدَثَ فِي نَفَرٍ مَعْصِيَةَ الْكَذِبِ وَالْقَذْفِ وَالْمُؤْمِنُونَ يَوَدُّونَ أَنْ تَكُونَ جَمَاعَتُهُمْ خَالِصَةً مِنَ النَّقَائِصِ ( فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْفَاضِلَةِ ) . فَلَمَّا حَدَثَ فِيهِمُ الِاضْطِرَابُ حَسِبُوهُ شَرًّا نَزَلَ بِهِمْ .
وَمَعْنَى نَفْيِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرًّا لَهُمْ ; لِأَنَّهُ يَضِيرُهُمْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْأَسَفِ الزَّائِلِ وَهُوَ دُونَ الشَّرِّ ; لِأَنَّهُ آيِلٌ إِلَى تَوْبَةِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ فَيَتَمَحَّضُ إِثْمُهُ لِلْمُنَافِقِينَ وَهُمْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى لَا يَضُرُّ ضَلَالُهُمُ الْمُسْلِمِينَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : حَقِيقَةُ الْخَيْرِ مَا زَادَ نَفْعُهُ عَلَى ضُرِّهِ وَحَقِيقَةُ الشَّرِّ مَا زَادَ ضَرُّهُ عَلَى نَفْعِهِ ، وَإِنَّ خَيْرًا لَا شَرَّ فِيهِ هُوَ الْجَنَّةُ ، وَشَرًّا لَا خَيْرَ فِيهِ هُوَ جَهَنَّمُ . فَنَبَّهَ اللَّهُ
عَائِشَةَ وَمَنْ مَاثَلَهَا مِمَّنْ نَالَهُ هَمٌّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَا أَصَابَهُمْ مِنْهُ شَرٌّ بَلْ هُوَ خَيْرٌ عَلَى مَا وَضَعَ اللَّهُ الشَّرَّ وَالْخَيْرَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ ، وَرُجْحَانِ النَّفْعِ فِي جَانِبِ الْخَيْرِ وَرُجْحَانِ الضُّرِّ فِي جَانِبِ الشَّرِّ اهـ . وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخَيْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ فِي سُورَةِ النَّحْلِ .
وَبَعْدَ إِزَالَةِ خَاطِرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرًّا لِلْمُؤْمِنِينَ أَثْبَتَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَهُمْ فَأَتَى بِالْإِضْرَابِ لِإِبْطَالِ أَنْ يَحْسَبُوهُ شَرًّا ، وَإِثْبَاتِ أَنَّهُ خَيْرٌ لَهُمْ ; لِأَنَّ فِيهِ مَنَافِعَ كَثِيرَةً; إِذْ يُمَيَّزُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ الْخُلَّصُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، وَتُشْرَعُ لَهُمْ بِسَبَبِهِ أَحْكَامٌ تَرْدَعُ أَهْلَ الْفِسْقِ عَنْ فِسْقِهِمْ ، وَتَتَبَيَّنُ مِنْهُ بَرَاءَةُ فُضَلَائِهِمْ ، وَيَزْدَادُ الْمُنَافِقُونَ غَيْظًا وَيُصْبِحُونَ مُحَقَّرِينَ مَذْمُومِينَ ، وَلَا يَفْرَحُونَ بِظَنِّهِمْ حُزْنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا اخْتَلَقُوا هَذَا الْخَبَرَ مَا أَرَادُوا إِلَّا أَذَى الْمُسْلِمِينَ ، وَتَجِيءُ مِنْهُ مُعْجِزَاتٌ بِنُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ بِالْإِنْبَاءِ بِالْغَيْبِ . قَالَ فِي الْكَشَّافِ : . . . وَفَوَائِدُ دِينِيَّةٌ وَآدَابٌ لَا تَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلِهَا اهـ .
وَعَدَلَ أَنْ يَعْطِفَ ( خَيْرًا ) عَلَى ( شَرًّا ) بِحَرْفِ ( بَلْ ) فَيُقَالُ : بَلْ خَيْرًا لَكُمْ ، إِيثَارًا لِلْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ .
[ ص: 173 ] وَالْإِثْمُ : الذَّنْبُ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَعِنْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=120وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
وَتَوَلِّي الْأَمْرِ : مُبَاشَرَةُ عَمَلِهِ وَالتَّهَمُّمُ بِهِ .
( وَالْكِبْرُ ) بِكَسْرِ الْكَافِ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ، وَيَجُوزُ ضَمُّ الْكَافِ . وَقَرَأَ بِهِ
يَعْقُوبُ وَحْدَهُ ، وَمَعْنَاهُ : أَشَدُّ الشَّيْءِ وَمُعْظَمُهُ ، فَهُمَا لُغَتَانِ عِنْدَ جُمْهُورِ أَيِمَّةِ اللُّغَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ : الْمَكْسُورُ بِمَعْنَى الْإِثْمِ ، وَالْمَضْمُومُ : مُعْظَمُ الشَّيْءِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ هُوَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ وَهُوَ مُنَافِقٌ وَلَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَضَمِيرُ ( مِنْهُمْ ) عَائِدٌ إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ . وَقِيلَ : الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=144حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ لِمَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : ( عَنْ
مَسْرُوقٍ قَالَ : دَخَلَ
حَسَّانُ عَلَى
عَائِشَةَ فَأَنْشَدَ عِنْدَهَا أَبْيَاتًا مِنْهَا :
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
فَقَالَتْ لَهُ
عَائِشَةُ : لَكِنْ أَنْتَ لَسْتَ كَذَلِكَ . قَالَ
مَسْرُوقٌ : فَقُلْتُ : تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَقَالَتْ : أَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى .
وَالْوَعِيدُ بِأَنَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا يَقْتَضِي أَنَّهُ
عَبْدُ اللَّهُ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ . وَفِيهِ إِنْبَاءٌ بِأَنَّهُ يَمُوتُ عَلَى الْكُفْرِ فَيُعَذَّبُ الْعَذَابَ الْعَظِيمَ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ عَذَابُ الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْعُصْبَةِ فَلَهُمْ مِنَ الْإِثْمِ بِمِقْدَارِ ذَنْبِهِمْ . وَفِيهِ إِيمَاءٌ بِأَنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِمْ إِنْ تَابُوا كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي هَذَا الدِّينِ .