nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76nindex.php?page=treesubj&link=28999_27209_29497إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة
إذ ظرف منصوب بفعل " بغى عليهم " ، والمقصود من هذا الظرف القصة ، وليس القصد به توقيت البغي ؛ ولذلك قدره بعض المفسرين متعلقا بـ " اذكر " محذوفا وهو المعني في نظائره من القصص .
والمراد بالقوم بعضهم ، إما جماعة منهم وهم أهل الموعظة ، وإما
موسى عليه السلام ، أطلق عليه اسم القوم ؛ لأن أقواله قدوة للقوم ، فكأنهم قالوا قوله .
[ ص: 178 ] والفرح يطلق على السرور كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=22وفرحوا بها في يونس ، ويطلق على البطر والازدهاء ، وهو الفرح المفرط المذموم ، وتقدم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=26وفرحوا بالحياة الدنيا في سورة الرعد ، وهو التمحض للفرح . والفرح المنهي عنه هو المفرط منه ، أي الذي تمحض للتعلق بمتاع ولذات النفس به ؛ لأن الانكباب على ذلك يميت من النفس الاهتمام بالأعمال الصالحة والمنافسة لاكتسابها ، فينحدر به التوغل في الإقبال على اللذات إلى حضيض الإعراض عن الكمال النفساني والاهتمام بالآداب الدينية ، فحذف المتعلق بالفعل لدلالة المقام على أن المعنى لا تفرح بلذات الدنيا معرضا عن الدين والعمل للآخرة ، كما أفصح عنه قوله : وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة . وأحسب أن الفرح إذا لم يعلق به شيء دل على أنه صار سجية الموصوف ، فصار مرادا به العجب والبطر . وقد أشير إلى بيان المقصود تعضيدا لدلالة المقام بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إن الله لا يحب الفرحين ، أي المفرطين في الفرح ، فإن صيغة " فعل " صيغة مبالغة مع الإشارة إلى تعليل النهي ، فالجملة علة للتي قبلها ، والمبالغة في الفرح تقتضي شدة الإقبال على ما يفرح به ، وهي تستلزم الإعراض عن غيره ، فصار النهي عن شدة الفرح رمزا إلى الإعراض عن الجد والواجب في ذلك .
وابتغاء الدار الآخرة : طلبها ، أي طلب نعيمها وثوابها ، وعلق بفعل الابتغاء قوله : " فيما آتاك الله " بحرف الظرفية ، أي اطلب بمعظمه وأكثره . والظرفية مجازية للدلالة على تغلغل ابتغاء الدار الآخرة في ما آتاه الله ، وما آتاه هو كنوز المال ، فالظرفية هنا كالتي في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وارزقوهم فيها واكسوهم أي منها ومعظمها ، وقول سبرة بن عمرو الفقعسي :
نحابي بها أكفاءنا ونهينهـا ونشرب في أثمانها ونقامر
أي اطلب بكنوزك أسباب حصول الثواب بالإنفاق منها في سبيل الله وما أوجبه ورغب فيه من القربان ووجوه البر .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76nindex.php?page=treesubj&link=28999_27209_29497إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ
إِذْ ظَرْفٌ مَنْصُوبٌ بِفِعْلِ " بَغَى عَلَيْهِمْ " ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الظَّرْفِ الْقِصَّةُ ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ بِهِ تَوْقِيتَ الْبَغْيِ ؛ وَلِذَلِكَ قَدَّرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ مُتَعَلِّقًا بِـ " اذْكُرْ " مَحْذُوفًا وَهُوَ الْمَعْنِيُّ فِي نَظَائِرِهِ مِنَ الْقَصَصِ .
وَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ بَعْضُهُمْ ، إِمَّا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ وَهُمْ أَهْلُ الْمَوْعِظَةِ ، وَإِمَّا
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْقَوْمِ ؛ لِأَنَّ أَقْوَالَهُ قُدْوَةٌ لِلْقَوْمِ ، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا قَوْلَهُ .
[ ص: 178 ] وَالْفَرَحُ يُطْلَقُ عَلَى السُّرُورِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=22وَفَرِحُوا بِهَا فِي يُونُسَ ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْبَطَرِ وَالِازْدِهَاءِ ، وَهُوَ الْفَرَحُ الْمُفْرِطُ الْمَذْمُومُ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=26وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي سُورَةِ الرَّعْدِ ، وَهُوَ التَّمَحُّضُ لِلْفَرَحِ . وَالْفَرَحُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الْمُفْرِطُ مِنْهُ ، أَيِ الَّذِي تَمْحَضَّ لِلتَّعَلُّقِ بِمَتَاعِ وَلَذَّاتِ النَّفْسِ بِهِ ؛ لِأَنَّ الِانْكِبَابَ عَلَى ذَلِكَ يُمِيتُ مِنَ النَّفْسِ الِاهْتِمَامَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالْمُنَافَسَةِ لِاكْتِسَابِهَا ، فَيَنْحَدِرُ بِهِ التَّوَغُّلُ فِي الْإِقْبَالِ عَلَى اللَّذَّاتِ إِلَى حَضِيضِ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْكَمَالِ النَّفْسَانِيِّ وَالِاهْتِمَامِ بِالْآدَابِ الدِّينِيَّةِ ، فَحُذِفَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْفِعْلِ لِدَلَالَةِ الْمَقَامِ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى لَا تَفْرَحْ بِلَذَّاتِ الدُّنْيَا مُعْرِضًا عَنِ الدِّينِ وَالْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ ، كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ قَوْلُهُ : وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ . وَأَحْسَبُ أَنَّ الْفَرَحَ إِذَا لَمْ يَعْلَقْ بِهِ شَيْءٌ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ صَارَ سَجِيَّةَ الْمَوْصُوفِ ، فَصَارَ مُرَادًا بِهِ الْعُجْبُ وَالْبَطَرُ . وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى بَيَانِ الْمَقْصُودِ تَعْضِيدًا لِدَلَالَةِ الْمَقَامِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ، أَيِ الْمُفْرِطِينَ فِي الْفَرَحِ ، فَإِنَّ صِيغَةَ " فَعِلٍ " صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى تَعْلِيلِ النَّهْيِ ، فَالْجُمْلَةُ عِلَّةٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْفَرَحِ تَقْتَضِي شِدَّةَ الْإِقْبَالِ عَلَى مَا يُفْرَحُ بِهِ ، وَهِيَ تَسْتَلْزِمُ الْإِعْرَاضَ عَنْ غَيْرِهِ ، فَصَارَ النَّهْيُ عَنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ رَمْزًا إِلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ الْجِدِّ وَالْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ .
وَابْتِغَاءُ الدَّارِ الْآخِرَةِ : طَلَبُهَا ، أَيْ طَلَبُ نَعِيمِهَا وَثَوَابِهَا ، وَعَلِقَ بِفِعْلِ الِابْتِغَاءِ قَوْلُهُ : " فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ " بِحَرْفِ الظَّرْفِيَّةِ ، أَيِ اطْلُبْ بِمُعْظَمِهِ وَأَكْثَرِهِ . وَالظَّرْفِيَّةُ مَجَازِيَّةٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَغَلْغُلِ ابْتِغَاءِ الدَّارِ الْآخِرَةِ فِي مَا آتَاهُ اللَّهُ ، وَمَا آتَاهُ هُوَ كُنُوزُ الْمَالِ ، فَالظَّرْفِيَّةُ هُنَا كَالَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ أَيْ مِنْهَا وَمُعْظَمِهَا ، وَقَوْلِ سَبْرَةَ بْنِ عَمْرٍو الْفَقْعَسِيِّ :
نُحَابِي بِهَا أَكْفَاءَنَا وَنُهِينُهَـا وَنَشْرَبُ فِي أَثْمَانِهَا وَنُقَامِرُ
أَيِ اطْلُبْ بِكُنُوزِكَ أَسْبَابَ حُصُولِ الثَّوَابِ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا أَوْجَبَهُ وَرَغَّبَ فِيهِ مِنَ الْقُرْبَانِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ .