الواو عاطفة على قوله : فاذكروا الله عند المشعر الحرام والعطف يقتضي أن الذكر المأمور به هنا غير الذكر المأمور به في قوله : فاذكروا الله عند المشعر الحرام فيكون هذا أمرا بالذكر على العموم بعد الأمر بذكر خاص ، فهو في معنى التذييل بعد الأمر بالذكر الخاص في المشعر الحرام .
ويجوز أن يكون المراد من هذه الجملة هو قوله : كما هداكم فموقعها موقع التذييل . وكان مقتضى الظاهر ألا تعطف بل تفصل وعدل عن مقتضى الظاهر ، فعطفت بالواو باعتبار مغايرتها للجملة التي قبلها بما فيها من تعليل الذكر وبيان سببه ، وهي مغايرة ضعيفة لكنها تصحح العطف كما في قول الحارث بن همام الشيباني :
أيا ابن زيابة إن تلقني لا تلقني في النعم العازب وتلقني يشتد بي أجرد
مستقدم البركة كالراكب
وقوله : كما هداكم تشبيه للذكر بالهدى و " ما " مصدرية .
ومعنى التشبيه في مثل هذا المشابهة في التساوي ؛ أي : اذكروه ذكرا مساويا لهدايته إياكم فيفيد معنى المجازاة والمكافأة ، فلذلك يقولون : إن الكاف في مثله للتعليل ، وقد تقدم الفرق بينها وبين كاف المجازاة عند قوله تعالى : فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا وكثر ذلك في الكاف التي اقترنت بها ( ما ) كيف كانت ، وقيل : ذلك خاص بـ " ما " الكافة ، والحق أنه وارد في الكاف المقترنة بـ " ما " وفي غيرها .
وضمير ( من قبله ) يرجع إلى الهدى المأخوذ من " ما " المصدرية و ( إن ) مخففة من " إن " الثقيلة .
والمراد ضلالهم في الجاهلية بعبادة الأصنام وتغيير المناسك وغير ذلك .