وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون
موقع هذا موقع الاستئناف البياني ؛ لأن قوله وإن ربك لذو فضل على الناس يثير سؤالا في نفوس المؤمنين أن يقولوا : إن هؤلاء المكذبين قد أضمروا المكر وأعلنوا الاستهزاء فحالهم لا يقتضي إمهالهم ؟ فيجاب بأن الذي أمهلهم مطلع على ما في صدورهم وما أعلنوه وأنه أمهلهم مع علمه بهم لحكمة يعلمها .
[ ص: 29 ] وفيه إشارة إلى أنهم يكنون أشياء للنبيء صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، منها : أنهم يتربصون بهم الدوائر ، وأنهم تخامر نفوسهم خواطر إخراجه وإخراج المؤمنين . وهذا الاستئناف لما كان ذا جهة من معنى وصف الله بإحاطة العلم عطف جملته على جملة وصف الله بالفضل ، فحصل بالعطف غرض ثان مهم ، وحصل معنى الاستئناف البياني من مضمون الجملة .
وأما التوكيد بـ " إن " فهو على نحو توكيد الجملة التي قبله . ولك أن تجعله لتنزيل السائل منزلة المتردد وذلك تلويح بالعتاب .
و " تكن " تخفي وهو من ( أكن ) إذا جعل شيئا كانا ، أي حاصلا في كن . والكن : المسكن . وإسناد " تكن " إلى الصدور مجاز عقلي باعتبار أن الصدور مكانه . والإعلان : الإظهار .