ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج
اختلف في أن قوله تعالى : ليس على الأعمى حرج إلخ منفصل عن قوله : ولا على أنفسكم وأنه في غرض غير غرض الأكل في البيوت ، أي فيكون من تمام آية الاستئذان ، أو متصل بما بعده في غرض واحد .
فقال بالأول الحسن ، وهو مختار وجابر بن زيد الجبائي وابن عطية وابن العربي وأبي حيان . وقال ابن عطية : إنه ظاهر الآية . وهو الذي نختاره تفاديا من التكلف الذي ذكره مخالفوهم لبيان اتصاله بما بعده في بيان وجه الرخصة لهؤلاء الثلاثة الأصناف في الطعام في البيوت المذكورة ، ولأن في قوله : أن تأكلوا من بيوتكم إلى آخر المعدودات لا يظهر اتصاله بالأعمى والأعرج والمريض ، فتكون هذه الآية نفيا للحرج عن هؤلاء الثلاثة فيما تجره ضرارتهم إليهم من الحرج من الأعمال ، فالحرج مرفوع عنهم في كل ما تضطرهم إليه أعذارهم ، فتقتضي نيتهم الإتيان فيه بالإكمال ويقتضي العذر أن يقع منهم . فالحرج منفي عن الأعمى في التكليف الذي يشترط فيه البصر ، وعن الأعرج فيما يشترط فيه المشي والركوب ، وعن المريض في التكليف [ ص: 300 ] الذي يؤثر المرض في إسقاطه كالصوم وشروط الصلاة والغزو . ولكن المناسبة في ذكر هذه الرخصة عقب الاستئذان أن المقصد الترخيص للأعمى أنه لا يتعين عليه استئذان لانتفاء السبب الموجبه . ثم ذكر الأعرج والمريض إدماجا وإتماما لحكم الرخصة لهما للمناسبة بينهما وبين الأعمى .
وقال بالثاني جمهور المفسرين وقد تكلفوا لوجه عد هذه الأصناف الثلاثة في عداد الآكلين من الطعام الذي في بيوت من ذكروا في الآية الموالية .
والجملة على كلا الوجهين مستأنفة استئنافا ابتدائيا .